يتذوق مقاتلو المعارضة السورية الذين خرجوا من حمص بعد سنتين من الحصار وأبعدوا عن مدينتهم أبسط ملذات الحياة كالأكل والنوم، من دون ان يفقدوا أمل العودة يوما الى مدينتهم التي باتت تحت السيطرة شبه الكاملة لقوات النظام.

Ad

ويقول الناشط أبو الجود، وهو من الذين خرجوا من حمص الاسبوع الماضي بموجب تسوية بين النظام ومقاتلي المعارضة: "تركنا الارض التي حوصرنا فيها سنتين من دون اي مقومات حياة. كنا متعبين جدا. خلال الاشهر الاخيرة، اقتصر طعامنا على الاعشاب وعلى ورق الشجر".

ويضيف الشاب المولود في حمص في اشارة الى المقاتلين "الشباب اليوم يأكلون ثماني مرات في اليوم، وينامون كثيرا".

وبين الاربعاء والجمعة من الاسبوع الماضي غادر حوالي ألفي شخص، غالبيتهم من المقاتلين احياء في مدينة حمص القديمة حاصرتها القوات النظامية سنتين، وتدهورت فيها الظروف المعيشية حتى توفي عدد من سكانها نتيجة الجوع أو نقص الادوية، في حين اقتات الباقون من القليل المتوافر. وكانت هذه الاحياء تتعرض بانتظام لقصف وهجمات.

ويروي أبو الجود الذي كان يعمل محاسبا قبل الحرب "كنا بحكم الأموات وعدنا الى الحياة"، ويضيف ضاحكا "في اول وجبة طعام حصلنا عليها بعد خروجنا، كان هناك بصل رحنا نقضمه كأننا نأكل تفاحا، ونطلب المزيد"، إلا انه يشير الى ان الخارجين من الحصار يشعرون بالغربة في الدار الكبيرة، البلدة التي لجأوا اليها بمعظمهم، في ريف محافظة حمص. ويقول "نذهب الى السوق، فنرى ان الناس كانوا يواصلون حياتهم العادية، في حين كنا نحن تحت القصف".

ويقول حجي أيمن وهو احد الخارجين بموجب اتفاق غير مسبوق منذ بدء الازمة سمح للمقاتلين بالانسحاب من حمص بأسلحتهم الفردية قبل دخول قوات النظام اليها، إنه كان "قبل الثورة يعمل في مصنع حلويات ومحل لبيع قطع السيارات"، ثم تحول الى منظم اعتصامات وتظاهرات ضد النظام وأحد شعراء "الثورة".

حجي أيمن الذي يطلق عليه رفاقه اسم "الجندي المجهول" هو صاحب شعارات "ايه ويلا، ما منركع إلا لله"، واغنية "يا وطننا يا غالي" التي انتشرت على كل مواقع التواصل الاجتماعي. ويقول: "لم نكن نعرف شيئا عن السلاح، النظام باستخدامه السلاح ضدنا دفعنا الى حمله. فهو لا يفقه لغة الصوت والكتاب".

وعلى الرغم من انهم يتمتعون بلحظات الحرية والعيش الطبيعي، فإن المقاتلين يحلمون بالعودة الى حمص.

ويقول حجي أيمن: "خرجنا لاننا كنا جائعين جدا، ومتعبين جدا، وظمآنين جدا. لكن حمص ستعود إن شاء الله. ونحن نعمل على اعادة تنظيم الصفوف"، واصفا الاشخاص الذين خرجوا من حمص المحاصرة بـ"الابطال". ويضيف "سنحارب النظام في المناطق التي يوجد فيها".

ويقول أيمن: "نحن خرجنا من حصار الى آخر، فريف حمص واقع ايضا تحت الحصار. نريد اخراج المصابين الى الاردن أو الى تركيا... وعدونا بنقلهم في سيارات للهلال الاحمر، لكننا لم نر شيئا بعد".

ويتحدث ابو الحارث الخالدي الذي شارك في التفاوض حول عملية الانسحاب بتأثر عن العملية، قائلا: "عندما خرجت بالباصات مع اخواني من المنطقة المحاصرة باتجاه الدار الكبيرة، لم أتمالك نفسي وذرفت الدمع، لأنني واثق من ان الرجوع الى حمص يحتاج الى وقت طويل".

(بيروت - أ ف ب)