`منذ عام وأكثر وأنا أشعر بثقل غيابهم يزداد يوماً بعد يوم، كانوا ملء السمع والبصر، نفتح التلفزيون على قنوات "التفجع" على أحوال الكويت، فلا نجد مناحة "العكاشيون" الجدد، ولا بكائيات الكويت "راحت".

Ad

كانت رائحة المساءلة السياسية حتى وقت قريب كافية لأن تستنفر حملات الردح الرخيص، والبحث عن كل ما يصرف الأنظار عن مكامن الخلل ومنابع الفساد، الذي لم يعد يعرف الخجل أو التخفي.

أيها الناس أين أنتم؟ ستة استجوابات في يوم واحد، ويمر ذلك اليوم رائقاً مدهوناً باللون الوردي، ومصحوباً بأصوات "زقزقة" العصافير، أين نحن؟ في الكونغرس الأميركي أم مجلس العموم البريطاني أو الجمعية الوطنية الفرنسية؟!

لا قوات خاصة تحاصر مبنى مجلس الأمة، ولا تدقيق على هويات الجمهور "المزودج"، ولا تمحيص في لوحات سيارات "الانقلابيين".

مرَّ يومنا الديمقراطي في دوحة "الضرورة" بلا فتاوى الصفحة الأولى أو بيانات دواوين أهل الديرة، ووأدت الأغاني الوطنية "المفصلة" في أدراج النسيان، ومضت ليلة ذلك اليوم بلا مقابلات مع مدمني الخيبات أو إطلاق مناشدات اللحظات الأخيرة قبل تفتت الكويت بسبب استجواب أو جلسة تصويت.

وسار موكب رئيس الحكومة بلا جماهير تستقبله وتودعه بالورود وصيحات التأييد، لم تفتح الهواتف لاستقبال اتصالات "أم علي وأم خالد والباتريوت وكروكس" على الهواء مباشرة، ولم نسمع عن تجمعات تأييد الرئيس في ساحة الإرادة، ولم يضطر أحد النواب إلى جمع التوقيعات على ورقة "منح" الثقة، لأن الثقة منحت مسبقاً على استمارة "السمع والطاعة".

لقد دخلت الحكومة مجلسها، آمنة مطمئنة ووزيرها "الفاهم" عاش أجواء السكينة وتابع مباراة لكرة القدم، بعد أن أحكمت قبضتها على بقية مفاصل المشهد السياسي، وهي اليوم أبعد ما تكون عن الصورة التي رسمتها للكويت، وطَبّل لها فسطاط الدولة المدنية "الوهم".

"عفارم عليكم"، مقص الرقيب يسلم عليكم، ووزير المواصلات يحرم مسابقات السحب على الجوائز لمخالفتها الشريعة، ومؤتمر مستجدات الفكر الإسلامي الذي تنظمه وزارة الأوقاف الكويتية يقول: كل دعوة تقول بالسيادة لغير الله هي باطلة.