بلطف بالغ اعتذرت منها الجرسونة حين قصدنا أحد المطاعم أثناء زيارة قمت بها لليابان، ورغم حاجز اللغة فإنها انحنت لتتأسف عن عدم استقبالنا، في هذه الأثناء، كان لكل شخص منّا تخمين عن سر عدم استقباله، هناك من قال بأن هناك مطاعم وأماكن لا تستقبل سوى اليابانيين، وهناك تخمين آخر أن يكون دخول هذا المطعم بالحجز المسبق، وظل هناك تخمين أن المكان ممتلئٌ، حتى دخلت مجموعة من اليابانيين ورحب بهم المطعم ودخلوا، شعرنا كلنا بامتعاض شديد لأننا دون قصد رجحنا الظن الأول، ولربما هو ظن خاطئ على أي حال، ومع ذلك ظلت الجرسونة تعتذر بأدب جم، وأوصلتنا إلى الباب وهي تنحني أسفاً!

Ad

تأثرت كثيراً لهذا اليوم، لأنني شعرت بالإقصاء عرفت كيف هو شعور غير الكويتي في الكويت، نحن بقصد أو بدون قصد نعاملهم بكثير من العنصرية شئنا أم أبينا، وتعلمت في ذلك اليوم إن كانت قوانين البلد تقف في مصلحة المواطن فإن هذا لا يعطيك الحق أن تعامل غير المواطن بقلة بأدب، ما المانع في أن تعتذر منه بلطف بدلاً من التلفظ بجمل عنصرية بحتة مثل "اقصاك من هالجنسية" وأنا "كيفي كويتي" و"اسكت لا أسفرك".

 حين يتربى شعب كامل على هذا الاعتداد المبالغ فيه بالنفس فهذا مؤشر مخيف على خواء الذات من أي عمق إنساني، والإنسان دون أن يحترم غيره هو شخص غير محترم، وحين يتعامل معك شعب كبير وعظيم كشعب اليابان بكثير من الاحترام، أشعر بالأسى أن في الكويت هناك هذا التجاوز المخيف لاحترام الآخر، حين تتربى الأجيال على الكثير من العنصرية وإقصاء الآخر فهو شيء مؤلم!

لا يمكن لأي شخص أن يشعر بسوء ما يفعل بغيره إلى أن يتعرض له شخصياً، الشعور أنك تعامَل بشكل مختلف، بألا تملك نفس الحقوق، بأن هذا المكان لا يسمح لك بالدخول فقط بسبب جنسيتك، ستشعر بمهانة فظيعة تجبرك على أن تعامل هذا الآخر بلطف لأن كل شخص في هذا العالم يستحق أن يعامل بكرامة وليس العكس.

قفلة:

الوطنية الحقيقية لا تكمن فقط برفع الأعلام وسماع الأغاني الوطنية، أو بالاعتزاز بموروثاتنا القبلية، الوطنية الحقيقية أن تشرف وطنك في الداخل والخارج من خلال أخلاقك، وإنسانيتك، واحترامك للقوانين، ومحافظتك على أموال وطنك، والحرص على نظافته، وكل هذه الأمور مفقودة مع كل أسف لدى العديد ممن اكتفوا بشعارات خاوية دون أفعال.