السيسي مرحلة جديدة... وتهديدات خطيرة!
دخلت مصر الأحد الماضي مرحلة جديدة بفخامة تليق بتاريخها ومكانتها، يرافقها فرح عربي يعكس تفهم أغلبية العرب لدور مصر وثقلها الإنساني ودورها في المنطقة، ولاسيما في الظروف الحالية التي يواجه فيها العالم العربي مخططاً أكثر خطورة من المخطط الصهيوني الذي استهدف فلسطين واغتصبها وعزلها عن أمتها، فالعرب الواعون يتطلعون اليوم ويعلقون آمالهم على ثقلي الأمة في مصر والشام، ليواجهوا ذلك المشروع الإيراني – الغربي وتهديداته الخطيرة التي تهدف إلى تفتيت العالم العربي واقتسامه بينهما والسيطرة عليه.احتفالية تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي كانت بملامح الطابع الإمبراطوري بما يعكسه تاريخ الفراعنة الإمبراطوري الموحد للقطر المصري، ووجاهة القصور من العهد الملكي لأسرة محمد علي ، ورموز الزعامة الناصرية التي يذكر بها قصر القبة وحتى المعنى الأهم الذي يمثله معلم قصر الاتحادية في وحدة دلتا النيل والارتباط مع العالم العربي، كل ذلك له ارتباط بالرسالة الرئيسية التي يضعها المواطن المصري نصب عينيه وهي عودة هيبة الدولة بعد فوضى "البلطجية" والمظاهرات العشوائية وغياب الأمن الذي يعتبر الثروة المصرية الأساسية التي توفر الاستقرار الذي يجذب المستثمر والسائح.
وواكب كل ذلك خطابات من الرئيس السيسي متقنة وفصيحة وبالغة الدقة أعطى من خلالها عناوين مهمة للأمة حول الشؤون المحلية والدولية ركزت على المفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والإنقاذ الاقتصادي والجدية في العمل على استعادة هيبة الدولة والحفاظ على القوة الناعمة المصرية المتمثلة في الفنون والآداب، في حين شدد على انتهاء مرحلة التبعية في السياسة الخارجية المصرية، وربط الأمن القومي المصري بأمن الخليج العربي، وتأكيده كذلك على تسوية أية خلافات مع دول منبع النيل بالحوار مع حفظ الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل. يوم تنصيب الرئيس المصري السابع كان مميزاً رغم كل ما سبقه من أحداث من أهمها عزل رئيس منتخب هو الرئيس د. محمد مرسي الذي لم أقره في حينه، ولكن المعلومات المفزعة التي ظهرت لاحقاً والتي كشفت عن طريقة إدارة الإخوان المسلمين للدولة المصرية وتهديدها الخطير للأمن القومي المصري تجعلني أطوي تلك الصفحة وأتركها للقضاء المصري ليقول كلمته فيها، متيقناً اليوم بالحاجة الملحة لثورة 30 يونيو التي أقصت نظام الحكم السابق.أعتقد أن الرئيس السيسي يمكنه أن يكون رئيساً تاريخياً لمصر يشكل المرحلة الانتقالية بين الجمهوريات العسكرية المصرية والجمهوريات المدنية الديمقراطية الموعودة، وبهذا يكون زعيم المرحلة "السيسية" التي تضع أسس الإصلاح والعدالة الاجتماعية وتعيد الدور المصري العربي والإقليمي إلى موقعه المستحق، وتواجه المخاطر التي تواجه الأمة العربية كما هو ديدن مصر التاريخي.كل ذلك يتطلب أن تخرج حاضرة مصر من العشوائيات التي تخنقها والفوضى التي تشكلها إلى القاهرة الجديدة العصرية، فالمدن المخنوقة لا تفكر ولا يبدع أبناؤها وتستنزف جهودها في مواجهة أزماتها المتوالية وفسادها المستشري بسبب البؤس، وشباب مصر قادرون على صياغة مصر الجديدة فهم لا يختلفون عن الكوري الجنوبي أو السنغافوري، وعلى الرئيس السيسي ألا يتهاون مع المشروع القومي الإيراني الزاحف فخنق المشرق العربي سيصيب مصر بلاشك في مقتل وسيطبق على أنفاسها، ولذلك عليه ألا ينظر لما يحدث في سورية من منظار ضيق يتعلق بالصراع مع جماعات الإسلام السياسي بل هو محك واختبار جدي لبقاء الأمة العربية في وسط الفوضى الخلاقة التي صنعها الغرب في منطقتنا وتستغلها طهران أفضل استغلال لإنجاز مشروعها القومي، لذلك فإن مواجهة ذلك المشروع هي مسألة حياة أو موت لمصر ولكل العرب.لذا فإن نجاح مصر وتجاوزها لمحنتها وإنقاذها من كبوتها الاقتصادية هي مسؤولية إنسانية وواجب علينا كأشقاء، وحاجة ملحة لنا كخليجيين تتعلق بأمننا الوطني، ولذلك كانت المساعي الخليجية كبيرة والفرحة شاملة بما يحدث في مصر، والقرار السياسي صائب من سمو أمير البلاد بحضور احتفالات تسلم السيسي للسلطة شخصياً، كما أن الدعوة إلى مؤتمر اقتصادي لدعم مصر هو قرار استراتيجي ذكي وفي توقيته المناسب من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكل ذلك يجعلنا نتفاءل بأن مصر على الطريق الصحيح وكذلك إعادة موازين القوى إلى طبيعتها في إقليمنا.