«أغنيتان وزوج من الأحذية» هو المعرض الشخصي السادس لإياد كنعان، حيث تتمحور الأعمال حول علاقة الفنان بأحذيته والأغاني الحميمة التي رافقت مسيرته الحياتية.

Ad

 لا شك في أن العنوان لافت وأقرب إلى عنوان قصيدة أو ديوان شعري، خصوصاً أنه يجمع متناقضين، بين شيء نضع فيه قدمنا وبين شيء آخر نسمعه. ولطالما سحر موضوع الأحذية الفنانين، لا سيما فان غوغ في رسمه عام 1886، الذي يعد اليوم أحد أبرز وأكثر الأعمال خلوداً في حياة الفنان الفقير، لتكون محل دراسات متباينة تستقصي السر وراء تسيّد الحذاء وبطولية القدم.

 شاهد الفيلسوف مارتن هيدغر حذاء فان غوغ في إحدى صالات العرض الفنية، وكتب عنه مقالة في كتابه {أصل العمل الفني}... وثمة فلاسفة كثر كتبوا عن هذا الحذاء، واستلهمه الكثير من الفنانين في البوب آرت.

أعمال إياد كنعان مختلفة في جوهرها عن طريقة فان غوغ في الرسم، يستعيد الأحذية كذاكرة لها معانيها وقصتها، وتبدو ألوانه كأنها ترقص على إيقاع الموسيقى، التفاحة على شكل نوتة وكذا أشياء أخرى. ثمة جاذبية في لوحات كنعان التي تبدو كأنها في ترحال موسيقى تسمعه العين، وثمة ألوان توهمنا بأن اللوحات أقرب إلى الكولاج.

ذاكرة

حول معرضه الأخير  «أغنيتان وزوج من الأحذية» في مركز «رؤى 32 للفنون» في عمان، كتب إياد كنعان ما يلي: «رغم تعدد التأويلات التي قد يندرج في سياقها الحذاء، سواء كان في إطار عمل فني أو في حالته الخام، فإن قيمة الحذاء المعنوية تبقى موضع جدل. ولأنني من هؤلاء الذين يتعلقون بأحذيتهم، ويؤمنون بقيمتها المعنوية، ورغم أنني عادة ما انتعل أحذية رخيصة متواضعة الكلفة، فإن ذاكرتي تحفظ من الأحذية التي استخدمتها في حلي وترحالي، حتى إنني أكاد أحفظها عن ظهر قلب، فلكل حذاء تاريخ، له قصة شراء، واستهلاك، ومن ثم تاريخ انتهاء صلاحية. غالبية الأحذية التي رسمتها في المعرض، كان من السهل علي استرجاعها من ذاكرتي، بعضها عزيز علي، حمل ذكرى ما، بعضها فقدته من دون أن أعرف مآله، في حين انتهى قسم منها إلى حاوية النفايات،والقليل منها استبقيته للذكرى، رغم حالته المتردية، فتحول إلى كومة بالية أرهقتها الذاكرة، وكثرة المدن والعواصم... من عمَّان إلى بيروت، مروراً بكثير من العواصم العربية، وبعض العواصم الأجنبية، هكذا مرَّ عقدان من الاشتغال على العمل الفني، أنظر إلى نفسي اليوم وقد أرهقتني كثرة السفر، والحروب الصغيرة، فأقرر أن أترك لهذا المعرض فرصة ليعيد الاعتبار لأحذيتي، أحذيتنا، البالية، وغبار الطرقات، وبعض ذكرى حملتها الأغاني»...

يذكر أن إياد كنعان من مواليد بنغازي، ليبيا، عام 1972. تتوزع إقامته بين عمان وبيروت، حيث يعمل راهناً على إنجاز أطروحة الدكتوراه في الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وكان قد حاز من الجامعة نفسها درجة الماجستير في الفنون الجميلة (2011)، وكذلك على دبلوم الدراسات العليا في الرسم والتصوير (1998). ولكنعان سجل حافل بالمشاركات في المعارض الجماعية والبيناليهات والمهرجانات الإقليمية والدولية، إضافة إلى خمسة معارض فردية أقيمت في بيروت وعمان، وقد حظيت هذه المساهمات والمعارض بكتابات نقدية مهمة.

* يستمر حتى التاسع من نوفمبر المقبل.