من الواضح جداً أننا في «أزمة مساطر» مستفحلة تمارسها السلطة ومجاميع المعارضة وأيضاً مجاميع الموالاة، بمعنى آخر العلّة ضاربة في أطراف واتجاهات عدة، ففي مرة يحال كاتب مقال إلى أمن الدولة، وبعد شهر يكتب كاتب آخر نفس محتوى المقال السابق فيمر كما لو أنه لم يكتب أصلاً.

Ad

في كل مرة يلاحق فيها صاحب رأي على كلمة أو تغريدة، أو يقبض على مجموعة من "البدون" في تيماء لأنهم طالبوا بحقهم في "الحياة" الطبيعية، أتذكر الدور المفترض لجهاز أمن الدولة، وكيف تم حشره في قضايا متشعبة متفاوتة الأحجام والأهمية، وبالمقابل يتم إقصاء دور ذلك الجهار الحساس في قضية الأسلحة المسروقة من مخازن وزارة الداخلية.

لقد استخدم مصطلح "الأمن" من الحكومة ومناصريها في خطابات التبرير والتشجيع لانتهاك الحريات العامة وتقليص أدوات الرقابة الشعبية، لأن الإدارة الحكومية فقدت سيطرتها على مجريات العملية السياسية، وفقدت معها قوة التأثير في شرائح وفئات عمرية كانت تستمد منها التأييد تاريخياً في مراحل سابقة.

كم مرة قيل فيها إن أداة الاستجواب تهدد أمن البلد واستقراره؟ كم مرة صورت فيها الأدوات السلمية كالندوات الجماهيرية والوقفات الاحتجاجية على أنها دعوة صريحة للانقلاب على الحكم؟ وكم مرة برر فيها استعمال العنف المفرط لتأديب المختلفين سياسياً على أنه شيء عادي يتم استعماله في الدول الديمقراطية والمتقدمة؟

من الواضح جداً أننا في "أزمة مساطر" مستفحلة تمارسها السلطة ومجاميع المعارضة وأيضاً مجاميع الموالاة، بمعنى آخر العلّة ضاربة في أطراف واتجاهات عدة، ففي مرة يحال كاتب مقال إلى أمن الدولة، وبعد شهر يكتب كاتب آخر نفس محتوى المقال السابق فيمر كما لو أنه لم يكتب أصلاً، شخص ما "يخورها" بالكلام على رئيس دولة عربية فيحاسب، وشخص آخر "يعميها" بمقابلات تلفزيونية عدة ضد حزمة رؤساء وملوك فلا نجد نفس الفعل أو حتى همسة.

الأمثلة كثيرة ومستفزة وما زلت أتذكر كيف أن مجلس الوزراء يستنكر الاعتداء على مرشح سابق، في لحظة ما، في مرحلة ما كانت تتطلب توصيل رسالة واضحة وعلنية بطبيعة تلك المرحلة وتحالفاتها وأداوتها الرخيصة، هنا علينا أن نذكر أن معظم السياسات الحكومية التي تعاني "أزمة المساطر" كانت هي الممول الأول لردود الأفعال الحادة، أو التحولات في مواقف من كانوا معها أو المحايدين، وهي للعلم ما زالت متواصلة، ولكن بوتيرة أقل لأن عدد المصادمات السياسية أقل، سواء داخل البرلمان المفكك على صعيد التحالفات والعمل المشترك، أو خارج البرلمان لبرود جبهات المعارضة التي ينتظر كل فريق منها فرصتة للوثوب على الساحة حسب رؤيتة وحساباته الخاصة.

إن حدثاً خطيراً مثل سرقة أسلحة أو خمور من مخازن الوزارة التي أوكلت إليها مهمة الحفاظ على أرواح كل من يعيش على أرض الكويت، يجب ألا يمر مرور الكرام؛ لأن كل الاحتمالات بشأن أين ذهبت الأسلحة كارثية، سواء بيع أو تصفية حسابات أو استعمال شخصي، والأخطر هو وصول هذه الممنوعات للشبكات والأيادي الخفية التي طالما تم تخويفنا منها.

أخيراً "أمن البلد" وعلى رأي رموز معارضة المعارضة "مو لعبة".