إن ذهبت يوماً إلى "حراج السيارات" فنصيحة دع "الإحراج" في البيت، فهناك قطعان "الشريطية"- المش كويسيين طبعاً وليس الأمناء- لن ترحم لك حياءً وستندس بين سطور أعشاش خجلك لتبيض وتفقس، وهي "تكرع" وتَعبُ حتى الثمالة من عرق جبينك، كن حاسماً وحدد سعرك ولا تلتفت إلى بهرجة القول وسحره، هناك لا حل آخر أمامك إن حمي وطيس معارك المساومات الشريطية إلا بتلمس طريقك بعين بصرك وبصيرة عقلك وثق أنه في كل الأحوال ومن واقع تجربة لن ترجع من هناك حتماً "براس الدريعي"، ولكن أرجع على الأقل "براس مالك" عوضاً من أن تجر أذيال الخيبة!
والشريطية- المش كويسيين- لهم علامات كثيرة حددها كل من كان منصوباً عليه منهم أو كان مجروراً بكسرة الخاطر بعد ضياع حلاله "وعينه تشوف"!، وأهم هذه العلامات قاعدتين اثنتين؛ أولاهما، أن "الشريطي" يبيعك "غالي" ويشتري منك رخيص. وثانيتهما، هي تدليسه عليك بالقطع المقلدة التي لا تغني عن "الأصلي" شيئاً لا جودة ولا مصداقية.هاتان القاعدتان تحديداً هما خلاصة بروتوكولات "حكماء بني شرطان" الذين يسعون لبناء هيكل حلمك العظمي بعد مص آخر قطرة من دمه و"هبر" آخر غرام من شحمه ولحمه!والشريطية لا يتواجدون حصراً في "حراجات السيارات" فقط بل قد تراهم في كل "حراج" يسام به الشيء ولزوم الشيء أعلاه، الأثاث المستعمل، الكهربائيات، حتى السياسة لها "حراج" ولها "شريطية" يتبعون نفس القواعد السابقة. السياسي الشريطي يبيعك الأوهام بثمن غالٍ ومكلف حتى لو كان هذا الوهم لا يساوي همه فسيحرص على تزيينه في عينك وتكحيل أهدابك بجمل فخمة مثل مسؤوليتك الوطنية، ومستقبل البلاد، وآمال أطفالك، وحلم أجدادك! أما إن اشترى منك أحلام سكن أو تعليم أو صحة فسيبخسك الثمن، ولن تتعدى فاتورته جملة في ندوة، أو سطر في بيان، أو سؤال في برلمان، والسياسي الشريطي أيضا يبهرك بمؤثرات القطع المقلدة التي قد تجلب لك الاسترخاء مؤقتاً لكنها لن تجلب لك بالتأكيد الرخاء الذي تنشده لوطنك مستقبلاً، هو يقول فيك شعراً وقد يعزمك على "شالية أبيات مقفاة" تطل على بحور الشعر الستة عشر، وقد ينثر فوق رأسك بالأطنان النثر المنمق المزركش، وأحياناً قد يحمل لك بين كفيه باقة منتقاة من ورود الوعود الاصطناعية منزوعة الرائحة!لكن إن طلبت منه مادة دستورية أصلية تضمن بها حقوقك، فلن يعطيها لك أبداً! وإن طلبت منه رسم لوحة مشروع سياسي فلن يرسمها لك أبداً! وإن طلبت منه خدمة وطنية فسيطالبك قبلها بالاشتراك بنطاق تغطية مصالحه وتسديد فواتير لم تستفد منها أبداً!"شريطية" السيارات ("المش كويسين") هم تماماً نسخة "شريطية" السياسة ("المش كويسين) أيضاً، الفرق الوحيد هو أن شريطية السيارات يسومون فقط "سيارة مواطن"، بينما شريطية السياسة... يسومون "مسيرة وطن" سوء العذاب!
مقالات
«حراج السياسة»
12-04-2014