ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بثقله أمس خلف وزير الدفاع المصري المشير عبدالفتاح السيسي، بعدما أعلن تأييده الرسمي لترشح المشير في الانتخابات الرئاسية، في ظل انتظار غالبية الشعب المصري لإعلان السيسي ترشحه الذي بات مؤكدا خلال أيام.

Ad

حظيت زيارة وزير الدفاع المصري المشير عبدالفتاح السيسي لروسيا باهتمام رسمي واضح للعيان أمس، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأييده لترشح السيسي في الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، ليرفع تأييد الدب الروسي أسهم المشير على المستويين المحلي والدولي.

وعكست حفاوة الاستقبال الروسي تطورا إيجابيا تشهده العلاقات بين موسكو والقاهرة، عقب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، ما تسبب في توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن.

وقال بوتين للسيسي، خلال استقباله ووزير الخارجية المصري نبيل فهمي بالكرملين أمس: "أعرف أنكم اتخذتم قرار الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر، أتمنى لكم باسمي واسم الشعب الروسي النجاح"، مشددا على أن "الشرق الأوسط كله يعتمد على الاستقرار في مصر".

ويعد التأييد الروسي للسيسي الأول عالميا، مستبقا إعلان المشير نبأ ترشحه رسميا، والمتوقع أن يصدر خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط تنامي شعبيته، ما جعله المرشح المحتمل الأوفر حظاً في الانتخابات المرجح أن تجرى قبل منتصف أبريل المقبل.

وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، خلال لقائه نظيره المصري، دعم بلاده للقاهرة في حربها على الإرهاب، موجها حديثه للسيسي: "ندعم ما تقومون به لمكافحة الإرهاب"، مضيفا: "نريد لمصر ان تكون دولة قوية ومستقرة، ونحن سعداء بحقيقة تبني مصر دستورا جديدا"، مشيرا إلى أنه ناقش مع السيسي إمكانية إجراء مناورات عسكرية مشتركة.

من جهته، قال وزير الدفاع المصري، خلال اللقاء، إن "المباحثات الحالية تؤكد استمرار أواصر الصداقة التي تربط بين الشعبين، وهذه اللقاءات تعكس طموح البلدين لتطوير التعاون القائم بينهما"، مضيفاً: "تأتي زيارتنا هذه بمنزلة انطلاقة جديدة للتعاون العسكري والتقني بين مصر وروسيا"، معتبرا ان العالم في المرحلة الراهنة "يعيش أوقاتا عصيبة، حيث تعصف التقلبات بمنطقة الشرق الأوسط".

وبدأ السيسي، الذي يقوم بأول زيارة خارجية منذ مشاركته في عزل الرئيس السابق، برفقة وزير الخارجية المصري أمس الأول، زيارة رسمية لروسيا، لعقد لقاءات مع نظيريهما الروسيين، في إطار مباحثات تعرف باسم "2+2"، للتفاوض على صفقة أسلحة بقيمة ملياري دولار، يفترض أن تعوض عن المساعدة العسكرية الأميركية، وأن تستعيد العلاقات العسكرية المصرية الروسية، التي شهدت ذروتها بين منتصف الخمسينيات والستينيات.

تنسيق سياسي

من جهة أخرى، اجتمع وزير الخارجية نبيل فهمي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أمس، في لقاء تناول العلاقات الثنائية والمواقف المشتركة في عدة ملفات على مستوى العلاقات الثنائية والوضع على مستوى الشرق الأوسط، واتفق الوزيران على "تعزيز العلاقات مستقبلا، بما فيها عقد اجتماع للجنة الحكومية الروسية - المصرية للتعاون التجاري - الاقتصادي في نهاية مارس المقبل".

واستهل وزير الخارجية الروسي، اللقاء مع نظيره المصري بتأكيد ان "الحوار بين موسكو والقاهرة حول المسائل الإقليمية والدولية يكتسب أهمية خاصة في المرحلة الراهنة"، مشددا على أن العلاقات بين البلدين وصلت إلى مستوى الشراكة المتعددة الاتجاهات، وأن موسكو "تدعم القيادة المصرية في جهودها الرامية لاستعادة الاستقرار وتعزيز مؤسسات الدولة"، مضيفا ان "مكافحة الإرهاب شكلت أحد أهم المواضيع خلال محادثات الأمس".

وكشف لافروف ان "هناك اتفاقا مصريا روسيا على رفض التدخل العسكري بالشرق الأوسط، وضرورة حل الأزمة السورية بشكل سياسي وسلمي"، مشددا على ضرورة أن يصدر مجلس الأمن قرارا لحل الأزمة الإنسانية بسورية، قائلا إن الأزمة الإنسانية هناك من أسوأ الأزمات العالمية.

وذكر أنه "بحث مع فهمي عددا من قضايا الشرق الأوسط، ومنها قبل كل شيء الأزمة السورية، والتسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، وأوضاع السودان وليبيا واليمن والعراق"، إضافة إلى بحث التحضير لعقد مؤتمر دولي خاص بشرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل.

بدوره، اكد وزير الخارجية المصري أن "القاهرة متفقة مع موسكو في كل القضايا"، مشددا على "ضرورة تسوية قضايا الشرق الأوسط دون تدخل خارجي وبشكل سلمي"، مضيفا ان العلاقات الثنائية مع روسيا "قديمة وعريقة".

حذر أميركي

في المقابل، تابعت الإدارة الأميركية التقارب الروسي المصري بحذر، رغم ان واشنطن تعد الحليف العسكري الأبرز للقاهرة منذ نهاية السبعينيات، فاكتفت إدارة الرئيس باراك أوباما بإبداء عدم الاكتراث حول الزيارة المصرية لروسيا، في ظل توتر العلاقات بين القاهرة وواشنطن، بعد ان جمدت الأخيرة بعض المساعدات لمصر، وألغت تدريبات عسكرية مشتركة بعد عزل الجيش للرئيس السابق.

وعلقت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف على الزيارة بالقول إن "دولا كثيرة ترغب في إقامة علاقات مع مصر"، رافضة في تصريحات صحافية تقييمها، قائلة: "لن أقول إن كانت سيئة أو إيجابية، وسأنظر في تفاصيل هذه الزيارة وأرى إن كانت لدينا أي تفاصيل إضافية في هذا الصدد".

ورفضت هارف إبداء رأي في مسألة ترشح السيسي، مشددة على أن "واشنطن لا تعرف ما ستكون عليه نتيجة مضي مصر قدما في العملية الانتقالية السياسية"، مشيرة إلى أن "السيسي لم يعلن ترشحه بعد".

وأكدت أن أميركا لم تصنف جماعة "الإخوان" تنظيما إرهابيا، وأن واشنطن تتواصل مع الأطراف المصرية كافة، سعيا وراء حكومة تشمل كل الأطراف بما فيها جماعة "الإخوان"، مؤكدة أن "هناك تواصلا دائما مع الجماعة لمناقشة الوضع السياسي في مصر".