صفقة «الكويتية»... وأسطوانة حل الإسكان»!
كالعادة، فالمشهد الكويتي على حاله تتناوبه الصراعات والفضائح لاسيما المالية منها، وكان آخرها قضية طائرات الخطوط الجوية الكويتية والاتهامات المتبادلة بين عدة أطراف بالتجاوز على المال العام والضرر به، وما صاحبها من الإشاعات المنتشرة في الأوساط الاجتماعية عن العمولات والجهات المنتفعة والمتضررة من هذه الصفقة، وكالمعتاد أيضاً، فإن الرأي العام في النهاية لن يعرف الحقيقة حول أي صراع أو قضية تشغل أوساطه، ولن يعرف الصادق من الكاذب، والمتنفع من المال العام من الأمين عليه، وستكون الفضيحة أو الأزمة المتداولة ملفاً جديداً من ملفات الأزمات المبهمة على أرفف الإحباط وخيبات الأمل الكويتية.فمن الذي سيجرؤ على كشف حقائق ملفات الفساد أو الصفقات المشتبه فيها وفضح أبطالها للكويتيين وإدانتهم، ما دامت مؤسسات الدولة من سلطات دستورية مختلفة طُعِن في أعضائها وفي ذممهم المالية، وأحاطت بهم الشبهات في قضايا الإيداعات والتحويلات والعشرات من قضايا الفساد الأخرى منذ أكثر من 15 عاماً، ولم تنتفض تلك السلطات لتنقية سمعتها وتطهير نفسها عبر تطبيق فوري لقانون كشف الذمة المالية، ومنع تضارب المصالح، ووقف ممارسة الأعمال التجارية لأصحاب المناصب القيادية في الحكومة والبرلمان والقضاء؟ وها هو قانون كشف الذمة المالية مازال حبراً على ورق، وتُدرس صياغة لائحته التنفيذية بنهج يشبه إعادة صناعة العجلة، في حين تبحث الحكومة في تقديم تعديلات جوهرية على القانون مما يعني أن تطبيقه أمر لا يحبذه مَن بيدهم الحل والربط في البلد.
الخلاصة أننا سنعيش وسط الخيبات والفضائح والعثرات، وسيشغلنا بين فترة وأخرى ملف جديد لفضيحة مالية على خلفية صفقة ما، أو صراع على موقع سياسي أو قيادي ما، وسيُتهم على إثرها "سين" من الناس بأنه رشا "ص" من الرعية ليحصل على تلك الصفقة أو ذلك الموقع الرفيع، دون أن يتحرك أحد، وستتراكم الخيبات والإحباط لدى الأغلبية من مختلف أطياف المجتمع وأجياله، لتتعاظم خسائر البلد حتى يقرر مَن بيدهم القرار يوماً أنه حان الوقت أن يبدأ إصلاح حقيقي دون مراوغة ولعب بالوقت والمصطلحات يكون مدخله الحقيقي وعنوانه الرئيسي التطبيق الكامل والفوري لقانون مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية وتضارب المصالح، وعدم تعطيل ذلك بمبررات واهية تتعلق بإعداد اللوائح التنفيذية والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال!* * * خلال حياتي المهنية الصحافية البرلمانية، منذ مطلع التسعينيات، في القرن الماضي، حضرت عشرات الجلسات البرلمانية التي خُصِّصت كلياً لبحث القضية الإسكانية أو جزئياً لإقرار قوانين تتعلق بها، وصدرت عدة تشريعات لحل تلك القضية دون طائل، ولم تؤدِّ إلى تخفيف حدتها، بل إن عدد الطلبات الإسكانية اليوم تضاعف ومدة الانتظار كذلك، وجلسة مجلس الأمة الخميس المقبل لبحث "الإسكان" غالباً ما سيكون مصيرها كمصير سابقاتها، ومع ذلك نتمنى أن تقدم جهداً مميزاً لحل القضية رغم شكّنا في جدية الحكومة في ذلك، فمازالت المدن الحدودية المتكاملة حبراً على ورق، ومدينة الحرير مجرد خيال في أفلام ثلاثية الأبعاد ومحل صراع بين المتنفذين على تنفيذها، لذلك نطالب النواب بأن يأخذوا مع الحكومة وقتهم في الحل، ولكن هل يستطيعون أن يقوموا حالياً بعمل فوري لتخفيف معاناة الشباب بإصدار قانون فوري بتقييد ارتفاع الإيجارات، ووضع لجنة لتحديد قيمتها وفقاً للمواصفات والموقع لتتمكن الأسر الشبابية من أن تعيش في ظل ارتفاع قيمة الإيجارات الجنونية؟