لاشك أن حبس حرية أمين عام حركة حشد المعارضة، النائب السابق مسلم البراك، أمر كنت أتمنى وكثيرون معي ألا يحدث، لكنني لن أخوض في قرار النيابة العامة، وإن كانت الآراء التي صدرت معارضة لقرار الحبس ذات وجاهة وأسانيد من القانون والسوابق القضائية، ولكن بكل وضوح  مسلم البراك يخوض معركته الإصلاحية – كما يرى هو– والتي نذر نفسه لها وأعد كفنه من أجلها، وهنا يجب أن نقدر لهُ سواء اختلفنا أو اتفقنا معه، أنه يدفع ثمن قضية يؤمن بها من حريته وصحته وجهده.

Ad

بالتأكيد أن البراك اليوم على المحك، كما هي الجهات التي يتهمها، فإما أن يثبت أن هناك فساداً ينخر في جهات مفصلية في الدولة بالوثائق والمعلومات التي يمتلكها وإما أنها ستكون ضربة قاضية لمسيرته السياسية والقضية التي يطرحها، وبنفس القدر فإن الجهات المتهمة أيضاً عليها أن تثبت شفافيتها وحياديتها، ولا تقامر بأن تفقد ثقة الشعب الكويتي فيها ومصداقيتها بأي استخدام غير حكيم وغير مدروس لصلاحياتها الواسعة وأحكامها النافذة.

الاتهامات المطروحة لا يمكن التعامل معها بالأساليب المعتادة من تحقيق تقليدي ومحاكمة اعتيادية، بل تحتاج إلى تعامل مختلف، فإغلاق ملف الإيداعات المليونية بالشكل الذي تم به أحد أسباب ما نراه اليوم من تصاعد وتيرة الاتهامات ووصولها إلى مستويات رفيعة، لذا فإن محاولة إغلاق اتهامات البراك بنفس الأسلوب السابق دون معالجة واسعة تشريعية وإصلاحية للقضايا التي تتعلق بالشكوك في الذمة المالية لقياديين وأعضاء في سلطات عدة سيفجر قضايا وفضائح أكبر وأشد في البلد بتداعيات واسعة بعد فترة قصيرة من الزمن.

ولذلك فإن المطلوب أن يمنح البراك الحرية لكي يعرض قضيته دون قيود أمام محكمة مفتوحة وشفافة أو لجان محايدة مساندة كي يخرج البلد ومؤسساته الحيوية من الوضع الحرج محلياً ودولياً بسبب الاتهامات الموجهة إلى رجالات مهمين فيها وسياسيين سابقين وحاليين، ويدعم كل ذلك بتشريعات عاجلة مطلوبة لملاحقة قضايا الفساد ومنح الصلاحيات المطلوبة للجهات التي سيناط بها التحقيق حتى لو تطلب ذلك إصدار مراسيم ضرورة أو دعوة مجلس الأمة إلى دور انعقاد طارئ لإقرار تلك القوانين، لأن استمرار حالة التوتر والشك وعدم اليقين في مؤسسات الدولة خطر داهم لا يمكن توقع تداعياته المفاجئة والسريعة في أي وقت على استقرار وأمن البلد.