ما سبب إيقاف برنامجك {بدون زعل} رغم نجاحه؟

Ad

أثق بضرورة المغادرة عند بلوغ القمة لترك انطباعٍ جميل لدى المشاهد، رغم أن إعلاميين كثراً غير معتادين على مبدأ الانسحاب، وهذا ما حصل مع {بدون زعل} الذي اقتبست برامج عدّة من مواده، بعدما توقف عرضه.

كيف استفدت من الغياب سنة؟

كوني مدرّبة إعلامية، شاركت في مؤتمرات إعلامية عالمية، آخرها تدريب مذيعين عراقيين في بغداد، فشكّلت هذه التجربة إضافة نوعيّة إلى مسيرتي أرغب في تكرارها.

ما الإضافة المهنية التي تحققينها في برنامجك الجديد {like هالحكي Like}؟

لا ضرورة لتوافر رسالة معينة في أي عمل نقوم به، يمكن أن نتسلّى بطريقة مفيدة عبر مسألة راقية أو جريئة. يتميّز البرنامج بحواره المبتكر غير المقتبس من أي أسئلة متعارف عليها، ما حدا بكل ضيف إلى التفاعل بفرادة. أحببت، من خلاله، إظهار كيفية المحاورة بطريقة عفوية مباشرة على الهواء، وقادرة على فضح أمور مخفية بجمال ورقيّ وشفافية، لأن لا مجال للتوقف أو التعديل في البثّ المباشر.

ألا ترين أن الوقوف تحت مجهر البث المباشر جرأة؟

بعدما فضّل الضيوف سابقاً أن نفرش أمامهم السجادة الحمراء والتبجيل، يطالبون راهناً بأسئلة مستفزّة لذكائهم، لتكون جلسة الحوار بمثابة اختبار ذاتي، وهذا ما يميّز برنامجي الذي لا يرتكز على تسويق إنتاجات فنية واحتفالات، بل يشكل تحدّياً ذاتياً بالنسبة اليّ أولا، إذ يثبت قدرتي على إخراج ما في داخل الضيف من أفكار وتطلّعات شخصية.

هل استطعت كشف جوانب معيّنة في شخصية ضيوفك؟

نظلم أحياناً البعض عندما نحكم عليه بسبب اعماله، فنُفاجأ بعد الحوار بعمقه الروحي والفكري وبمزاياه الجميلة، ونكتشف أحياناً أخرى أننا مغشوشون بأسماء معينة. لذا هي عملية اكتشاف مستمرّة لحقيقة الناس، خصوصاً ألا مجال للتغليف.

هل غشّك أحد الضيوف؟

شكّلت الحلقات كلها حتى الآن، متعة شخصية وإضافة إلى مسيرتي لأن ضيوفي جميعهم أغنوني بأفكارهم، وأشكرهم على ذلك.

في أي إطار تضعين البرنامج؟

في عصر عَظُم الإيمان بالآخرين وقلّ إيماننا بأنفسنا، وتهافت الجميع إلى شراء أفكار برامج منفّذة خارجاً للاقتباس منها، يوّلد ابتكارنا لفكرة برنامج وتسجيلها رسمياً باسمنا، فرحاً داخلياً، كونه يكشف جوانب أخرى لديّ، وأنني لست مجرد مذيعة أو مقدّمة، ما سيمهّد لابتكاري أفكار برامج لآخرين أيضاً، علماً أنني شاركت بفكرة {بدون زعل} و{أنا وإياك} بمعية المنتجة برناديت عبدو. أما برنامجي الحالي، فهو وليد افكاري الخاصة وأنا معنية مباشرة بتفاصيله كلها فيما توّلت برناديت تنفيذ الإنتاج.

 

يعتمد البرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي، هل أصبح العالم الافتراضي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية؟

إلى درجة كبيرة. دخلت هذا العالم الجميل إلى حدّ ما، منذ عام، بعدما انشأت صفحتي الخاصة عبر {فايسبوك}، بناء لطلب صديق رأى ضرورة أن أكون متفاعلة في هذا العالم. وتحمّست تدريجياً بعدما لمست ردود الناس رغم أنني كنت بعيدة عن الشاشة، لكنني أشعر بالصخب أحياناً، لأننا نجلس مع كل الناس وفي الوقت نفسه لا نجلس مع أحد. لذا أفكر لاحقاً بتقديم برنامج هادئ ربما بإطار الأبيض والأسود.

ما سبب اختيارك البث المباشر بدلا من البرامج المسجلة؟

تمت استضافتي سابقاً في برامج حوارية مسجّلة، فشعرت بما يمرّ به الضيف، من اجتزاء في كلام أو في فكرة يعتبرها أجمل ما قال، كذلك يأتي التوليف أحياناً لصالح الإعلامي لا الضيف، لذا فكّرت ألا مشكلة في عدم طرح الأسئلة كافة وأن يذهب التحضير سدى، ما دام الضيف سيعبّر بحرية عن رأيه ومن دون اجتزاء.

هل يشكل ذلك تحدياً لك أم له؟

ليست تجربتي الأولى في البرامج المباشرة، لذا أعلم جماليته والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي، لكنه يأخذني الى مكان آخر أكثر حقيقية يحظى باعجاب الجمهور، فضلا عن أنه يحترم الضيف ويصون كلامه.

لماذا تقتصر مدّة البرنامج على نصف ساعة؟

في عصرنا هذا نريد أن نرى كل شيء بسرعة مكتفين بالزبدة، والدليل أننا، عندما نتابع برنامجاً طويلا، نختصره بجمل قصيرة، فلمَ لا أقدم هذه الزبدة إلى الجمهور لتبقى تفاصيل البرنامج كلها محفوظة في ذهنه؟

هل نسبة تفاعل الناس مع كل ضيف دلالة إلى مدى تأثيره فيهم؟

 

يعبّر الجمهور عن رؤيته الساخرة الناقدة تجاه أي مسألة مطروحة بطريقة ذكية، فتحول كل فرد في المجتمع الى صحافي، ما رفع التحدي بالنسبة الى الإعلامي. برأيي يؤثر كل من يعيش تحت الأضواء في الآخرين، سلباً وإيجاباً، فمن يرى نفسه بحجم أكبر مما هو عليه في الحقيقة يفضحه هذا الجمهور، ومن يتواضع، رغم أهميته، يستفزّنا لنسّلط الضوء عليه في زمن يضجّ فيه من لا يستحق.

كيف تجاوب الضيوف مع الانتقادات؟

أجاب البعض بتحدٍ والبعض الآخر بتبرير، أمّا الصريح فهو المرتاح مع نفسه والمقتنع بما يفعل. شخصياً، أنزعج من النقد الإيجابي والسلبي على حد سواء، إنما الفارق بينهما أنني أقرأ الإيجابي بهدوء للاستفادة فيما أعتبر السلبي مجرد تسلية.

 

هل ردّة فعلهم تفضح شخصيتهم برأيك؟

نعتمد في البرنامج على الزكزكة بعيداً عن الأسئلة الشخصية أو السطحية، مرتكزين على ما يحاكي الفكر، ويعبّر عن نظرته إلى المهنة والمنافسة والدين والجنس والحب، ما يفضح طبعاً شخصية الضيف ومدى نضجه. علماً أنه يمكن فضح الشخصية، أيضاً، عبر لغة الجسد وطريقة الكلام، إضافة إلى أن لسرعة البرنامج وعرضه مباشرة عبر الهواء ضغوطات ايجابية تفرض الصدق الذي، في حال توافره يصبّ في مصلحة الضيف.

يتنوع ضيوفك بين السياسة والإعلام والفن، وفق أي معيار تختارين؟

نتعاون كفريق عمل في اختيار الضيوف، أحياناً تكون شخصيات متميّزة لم يُسلط الضوء عليها بعد، لكنها تستحق فرصة الظهور، كونها تتمتع بطاقة كبيرة رغم خبرتها المتواضعة، فنلفت النظر إليها لتتم استضافتها في برامج أخرى. وأحياناً تكون شخصيات ذات مسيرة مهنية طويلة، فنكتشف جوانبها الأخرى ونتحمّس لأفكارها الجديدة من خلال إجابتها عن أسئلة جنونية.

ألا تترددين في استضافة شخصيات سياسية في ظل الانقسام؟

افتخر بعدم الانتماء إلى أي فريق سياسي، ورغم تقديمي برنامجاً عبر شاشة {المستقبل} الواضحة الانتماء السياسي، استطعت استضافة شخصيات من مختلف الانتماءات والمحطات التلفزيونية، بفضل الحرية التي منحتني اياها المحطة من دون قيد. برأيي لا يجوز استمرار العزلة بين بعضنا البعض كإعلاميين، خصوصاً أننا لا ننتمي ضرورة إلى الهوية السياسية للمحطة التي نعمل فيها.

 

ما ميزة إعدادك الأسئلة بنفسك؟

ثمة فرق بين الإعلامي ومقدّم البرنامج. فالأول يجتاز البحر، سواء كان هادئاً أو عاصفاً، من دون مساعدة فيستحقّ هذا اللقب الذي أخشاه، صراحة، كوني احترم الإعلاميين الكبار وأرى نفسي نقطة في بحرهم.

رغم توافر فريق عمل رائع يحضّر لي المواد التي استوحي منها اسئلتي، أشعر بحرية أكبر في قدرتي على التعديل من وحي حديث الضيف في الحلقة، من دون إحراج تجاه من أعدّ الأسئلة. أحبّ هذه الحرية، التي هي ربما أنانية متعبة تهدّني أحياناً.

هل من ضيوف عرب؟

أتمنى ذلك، إنما ثمة مشكلة مادية تواجه المحطات اللبنانية كافة، لذا نرى الضيوف أنفسهم يتنقلون من برنامج إلى آخر.

هل ينعكس رأيك الشخصي بالضيف على نوعية الأسئلة التي تطرحين؟

نعم، وربما لست احترافية في هذا الإطار، خصوصاً أن شفافيتي تفضح رأيي الشخصي به. أما بالنسبة إلى نوعية الأسئلة، فأختار الأصعب والأقسى، لأثبت أن الضيف قادر على الإجابة عنها، ما يجمّل صورته بعين الجمهور، وإذا أضاع الجواب أقدم اقتراحات لمساعدته على استجماع أفكاره.

هل تفكرين بتقديم برنامج عبر شاشة أخرى غير {المستقبل}؟

منحتني شاشة {المستقبل} المساحة التي أريد لهذا البرنامج، واحترمت خياراتي على صعيد التوقيت وأيام العرض ومدة الحلقة، لذا احترمها. إنما في النهاية ثمة عرض وطلب وفرص عمل، ولا يقتصر الإخلاص بالاستمرار في مكان معيّن إنما التحدث عنه بايجابية بعد الرحيل. يجب أن يتجدد الإعلامي، بغض النظر عن مكان عمله، ويدرك متى يجب الانسحاب أو البروز وإلا يكون منتحراً.

بعض المقدمين تحوّل إلى نجم على حساب الضيف، ما رأيك؟

شخصياً، لم تشكل النجومية هدفاً بحد ذاتها، لأنها نتيجة تلقائية للجهد المهني الذي نقوم به، وليست أمراً نفرضه على الناس، والدليل أن ثمة أناساً، إذا غابوا عن الشاشة نفتقدهم، وأعمالهم هي التي تسوّق لهم. فضلا عن أن تحقيق الضيف لنجومية معينة في الحلقة، سيؤدي مباشرة إلى تحقيقي النجومية من خلاله.

أليست مواكبة الإعلامي لحركة عصره ضرورية؟

من المهم أن يتجدد بغضّ النظر عن العصر، وأن يعبّر عمله عن ابتكار جميل ونوعيّ، لأن الوقوف في مكاننا وقتاً طويلا يجمّد الأفكار ويؤدي إلى التكرار. لذا كلما شعرت بأنني سأقع في هذا الفخّ، اتخذ القرار الصعب بالرحيل لتبقى جمالية البرنامج ماثلة في ذاكرة الجمهور.

ما رأيك بالحركة الإعلامية العربية؟

الإعلام شبيه بالجو السائد، عندما يحوي صراعاً بين السلطة والكلمة، يعطي نتاجاً جميلا، أمّا مناداة كل من على قمة إمارته، لا يمكن أن يخدم صورة الإعلام. نحن مكبّلون والحرية الإعلامية في العالم العربي كذبة نستخدمها للاعتداء لا للتطور. للأسف يدفع الإعلاميون الجريئون المبتعدون عن هذا الجو الثمن غالياً، إذا لم يتعايشوا مع الموجود، فإما يُغتالون أو يُسجنون أو يصبحون عاطلين عن العمل.

هل أنت إعلامية حرّة؟

أدفع أحياناً ثمن أفكار أعبّر عنها والدليل ابتعادي سنة ونصف السنة عن الشاشة لأنني لم أقتنع بالأفكار المتوافرة. ربما نخسر الكثير في ظل الكذبة الكبيرة التي نعيش فيها لأن من هو أقل مستوى منّا يسبقنا، وأنا عنيدة في هذا الإطار.