كتبت الزميلة الناقدة سعاد العنزي في إحدى تغريداتها تقول: «صراحةً كتّاب السياسة أكثر جرأة وطلاقة من كتّاب الثقافة في الكويت». وكانت تلك التغريدة في معرض الحديث عن الحدث الدائر في معرض كتاب الكويت الثامن والثلاثين. ولأن فكرة التغريدة مهمة وجدت أن أقف عندها، مختصراً مقالي بأحداث معرض الكتاب:

Ad

أولاً: يجب الاعتراف أن معرض الكتاب في دورته الثامنة والثلاثين، لاقى نجاحاً لافتاً، ومؤكد أن هذا النجاح ما كان له أن يكون لولا جهود «إدارة معارض الكتاب» الكبيرة، في ضوء الأحداث العربية. فأنا، بحكم عملي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أعلم كم هي مضنية وقاسية العقابات التي واجهتهم، لكنهم أثبتوا أن المسؤولية واجب وطني مقدس، خاصة إذا كانت تتعلق بسمعة الكويت، ووجهها الأكثر إشراقاً.

ثانياً: يبدو أمراً غريباً أن معرض الكتاب بلغ من عمره الثامنة والثلاثين، ومازال بلا سكن يؤويه! يستجدي في كل عام صالات يستأجرها، ويكفي أن أشير إلى أن مبلغ إيجار هذا العام فقط قارب النصف مليون دينار، فماذا ينتظر المجلس الوطني، لينشئ مقراً دائماً لمعرض الكتاب، يكون وجهاً حضارياً للإبداع الكويتي؟

ثالثاً: هذه الدورة من الدورات القليلة التي خبت فيها ضجة الرقابة، وكأن لسان حال جمهور المعرض يقول: العالم يعيش عصر الفضاء المفتوح، وأي حديث عن الرقابة هو حديث خارج سياق الزمن، وخارج سياق معارض الكتب، ليس في العالم، بل في أقرب جارات الكويت، وأعني بذلك معارض الكتب في دول مجلس التعاون للخليج العربي.

رابعاً: النشاط الثقافي المصاحب لمعرض الكتاب كان خابياً، ولم يواز حركة ونشاط المعرض، وليس أدلّ على ذلك من مراجعة جدول النشاط، والوقوف أمام أسماء الضيوف، وكان وجود اسم أو اسمين بمنزلة حفظ ماء الوجه لهذا النشاط.

خامساً: يُعدّ إنجازاً كبيراً إصرار الناشر الكويتي على إثبات نفسه، كناشر حاضر على ساحة المعرض، يجب الانتباه إليه وسط دور النشر العربية. وواضح كيف أن هذا الناشر وتحديداً «بلاتينيوم، ونوفابلس، ومسعى» سحب البساط من تحت أقدام الناشر العربي، وكان مثار دهشة كبيرة له.

سادساً: يجب التوقف ملياً أمام الإصدارات الشبابية الكويتية كظاهرة تستحق الدراسة، دون التسرع في التقول بعموميات. فمجرد انشغال الشاب الكويتي، وأنا أعني الفتاة والشاب، بهم القراءة والكتابة، واختياره نشر كتاب له كخطوة يواجه فيها المجتمع يعدّ انتصار كبيراً للثقافة، في زمن يشهد فيه القاصي والداني، بتضعضع مكانة ودور الكويت الثقافي الرسمي على الساحة المحلية والخليجية والعربية.

سابعاً: الإصدارات الشبابية الكويتية، فيها الكثير من الغث، وقليل القليل من السمين المبشِر. وهذا بحد ذاته يدعو للالتفات إليه، ومحاولة الأخذ بيد من يستحق منه، وترك الإصدارات الدخانية ترتفع في الجو ريثما تتبخر دون أن تترك أثراً، سوى تشجيعها لآخرين لخوض المجال، وربما هذه حسنة تستحق التنويه.

ثامناً: دور النشر الكويتية، وتحديداً «بلاتينيوم، ونوفابلس، ومسعى» مطالبة بتشكيل لجان قراءة تخصّها، لتلعب دوراً مهماً في تقييم ما يقدم إليها من إصدارات شبابية، ونشر المستحق، ورد البائس، وإلا فإنه خلال سنوات قليلة سينصرف عنها القراء، بعد أن يكتشفوا أنها مشاريع تجارية لا علاقة لها بالإبداع والثقافة.

تاسعاً: الأنشطة الجانبية المصاحبة لمعرض الكتاب، التي قامت بها مجاميع شبابية اتخذت، بمحض خيارها الخاص، الثقافة همّاً اجتماعياً لها، كمجموعة الجليس ومركز دوافع، وقدمت للمعرض جهداً طيباً يستحق الإشادة.

عاشراً: في اللب من المحاضرات والشهادات، التي قُدمت في المعرض، كان هناك الكثير من المجاملات البائسة والكثير من التكرار، والقليل من الصدق الإبداعي والإنساني.