الأغلبية الصامتة: التناطح العكسي
الحكومة عندما تطبق القانون بحجة وجود تزوير كما هو حاصل في هوجة «سحب الجناسي» لا تريد أن يقول لها أحد: وماذا عن الذي «وقّع» وبارك هذه العملية؟ أما عندما يفعلها مواطن أو صحافي أو حتى نائب عنده حصانة بحثا عن العدالة فإن أول سؤال يوجه إليه: ما مصدرك؟ «شنو اسمه وأصله وفصله وطوله وعرضه ولونه؟».
لا أعلم هل هذه الظاهرة لدينا فقط في الكويت أم أنها منتشرة في مناطق أخرى؟ هي باختصار تعامل عكسي ورد فعل متنافر بين الخلل الذي تكشفه الحكومة، والخلل الذي يكشف عنه مواطن أو نائب أو صحيفة.الحكومة عندما تطبق القانون بحجة وجود تزوير كما هو حاصل في هوجة "سحب الجناسي" لا تريد أن يقول لها أحد: وماذا عن الذي "وقّع" وبارك هذه العملية؟ أما عندما يفعلها مواطن أو صحافي أو حتى نائب عنده حصانة بحثا عن العدالة فإن أول سؤال يوجه إليه: ما مصدرك؟ "شنو اسمه وأصله وفصله وطوله وعرضه ولونه؟"، وأسئلة لا نهاية لها مع تحول المبلّغ إلى متهم قد يحبس لمدد غير محددة. أهل القانون يقولون "الاعتراف سيد الأدلة"، حكومتنا اعترفت جهاراً نهاراً بأن فلاناً وفلاناً وعلّاناً حصلوا على الجنسية الكويتية عن طريق التزوير، وأغلقت الملف بسحب تلك "الجناسي" ووضعت نقطة آخر السطر، القضية ليست كذلك فقط، بل هي مجرد مثال لمئات القضايا المسكوت عنها التي يرتكبها وزير صامت مع نائب صامت، ومتنفذ صامت مع مسؤول صامت، وقريب "صارخ" مع قريب صامت ذي منصب عال، وعندما تختل المعادلة ليصرخ أحد الطرفين هنا نعرف أن الطرف الثاني "قال بس كفاية".هي كذلك مئات القرارات التنفيعية من تجنيس سياسي، وتعيين سياسي، وعلاج سياسي، وتسكين سياسي، وترفيع سياسي، وطمس سياسي، وسياسي في سياسي، تتخذ وتنشر في وسائل الإعلام ولا نجد القانون يطبق فيها مع أنها جرائم فساد مكتملة الأركان، وفيها طرفان: الأول طلب والثاني وقّع، وفي حالات عكسية الثاني عرض والأول تهلل.الآن وكما هو واضح في قضية "سحب الجناسي" فإن كل الأطراف التي ساهمت في التزوير في وقت سابق قد خرجت من دائرة الحساب والعقاب ما عدا المستفيد الذي وقع عليه عقاب سحب الجنسية، وكما هو واضح أيضا فإن الصامتين إياهم سيزدادون صمتاً والشامتين سيزدادون فرحاً وتحريضاً، ولسوف تتناطح حجج الحكومة مع نفسها مرة أخرى عندما يكشف مجدداً مواطن أو نائب أو صحيفة عن خلل لم "تفضح" هي نفسها فيه.الفقرة الأخيرة: الظلم ظلمات.