استمرار غياب الشفافية عن العديد من إفصاحات الشركات في البورصة الكويتية يساهم في غياب المعلومة الصحيحة عن متداولي السوق والمساهمين بشكل عام، دون محاسبة ومراقبة من الجهات التنظيمية.

Ad

لاتزال محدودية الشفافية في الوقت الحالي مشكلة رئيسية تؤرق متداولي سوق الكويت للأوراق المالية، ولاتزال هيئة أسواق المال المسؤولة الأولى عن غياب تطبيق العديد من مواد اللائحة التنفيذية لقانونها، والمسؤولة عن "تغييب" العديد من إدارات الشركات المدرجة في البورصة لمساهميها عن أوضاع شركاتهم.

وسبق أن تناولنا في تقارير سابقة موضوع غياب الشفافية في إفصاحات الشركات المدرجة في البورصة، وافتقار العديد منها إلى أساسيات الإفصاحات "الواضحة"، لكن لم يتغير الوضع حتى الآن باستثناء بعض المبادرات الإيجابية من بعض الشركات "ذاتياً"، حتى دون أن تجبرها "هيئة السوق" أو إدارة البورصة على ذلك رغم أنها مكلفة قانوناً بالقيام بمهامها الرقابية والتنظيمية في هذا الإطار.

 

معايير الشفافية

 

وسبق أن أشرنا إلى أن أمرا رئيسيا مثل الشفافية ووجودها في البورصة الكويتية، يجب ألا يتم التغاضي عنه وتناسيه، خصوصاً وأن من أهم أهداف إنشاء هيئة أسواق المال هو تطبيق معايير الشفافية بالإضافة إلى الرقابة والتنظيم.

ويطمح المساهمون في الشركات الكويتية أن يعلموا عن تطورات عمل شركاتهم وأدائها،  لا أن يتم تجاهل حقوقهم، وهذا الأمر من مسؤولية هيئة أسواق المال قبل إدارات الشركات نفسها، كونها المعنية بتطبيق هذا الأمر، وكون قضية حماية حقوق مساهمي الشركات من صميم أعمالها ورقابتها.

ويقول مراقبون ان هناك بعض المعايير التي تعتبر أساسية ورئيسية في عملية الشفافية في أسواق المال بشكل عام، المتقدمة منها والناشئة، وتشكل فيما بينها العمود الرئيسي للإفصحات المطلوبة لجميع متداولي أسواق المال ومساهمي الشركات للوقوف على تطورات عمل شركاتهم، أولها أن يكون توقيت الإفصاح مناسباً، لا أن يكون في "الوقت الضائع"، وهنا يجب الوقوف على أهمية الإعلان عن أبرز ما تمر به الشركة في وقتها، أي أنها – على سبيل المثال -  يجب أن تعلن عن دخولها في مفاوضات للتخارج من أصل أو شرائها أصل أو إعادة جدولة ديون تعرض استثمار ما لضرر، في نفس الوقت لا بعد انتهاء المفاوضات.

 

إفصاح مفهوم

 

ثاني أهم المعايير المطلوبة هو ضرورة أن تكون المعلومات الواردة في الإفصاحات صحيحة غير ناقصة أو مُبهمة، أي انه يجب أن يشتمل على أهم المعلومات المالية الرئيسية وتأثيراتها على أوضاع الشركة المالية والإدارية.

ويرى مراقبون أن المعيار الثالث للشفافية المطلوبة في الإفصاحات يركز على ضرورة أن يكون الإفصاح مفهوماً لعامة المتداولين والمساهمين، يستطيع من خلالها صغار المساهمين – وهم عادةً ما يشكلون النسبة الكبرى من المساهمين في العديد من الشركات – أن يقرروا توجهاتهم المستقبلية وتحركاتهم على الأسهم من خلال هذه الإفصاحات، من خلال المعلومات "المبسطة" الواردة فيها.

وعلى سبيل المثال بالنسة الى الإفصاحات السليمة "المطلوبة"، أفصحت شركة المجموعة المشتركة الاسبوع الماضي أنه "تمت ترسية مناقصة خاصة بصيانة وإنشاء شبكة المجاري الصحية في محافظة العاصمة حسب ما تم الاعلان عنه على موقع لجنة المناقصات المركزية على الانترنت، والأثر المتوقع على الوضع المالي للشركة هو تحقيق نسبة هامش ربح قدرها 1.39 في المئة من قيمة الحصة في المشروع بنهاية السنة الأولى، ونسبة 1.66 في المئة من قيمة الحصة في المشروع بنهاية السنة الثانية ونسبة 1.67 في المئة بنهاية السنة الثالثة ونسبة 0.28 في المئة بنهاية السنة الرابعة، مع ملاحظة أن نسبة هامش الربح المذكورة هي نسبة تقديرية وغير ثابتة وتتغير صعوداً وهبوطاً على ضوء مراحل سير المشروع ومدة التنفيذ ونسب الانجاز ومدى تحقيق النتائج الفعلية بعد التنفيذ الكامل للمشروع وتسليمه للمالك، علماً أن الشركة لم تتسلم اي كتاب رسمي في هذا الشأن حتى تاريخ الإفصاح"، ونرى من خلال هذا الإفصاح أن الشركة ذكرت هامش الربح المتوقع تحقيقه خلال سنوات تنفيذه دون أن تتركها مبهمة.

 

معلومات ناقصة

 

أما على الجانب المقابل، أعلنت شركة تصنيف وتحصيل الاموال قبل مدة أن "شركة مملوكة لها بصدد بيع عقار، وسوف تعلن عن مبلغ البيع وتأثيره على البيانات المالية للشركة عند اتمام عملية البيع"، دون أن يكون هناك توضيح لنوع العقار ومكانه وسعر شرائه والسعر المُتفاوض عليه وحتى الفترة الزمنية التي ستستغرقها العملية حتى الإعلان الرسمي عنها!

ولا بد لهيئة السوق أن تتحرك بشكل فعلي لتحقيق الشفافية المنشودة بعيداً عن جلوسها متفرجة فقط عما يحدث من أخطاء في إفصاحات العديد من الشركات، رغم أن اللائحة التنفيذية تنص في بعض موادها على تحقيق مبدأ الشفافية في الإفصاحات والتداولات، كما أن إدارة البورصة يجب أن تُلغي دور "المتفرج الصامت" وتبدأ بالتحرك وفق صلاحياتها القانونية التي كفلها لها قانون "هيئة أسواق المال"، نظراً لأن استمرار عبث البعض في إفصاحاتهم دون محاسبة من الجهة الرقابية سيساهم في استمرار تداولات السوق تحت وطأة الشائعات المترتبة على "ضبابية" هذه الإفصاحات.