مهرجان القرين الثقافي 2014 بلغ عامه الـ20 وبهذا يكون قد دخل إلى بوابة نضج شبابه واكتمال فتوته، التي من المفروض أنها قد أكسبته قدرة وطاقة تنظيمية وإدارية كبيرة ومهمة في معرفة إدارة المهرجانات الفنية والأدبية والثقافية التي هي الأساس المنظم والدافع لقيامها، لكنه في هذا العام جاء جدول المهرجان بتنظيم باهت ينقصه الكثير من العروض التي تحمل الفرح والبهجة لمنتظريها، فنشرة هذا العام كشفت عن برامج «غمته» حسب التعبير الكويتي، إنها ثقيلة الدم وتسد النفس، يغلب عليها طابع النقاش والحوار والجدل، فمثلا تحت قسم فكر وأدب جاءت 14 فعالية منها 12 محاضرة نقاشية تتناول: محاضرة مسرح الطفل، ومحاضرة آثار دولة الكويت، ومحاضرة منارة رائد التنوير عبدالعزيز حسين، ومحاضرة أزمة التطور الحضاري، ومحاضرة تجليات النظام الجديد، ومحاضرة خدمات المعلومات الصحفية، ومحاضرة الثلث الأخير المعمارية، ومحاضرة من التعبير العامي إلى العولمة، ومحاضرة عن الأسواق القديمة، ومحاضرة اتفاقية التراث العالمي، ومحاضرة حول أهمية أدب الرحالة في التوثيق لتاريخ الجزيرة العربية، كل هذه المحاضرات والحلقات النقاشية الدراسية التي حُشرت في مهرجان من أساسياته حمل البهجة والفرح والمتعة البصرية والسمعية والثقافية في موسم عطلة الربيع والإجازة المدرسية التي يجب أن ترفه عن الناس وأولادهم من خلال برامج مهرجان يشدهم إلى فرح المسارح والاحتفالات البصرية المشبعة بالرقص والغناء والعروض المسرحية العالمية التي أكثر ما يشد المشاهدين إليها الذين هم في كل مرة تزدحم العروض بهم وتضيق بهم صالات العرض عن بكرة أبيها.
مهرجان هذا العام يغلب عليه طابع متجهم متحفظ كئيب متقشف، خال من عروض المسرح العالمي ومن فرقه الراقصة، ولم يحتو إلا على عرض مسرحي واحد لمسرحية عمانية أُختصر بها نفقات إحضار عرض لمسرح عالمي، إلى جانب وجود عرض مسرحي كويتي محلي، وليلة سينمائية اندونيسية وأخرى كويتية.وهناك افتتاح لـ12 معرضا، منها ثلاثة معارض تشكيلية بما فيها معرض القرين الشامل، وبقية المعارض الأخرى تنوعت ما بين إصدارات المجلس الوطني، والمعرض الفني لوزارة التربية، ومعرض المطبوعات والإصدارات الحكومية ومعرض آثار سعد وسعيد، وكلها تبحث عن زائر يتعنى زيارتها في هذا البرد القارص.ويبقى في جدول البرنامج الحصة التي تلي حصة المحاضرات في نصيبها الأكبر، وهي البرامج الموسيقية التي ابتدأت في حفل الافتتاح «بدروازة القرين» وهي موسيقى جميلة أعادت توزيع التراث الغنائي الموسيقي الكويتي بآلات العزف الغربية والغناء الأوبرالي التي أبدع في تأليفها ونقلها إلى عالميتها المايسترو المبدع د. سليمان الديكان، وكانت في منتهى الروعة الفنية.وبالنسبة الى فرقة التلفزيون التي صاحبت العرض الموسيقي بالإيقاع والرقص، لم يكن المسرح المعد صالحا لها، فضيق المسرح، خلق فضاء مسرحيا مخنوقا ومحشورا ما بين العازفين وكراسي المشاهدين، هذا إلى جانب استواء ارتفاعات القاعة التي لم تفصل ما بين مسافة العرض ومسافة المشاهدة، مما جعل الفرقة تتحرك وكأنها في حضن الجالسين.فرقة التلفزيون أول فرقة فنية تشكلت في الكويت، وكان لها دور مميز في كل احتفالات وأعياد الكويت الوطنية، وما قصروا فيها، لكن يبدو أن للعمر والزمن دوره الذي خطه عليهم، ولا أدري إن كان هناك إعداد لكوادر شابة تأتي من بعدهم أم لا؟كذلك هناك ملاحظة أخرى حول ملابس العرض التي يرتدونها، فهي في حاجة إلى إعادة تجديدها وخياطتها من قماش أغلى وأفضل من قماشها الذي يظهرهم بشكل رخيص «مكرمش» وسييء، كما أن هذه الأزياء بحاجة إلى تحديث وتغير موديلاتها التي أكل عليها التاريخ وشرب، فهي ذات الموديلات منذ بداية الفرقة وإلى يومنا هذا، كأن الزمن قد تجمد فيها.وأخيرا هناك ملحوظة غريبة وهي الاهتمام المبالغ فيه لحضور دبلوماسيي السفارات في الدولة، وكأن المهرجان معد لهم، فالأولوية لهم، والدعوات توجه بالدرجة الأولى لهم، وأفضل المقاعد والحصة الكبرى منها لهم، وما يتبقى لجالياتهم، فسؤالي هل هذا المهرجان معد للناس في الكويت أم لا؟ وإذا كان كذلك فلم لا توجه لنا الدعوات ولا يصلنا أي شيء منها؟ أم أننا لا نُحتسب على الثقافة الرفيعة التي ينتمي إليها غيرنا؟
توابل
مهرجان لم يأت ببهجته
13-01-2014