حوارات الدم في غزة

نشر في 19-07-2014
آخر تحديث 19-07-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي علينا كمسلمين وعرب ترك غزة وأهلها لمحاورة إسرائيل؛ لأننا لسنا بأعرف منهم بظروف ما يحدث، وهم من يواجهون ويفهمون تماماً محاورهم الصهيوني، وفي الأساس لن نستطيع عمل شيء لإنقاذهم، فرغم فارق الإمكانات فإن الحوار لا يزال ساخناً، لذلك فإن التدخل بين المتحاورين الغزاويين والصهاينة غير مجدٍ، وغير ذي صفة أصلاً، وبالذات من مسلمي هذا الزمان وعربه!

الحوار الآن أصبح بالسلاح، بالطائرات المقاتلة، والطائرات بدون طيار، والصواريخ، وهذا حوار أكبر من قدرة آذان المسلمين والعرب على سماعه؛ لأن الأذن التي تعودت على الفوازير الرمضانية ومسلسلات الحب والعشق الرمضانية صعب عليها سماع حوارات الدم والصواريخ ومواجهة الرجال للرجال!

لست شامتاً ولا متحاملاً، ولا أمارس جلد الذات والتقليل من شأن المسلمين والعرب، لكنها الحقيقة التي تعيشها الأمة منذ عقود، فلا قدرة لنا على تحرير فلسطين، ولا حتى الوقوف نداً لند ضد الصهاينة، بلداننا منشغلة بخلافات واختلافات، أغلبها يتم حله بحلول ساذجة لكسب الوقت ليس إلا، خذ جولة بين بلاد المسلمين، ففي باكستان لا تزال الأوضاع في مناطق كثيرة منها غير مستقرة، والتأثير الأفغاني يُرى في وضح النهار.

 وإيران منشغلة بتصدير الثورة والحروب المذهبية، وتتدخل في مناطق النفوذ كالعراق وسورية، ولا تتذكر غزة وأهلها إلا لمكسب سياسي أو بطريقة "نحن هنا"، وهي تتجرأ على التحدث في السياسة بلهجة واثقة مع الكثيرين إنما تعرف حدودها تماماً أمام الصهاينة، فلا ضرر ولا ضرار.

 ومصر السيسي تم توبيخها برفض مبادرتها من قيادة حماس، وبشكل كان مهيناً في حق السيسي، حيث كان رد حماس شبيهاً بالاستهزاء بمبادرة مصر التي كانت تمثل عكس ما تطلبه حماس تماماً (لن أتحدث عن مآخذ سابقة بين حماس ومصر)، لذلك فإن من يغلق المعابر وهو الأخ في الدين والدم، ويمارس التعنت بهدم أنفاق الحياة لغزة في رفح عليه أن يقول خيراً أو ليصمت، هذا المعنى الحقيقي لرد حماس على مبادرة السيسي.

دول الخليج العربية باستثناء قطر لها موقف يستحق النقاش، لكن الغزاويين ليسوا معنيين به، فالموقف الخليجي يتعامل بواقعية شديدة، وهو أقرب للموقف المصري، وتفسيره بأن السلام والتفاوض هما الطريق الأمثل، لكن نسي أو تناسى الخليجيون أن التفاوض يكون بين المتكافئين في القوة، وليس بين الصهاينة وحماس، حيث لا تكافؤ ولا مقارنة في القدرات.

أما المبادرة التركية القطرية فلا يعول عليها، هي فقط كلمات متناسقة كتبت لإحراج مصر والسيسي أكثر منها مبادرة لإنقاذ الوضع، وهما يعرفان بأن مبادرتهما غير مرحب بها مصريا بسبب العلاقات المتوترة؛ لذلك كانت مبادرة عبثية لا أكثر لإثبات وجود وتسجيل موقف، والحل هو ترك الغزاويين يتعاملون بطريقتهم مع الصهاينة، وهم من يقرر قبول المبادرات أو رفضها، فاللاعب غير المتفرج.

لاحظ أني لم أذكر حكومتي العراق وسورية لأن التدخل الفارسي ضرب أطنابه، ولم يعد في البال متسع لذكر اسم فلسطين، والحاله لا تسر الصديق، وحوارات الدم لا تزال أصواتها مزعجة بين أهل البلد الواحد، فحالة الأمه لا تسر، وبلداننا انشغلت بقضايا داخلية تافهة أو إقليمية أتفه، ورغم تحفظي على بعض وجهات النظر لقيادة حماس، ورغم بعض الملاحظات لكن ما دامت المعركة مشتعلة والدماء تسيل والبيوت تهدم فعلينا الصمت والدعاء، فلا نملك أكثر من ذلك.

قال نبينا صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت".

back to top