قررت لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية برئاسة المستشار يوسف المطاوعة وعضوية المستشارين محمد بن ناجي وخالد سالم رفض الطعون المقامة من عدد من مديري وزارة الشؤون المحالين إلى التقاعد بطلب الطعن منهم على عدم دستورية قانون الخدمة المدنية في شأن إحالتهم إلى التقاعد.

Ad

وقالت لجنة فحص الطعون في حيثيات حكمها ان حق العمل الذي كفله الدستور ليس حقا مطلقا يتأبى على التنظيم التشريعي وفق ما تقتضيه مصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها، وان جواز احالة الموظف الى التقاعد الذي ورد بالنص المطعون عليه بقانون الخدمة المدنية جاء مستندا الى ما هو مقرر قانونا في حدود سلطة المشرع التقديرية في تنظيم شؤون التوظف في الخدمة المدنية حسبما يوجبه الصالح العام وفقا لحاجة العمل، ولا يعد هذا التنظيم مناهضا لحق العمل او مستنقصا منه او منطويا على العصف به.

وقالت المحكمة في حكمها ذلك ان علاقة الموظف بالمرفق العام هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح المنظمة لشؤون الخدمة المدنية، ويخضع لها الموظف فيستمد حقوقه منها، كما يلتزم بالواجبات التي تقررها، وقد اوردت المادة 32 من قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 اسباب انتهاء الخدمة من بينها بلوغ الموظف السن المقررة قانونا، كما جعلت احالة الموظف الى التقاعد سببا آخر من اسباب انتهاء الخدمة، ورددت المادة 71 من المرسوم الصادر في شأن نظام الخدمة المدنية ذات الحكم، ثم أجازت الفقرة الاولى من نص المادة 76 من هذا المرسوم احالة الموظف الى التقاعد بشرط ان يكون مستحقا لمعاش تقاعدي.

 وأضافت المحكمة أن الواضح من هذه الفقرة في تلك المادة انها قد اشتملت على قاعدة تنظيمية عامة تتسم بالعمومية والتجريد ولا تقيم تمييزا بين المراكز القانونية للموظفين المدنيين المخاطبين بها او تُناقض ما بينها من اتساق بل تشملهم جميعا وفق قواعد موحدة في مضمونها واثارها، وبالتالي فإن النعي على النص المطعون فيه بمقولة اخلاله بمبدأ المساواة لا يكون له من أساس، فضلا عن ان مجال اعمال مبدأ تكافؤ الفرص في نطاق تطبيق ذلك النص يغدو منتفيا اذ لا صلة من هذه الناحية بفرص قائمة يُجرى التزاحم عليها، كما يضحى القول بتصادم النص مع حق العمل اقحاما له في غير مجاله، كما انه عن الادعاء بان هذا النص بالصبغة التي ورد بها قد أسيء تطبيقه وافسح المجال للجهة الادارية وفق سلطتها التقديرية في اصدار قرارات الاحالة الى التقاعد دون قيد او ضابط، فمردود بأن هذا الادعاء انما يتعلق بتطبيق النص وان الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية في شأن دستورية النصوص التشريعية مناطها مخالفة النص التشريعي لنصوص الدستور، ولا شأن لها بكيفية تطبيقه لخروج هذا الامر عن نطاق رقابتها، كما ان التطبيق الخاطئ له لا يعد مثلبا دستوريا، اما بخصوص تعييب النص بانه قد جاء خلواً من بيان الحالات التي يجوز فيها للجهة الادارية احالة الموظف الى التقاعد وخلواً من اشتراط لزوم ذكر الجهة الادارية الاسباب في قرارها فإن هذا النعي يتعلق بملاءمة التشريع، وهو مما تنحسر عنه رقابة المحكمة الدستورية.