تواصلت التطورات المفاجئة في العراق أمس، حيث تساقطت المناطق العراقية بيد تنظيم "داعش"، الذي سيطر أمس على تكريت، كما هاجم مدينتي سامراء وبيجي، وكلها في محافظة صلاح الدين، بعد أن أكد بسط سيطرته الكاملة على محافظة نينوى وأعلنها ولاية.

Ad

لا يزال تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) يزحف على المناطق العراقية في الوسط والشمال والغرب، حيث سيطر أمس على مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين ومركز محافظة صلاح الدين التي تصل وسط العراق بشماله.

وهاجم "داعش" أمس مدينتَي سامراء وبيجي في "صلاح الدين" أيضاً في محاولة لبسط سيطرته على المحافظة، مؤكداً أنه سيطر على محافظة نينوى كلها وأعلنها ولاية.

وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة: "كل مدينة تكريت أصبحت في أيدي المسلحين"، لافتاً إلى أن عناصر "داعش" قاموا بتهريب نحو 300 سجين من السجن المركزي في المدينة.

وأكد الضابط أن المسلحين سيطروا كذلك على معسكر الضلوعية جنوب تكريت التي تقع على مسافة 160 كم شمال غرب بغداد.

وخاض التنظيم اشتباكات عنيفة عند المدخل الشمالي لمدينة سامراء مع قوات الجيش، وكان اقتحم سامراء الاسبوع الماضي ووصل الى مسافة كيلومترات قليلة من مرقد الامامين العسكريين قبل أن ينسحب منها بعد ان شن الجيش العراقي عملية خاصة.

وسيطر التنظيم مساء أمس الأول على بيجي التي تضم أكبر مصفاة للنفط في العراق، الا ان قوات الأمن العراقية عادت أمس لتؤكد انها استعادتها.

كركوك

وفي كركوك، قامت عناصر "داعش" أمس، بإعدام 15 عنصرا من عناصر القوات العراقية في ناحيتي الرياض والرشاد غرب وجنوب مدينة كركوك، وفي منطقة الطالقية غرب كركوك أيضا.

يذكر أن عناصر "داعش" سيطرت مساء أمس الأول، على قضاء الحويجة وخمس نواح في كركوك.

ولاية نينوى

وكان تنظيم "داعش" أعلن في بيان أمس، سيطرته الكاملة على محافظة نينوى العراقية الشمالية التي أعلنها ولاية، متعهدا بشن "غزوات" جديدة.

وقال التنظيم، في البيان الذي نشره على حسابه الخاص بنينوى على موقع تويتر: "تمت السيطرة بالكامل على جميع منافذ ولاية نينوى الداخلية والخارجية، وبإذن الله لن تتوقف هذه السلسلة من الغزوات المباركة".

وأضاف البيان الذي حمل اسم "غزوة أسد الله البيلاوي أبي عبدالرحمن": "نهنئ الأمة الإسلامية بالفتح المبين الذي من الله به علينا في ولاية نينوى المباركة".

ويتزايد الحديث عن تورط مسلحين سنة متشددين مناوئين للمالكي في هذه الهجمات الى جانب "داعش"، خصوصا ان المناطق المستهدفة كانت خزاناً للمنتسبين الى الجيش العراقي في عهد صدام حسين ولكبار الجنرالات في حزب البعث المنحل.

خطف القنصل

وأعلن مصدر أمني عراقي رفيع المستوى أمس، أن مقاتلي "داعش" اختطفوا القنصل التركي في مدينة الموصل.

وأكد مصدر في مكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الخبر، لافتا إلى أن المتشددين يحتجزون 48 تركيا بمن في ذلك القنصل العام وثلاثة أطفال وأعضاء في القوات الخاصة التركية، نقلوا من مبنى القنصلية إلى قاعدة تابعة للمتشددين.

المالكي

سياسياً، رأى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس أن ما حصل في الموصل "مؤامرة" و"خدعة، وهو كارثة رغم أنها جولة من جولات الصراع، لأن الحرب جولات، سواء كانت الحرب النظامية أو الحرب ضد التنظيمات الإرهابية".

وأوضح المالكي، خلال كلمته الأسبوعية، أن "الحكومة لن تعتمد على أي جهد آخر لمواجهة ما حصل في الموصل"، في إشارة الى رفضه أي مساعدة من الولايات المتحدة الأميركية التي تربطها مع بغداد اتفاقية الإطار الاستراتيجية.

وقال المالكي إن "القادة الذين انسحبوا وتخاذلوا لابد أن يعاقبوا"، كاشفا عن إعادة بناء جيش رديف الى جنب الجيش النظامي. وكانت أنباء ترددت عن انسحاب قادة الجيش العراقي في المناطق التي هاجمها "داعش".

زيباري والنجيفي

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس أنه سيكون هناك تعاون وثيق بين بغداد وحكومة إقليم كردستان لطرد المقاتلين الأجانب.

ووصف زيباري، على هامش اجتماع للاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في أثينا، سقوط الموصل بأنه أمر جلل، داعيا كل القادة العراقيين إلى توحيد صفوفهم لمواجهة ما وصفه بخطر جسيم يهدد البلاد.

في السياق، اتهم محافظ نينوى أثيل النجيفي أمس، رئيس الوزراء المالكي بالاستماع فقط إلى تقارير مساعديه لا إلى التقارير التي تأتيه من على الأرض.

وقال النجيفي، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة أربيل، إن "المالكي كان يستمع إلى تقارير مساعديه أكثر من التقارير من على الأرض، المالكي كان على قناعة بأن تقارير ضباطه هي الصحيحة رغم أنها كانت مغلوطة، وبعض القادة كانوا يخشون إخباره بحقيقة الأوضاع"، داعيا إلى تقديم المسؤولين العسكريين عن المحافظة إلى محاكمة عسكرية، واتهمهم بإعطائه معلومات غير صحيحة قبل فرارهم إلى بغداد، كما اتهم قيادة عمليات الموصل برفض إطلاعه على الخطة الأمنية لديها".

وأضاف: "بدأنا خطوات جديدة لإعادة بناء الدولة في المدينة، وتشكيل لجان شعبية لإخراج داعش والجماعات الإرهابية"، موضحا أن عشرات الآلاف فروا من الموصل إلى كردستان وأن "لديه مهام تتعلق بالإغاثة الإنسانية لهؤلاء".

ودعا النجيفي موظفي المحافظة إلى العودة إلى عملهم، مؤكدا أن الموصل قادرة على استعادة نفسها وطرد الغرباء.

وأكد المحافظ أن ائتلاف "متحدون للإصلاح" الذي يتزعمه شقيقه رئيس البرلمان أسامة النجيفي، "لا يدعم إعلان حال الطوارئ في البلاد"، متسائلا: "من الذي سينفذ حالة الطوارئ؟ هل القيادات العسكرية الموجودة هي التي ستقوم بحال الطوارئ؟".

وأضاف النجيفي أن "حال الطوارئ تشكل قضية خطيرة بالنسبة لنا وللعراق، وستمنع وتؤجل تشكيل الحكومة"، مشيرا الى أنه "عندما تعلن الطوارئ وتعطي صلاحيات إضافية جديدة لشخص ما لابد أن يكون مؤهلاً لاستخدام هذه الصلاحية، أما أن تعطي الصلاحية لشخص قد اثبت فشله قبل ساعات فهذا غير ممكن".

لواء «أبوالوليد»

في المقابل، أفاد مصدر أمني عراقي مطلع أمس، بأن قوة عسكرية كبيرة بقيادة اللواء الركن المعروف بـ"ابوالوليد" توجهت الى مدينة الموصل لتحريرها من تنظيم "داعش"، بتكليف من المالكي.

واللواء الركن أبوالوليد، هو قائد لواء "الذيب" العسكري، وعرف بقيادته لعمليات عسكرية كبيرة في مناطق الموصل عام 2005.

اجتماع الرموز

وأعلن تحالف الإصلاح الوطني، الذي يتزعمه إبراهيم الجعفري أمس، أنه سيعقد اجتماعاً عاجلاً في منزل الجعفري للقادة والرموز السياسية العراقية، للتباحث بشأن مستجدات الأوضاع الأمنية في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار.

وقال المتحدث باسم التحالف أحمد جمال، إن "الهدف الرئيسي للاجتماع هو الخروج بموقف وطني موحد إزاء ما يحصل من تداعيات أمنية خطيرة". بينما قرر مجلس النواب العراقي عقد جلسة طارئة اليوم لمناقشة هذا الوضع وإعلان حال الطوارئ، وجاء ذلك بعد تسلمه طلباً من رئاستي الجمهورية والوزراء بهذا الصدد.

(بغداد ـــــــ أ ف ب،

د ب أ، رويترز)

الشرطة تلقت أوامر بإخلاء الموصل

قال ضابط في الشرطة الاتحادية العراقية بمحافظة نينوى ان قوات الشرطة تلقت أمراً من القيادة بإخلاء مقارها في مدينة الموصل مساء أمس الأول وخيرت الجنود والضباط بين ترك المعدات ونقلها.

ولفت الضابط الذي فضل عدم ذكر اسمه الى أن عناصر الشرطة تمكنوا من التخفي مع الأهالي النازحين باتجاه إقليم كردستان، مضيفاً أن القيادات الأمنية "استقلت طائرات مروحية وفرت باتجاه العاصمة بغداد عقب صدور أمر الإخلاء".

وقال الضابط في حديث لصحيفة "المدى برس" العراقية إن "عناصر تنظيم داعش انتشروا بشكل سريع في جميع مناطق المدينة، ولم تكن هناك مقاومة من القوات الأمنية"، مشيراً إلى أن "عربات الجيش أصبحت بيد عناصر التنظيم الذين أحرقوا عدداً كبيراً منها".