خارج السرب: لا للمكيفات
مباركٌ تطبيق "التربية" أخيراً لنظرية "لا للمكيفات"، فالنظرية فعلاً ضربة معلم، و"بنص جبهة" تعليمنا المترهل المتردي، كما أنها أيضاً لن تكلف ميزانيتنا المصون فلساً واحداً يضاف إلى المليار وخمسمئة مليون دينار التي تقبضها الوزارة في كل سنة مالية.للأمانة وقبل الخوض في محاسن تطبيق النظرية، لابد من التذكير أنها ليست بدعة كويتية، فقد سبقنا إليها "داروين" عالم الإنكليز الشهير الذي قال: إن الإنسان متكيف بطبعه، وبما معناه أن "البني آدم مكيفه منه فيه" ولا يحتاج إلى مكيفات خارجية "مُتلقاً" -بصوت نعيمة الصغير- وعلى هدي النظرية سارت خطى التعليم المتطور في مدارس السويد وأيسلندا وسيبيريا، ولا يخفى على كل ذي لُب، مقشراً كان أو مدخناً، أن مستوى التعليم متطور جداً في هذه الدول "الاستوائية" رغم خلو مدارسها من "المكيفات" المركزي منها والشباك، نعم تأخرنا كثيراً في تطبيق نظرية "علمني ولا تكيفني"... ولكن أن "تفصل فيش المكيف متأخراً خير لك من ألا تفصله أبداً".
من محاسن النظرية، زداها الله حسناً، أنها ستردم ثغرة واسعة كان يعانيها تعليمنا ومازال، وهي ثغرة غياب وبدون عذر طبي، لوسائل الإيضاح البصرية والسمعية والحسية عند شرح المناهج، لكن أُبشركم سنشنق آخر رجعية تعليمية "بأمعاء" آخر مكيف، وستتوافر لنا أخيراً وسائل إيضاح و"ببلاش"، تصوروا معلم التربية الإسلامية وهو يشرح لطلبته في شهر يونيو، وبدون مكيف، درس يوم الحشر وهم غارقون في يم العرق وقلوبهم تجدف فوق مستنقعات الكبد، وألسنتهم ملتصقة بديكور سقف الحلق، ثم تخيلوا الحالة الإيمانية التي سيصلون إليها حينئذ وهم يرون يوم الحشر رأي العين، وتصوروا معلم اللغة العربية، وهو يقرأ بيت المتنبي:خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِه في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِثم تخيلوه وهو يطلب من الطلاب إخراج المعنى من بطن المتنبي، لا أظن طالباً وقتئذ لفحت شمس شموسنا وجهه سيجيب بغير الجواب التالي: المتنبي يقول إن طلعة الشمس هي أوضح الواضحات، "زحل مين يا عم الحاج"!وتصوروا معلم العلوم شارحاً لطلبته خطر ضربات الشمس بحضور وتشريف سعادة سفيرة جمهورية درب التبانة الشمس هانم شخصياً! كل هذه وغيرها وسائل إيضاح ستتوافر مع أول كبسة "off" لأزرار مكيف.النظرية ناجحة ولاشك، وخبر طلب وزير التربية لتبرعات مكيفية من الأهالي إشاعة ومحض افتراء، حتى لو كانت صحيحة، فلن أتبرع أبداً بمكيف واحد لأبنائنا في الكويت وضواحيها، بل سأتبرع به وبمثله معه إلى "سوازيلاند" و"بوركينا فاسو" و"منغوليا"، فأنا أرغب وأريد وأتمنى و"ودي": "أن أعيش جو السادة المسؤولين" ولو لمرة واحدة في حياتي! لعلي أكون "فاهمهم غلط"، أو أن تكون غلطتي الوحيدة هي محاولة فهمهم!