ساعات وتصدر المحكمة الدستورية أحكامها في الطعون الانتخابية المقامة على نتائج العملية الانتخابية البالغ عددها 55 طعنا ما بين طعون ببطلان العملية الانتخابية التي اجريت في يوليو الماضي، وبطلان عضوية من تم انتخابهم، وطعون مقامة على النتائج المعلنة على فوز عدد من المرشحين في العملية الانتخابية.

Ad

وعلى الرغم من كثرة التكهنات بأن يكون المجلس الحالي هو مجلس مبطل للمرة الثالثة بعد إصدار المحكمة الدستورية غدا حكما ببطلانه والدعوة لانتخابات برلمانية خلال شهرين يشير عدد من الخبراء الدستوريين إلى عدم جدوى الأسباب التي استندت إليها الطعون الانتخابية المقامة على العملية الانتخابية إلا في ما يخص ببطلان عضوية بعض النواب لعدم سلامة الارقام التي أعلن عنها وبإعلان المحكمة الدستورية للفائزين في عدد من الدوائر الانتخابية.

احتمالات عدة

وعلى الرغم من كثرة الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة لما ستتجه إليه احكام المحكمة الدستورية غدا فإن منصة المحكمة الدستورية بمستشاريها الخمسة هم من سيقررون وحدهم أي الطريق الذي ستسير عليه المحكمة الدستورية في مواجهة الطعون الانتخابية.

وقبل صدور أحكام المحكمة غدا سألت «الجريدة» الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام د. محمد الفيلي عن رأيه في الأفكار التي تبنتها الطعون المقامة على العملية الانتخابية فأجاب: «في حدود فهمي للقواعد العامة لا أجد سببا ينهض بعدم سلامة العملية الانتخابية بمجملها»، وهي الإجابة التي تعكس توقع الخبير الدستوري الفيلي دون أن يسميها صراحة في إجابته بأن المحكمة الدستورية قد لا تبطل المجلس الحالي لان الطعون المقامة ليست جديرة بالقبول وفق ما تستند إليه من أسباب.

ويقول د.محمد الفيلي في حديثه لـ»الجريدة» إن الأحكام التي ستصدرها المحكمة الدستورية غدا في الطعون الانتخابية واجبة الاحترام، كما أن دور القضاء الدستوري في الرقابة على العملية الانتخابية يمثل أحد عناصر ضمان سلامة العملية الانتخابية التي أجريت.

ويضيف الفيلي قبل يوم من إصدار المحكمة الدستورية احكامها في الطعون التي يطالب جزء منها بإبطال العملية الانتخابية التي أجريت في يوليو الماضي وببطلان عضوية النواب الحاليين «ان احكام البطلان الكامل للعملية الانتخابية جعلت عند الجمهور إحساسا بالتوجس، وأن السياسيين مسؤولون كثيرا عن تقوية هذا التوجس».

خطأ مؤثر

ويبين الفيلي قائلا: «الأصل في أحكام القضاء الدستوري في البطلان أن هذا البطلان لا يتقرر إلا بناء على خطأ مؤثر في سلامة العملية الانتخابية التي أجريت، ولذلك فإن قضاء الانتخاب المقارن يفرق بين الخطأ الجسيم والخطأ غير الجسيم ولا يبطل الانتخاب إلا إذا كان الخطأ جسيماً».

ويضيف ان مناقشة الافكار التي بنيت عليها الطعون التي أقيمت على الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي أوجدت المجلس الحالي جائزة وبذات الوقت مجردة عن فكرة التوقع  للأحكام التي ستصدرها المحكمة الدستورية غدا في الطعون المعروضة أمامها، وتناول الافكار التي بنيت عليها الطعون أمر مفيد لتقوية الثقافة القانونية لدى المواطن.

ويوضح الفيلي أن بعض الطعون ذهبت إلى  فكرة وجوب استقالة الحكومة في الدستور على اعتبار أنها مرتبطة بظهور نتائج الانتخابات، وهنا نتساءل هل سيمد القاضي أو المحكمة الدستورية رقابته استنادا إلى هذه الفكرة إلى أبعد من ذلك، وهذه مسألة علميا مهمة للمختصين وتشكل أيضا عنصرا من عناصر تنشيط الثقافة القانونية، لأن الحكم المقرر بالمادة 57 من الدستور وجد هنا لعلة وغاية محددة وهي وجوب ربط تشكيل الحكومة بمكونات العملية الانتخابية واليوم الفكرة مطروحة في إطار هذه الطعون بأن تمتد الاستقالة الى الحكومة التي تحل البرلمان وهو ما يجعلنا امام بعد جديد في مسألة إعادة تشكيل الوزارة.

ويضيف ان هناك جزءا آخر من الطعون يناقش فكرة استمرار وجود العضو في مجلس الأمة بالوزارة حتى بعد حل مجلس الأمة وفي هذا الاطار يتناول الطعن فكرة وجوب خروج الوزير الذي كان أحد أعضاء مجلس الأمة كحالة الوزيرة ذكرى الرشيدي مثلا، باعتبار أن العضو دخل الوزارة كوزير لأنه عضو مجلس الأمة وعليه أيضا الخروج منها لزوال عضوية المجلس عنه، وبالتالي لم يعد عضوا بعد صدور حكم المحكمة ببطلان عضويته أو بحل المجلس مثلا، وهنا بالتأكيد سيناقش حكم المحكمة الدستورية فكرة وجود الصفتين له، كصفته الوزير العضو وكصفته مواطنا تجتمع به الشروط المقررة للوزير وفق المادة 125 من الدستور وصفته كعضو في مجلس الأمة، وهل زوال إحدى الصفتين يقود بالضرورة إلى عدم جواز الاكتفاء بالصفة الاخرى وبالتأكيد إجابة المحكمة الدستورية ستضيف للتراث القانوني الدستوري في الكويت بعدا إضافيا.

صفة المواطن

ويقول: «برأيي إذا زالت عن الوزير صفة العضوية في مجلس الأمة لا تزال لديه صفة المواطن وتجتمع به كل الشروط التي توضحها المادة 125 من الدستور وتحيل بشأنها ما تضمنته المادة 82 من الدستور بشأن الشروط الواجب توافرها بالوزير كأن يكون الوزير مواطنا كويتيا بصفة أصلية ويجيد القراءة وغيرها من الشروط».

ويضيف الفيلي ان النوع الثالث من الطعون يثير مسألة، وهي برأيي يحسن أن تكون محورا لنقاش سياسي لا يكون جوهره بالضرورة هذه العملية الانتخابية، وإنما هي مسألة ذات طابع برلماني وهي بالمناسبة مسألة أشارت إليها المذكرة التفسيرية بالدستور، ومن المنطقي ألا ترتبط بشكل مباشر بقرار تشكيل الوزارة، وإنما التعامل معها يكون بدور القوى السياسية لتنظيم الحياة السياسية للوصول إلى أغلبية برلمانية قائمة على برنامج لتشكيل حكومة باغلبية برلمانية.

ويقول ان النوع الأخير من الطعون سيضع المحكمة الدستورية أمام مسألة قبول الطعن وهي هل يجوز لمن لم يأخذ وصف ناخب بمشاركته بالعملية الانتخابية أن يطعن على العملية الانتخابية علما بأن «النص» يقرر الحق للناخب المسجل بالدائرة الانتخابية الصفة، وهنا للمحكمة أن تتوسع في تفسير النص فتقرر قبول الطعن وأن تقرر بأن الصفة لمن يسجل كناخب وليس فيمن يمارس الانتخاب فعلا أو أنها تتمسك بأن صفة الناخب هي لمن يمارس العملية الانتخابية فعلا ولا يكفي تسجيله بكشوف الناخبين بأنه ناخب.

ويبين أن فكرة هذا الطعن تقوم على إثارة مسألة كالطعن على عدم دستورية مرسوم الصوت الواحد مجددا، وهي مسألة سبق للمحكمة الدستورية أن أصدرت حكما فيها بدستورية المرسوم بقانون بتعديل قانون الدوائر، وفرضية عدول المحكمة الدستورية عن حكمها السابق هو أمر  يمكن قبوله من الناحية النظرية إلا أنه واقعيا قد يكون حدوثه أمرا صعبا وقد تحكم المحكمة بعدم قبوله لسابقة الفصل فيه.

ويضيف: «انه عندما نفترض إمكانية قبوله من الناحية النظرية يعني عدول المحكمة الدستورية عن حكم سبق أن أصدرته بشأن قانون لأنها لم تحكم بعدم دستوريته وإنما برفض الطعن المقام علة هذا القانون، وبالتالي يمكن لها نظريا أن تأتي بعد 20 عاما وأن تحكم  بعدم دستورية النص المطعون عليه لأن الحكم الصادر في هذه المسألة كان رفض الطعن أي أن المادة التي طعن عليها رأت المحكمة عدم مخالفتها للدستور، وهذا الحكم برأيي لايحوز حجية مطلقة بخلاف أن كان الحكم الصادر هو بعدم دستورية النص المطعون عليه وفي هذه الحالة الأخيرة يكون للحكم حجية مطلقة.

ويقول الفيلي: «ومن كل ما تقدم وبعد تناول الأفكار التي قامت عليها الطعون، وفي حدود فهمي للقواعد العامة فلا أجد سببا ينهض بعدم سلامة العملية الانتخابية بمجملها أو ينال منها ولكن علينا أن ننتظر حكم المحكمة الدستورية غدا لكونها صاحبة الاختصاص بتقرير ذلك.

وعن الطعون الانتخابية الأخرى المقامة على ترتيب المرشحين يقول الفيلي «أما بشأن الطعون المتصلة بترتيب النتائج فيما بين كل المرشحين فإننا نلاحظ أن المحكمة الدستورية لم تقم في وقت سابق بإعادة فرز محتوى الاوراق الواردة بالصناديق الانتخابية وإن كان مثل هذا الأمر ممكنا بالنسبة لها، وإنما كانت تكتفي بإعادة تجميع النتائج الواردة بمحاضر الفرز وهو أمر من المتصور أن تتجه إليه المحكمة الدستورية غدا هذه المرة أيضا، فإن قادتها نتائج الجمع إلى تقرير عدم صحة الأرقام التجميعية التي تم الاعلان عنها فإنها ستعلن ترتيبا جديدا للنتائج في الدوائر المطعون فيها.

احتمالات الحكم

تدور أحكام المحكمة الدستورية غدا بين ثلاثة احتمالات هي:

أولا: الحكم ببطلان الانتخابات التي أجريت ومن تم الإعلان عن فوزهم لوجود أخطاء إجرائية وهو ما يعني عدم استمرار المجلس والدعوة إلى انتخابات جديدة.

ثانيا: الحكم برفض طعون البطلان وهو ما يعني استمرار المجلس الحالي، والاكتفاء بإعلان نواب جدد فائزين بعدد من الدوائر الانتخابية وببطلان عضوية نواب حاليين.

ثالثا: رفض كل الطعون سواء كانت بالبطلان أو حتى بعضوية بعض النواب وهو ما يعني استمرار المجلس الحالي بكل نوابه الخمسين.

النطق بقاعة المحكمة

تصدر المحكمة الدستورية أحكامها غدا نحو الساعه 12 ظهرا في قاعة المحكمة الدستورية في السرداب الثاني في قصر العدل، وسيتم النطق علنا بالأحكام الـ55 في كل الطعون المقامة على العملية الانتخابية.

ثالث بطلان

إذا قضت المحكمة الدستورية غدا ببطلان المجلس الحالي فسوف يكون هو البطلان الثالث على التوالي للمجالس النيابية المنتخبة بعد بطلان مجلسي فبراير 2012  وديسمبر 2012 بسبب  أخطاء حكومية إجرائية تخص الإجراءات الممهدة للعملية الإنتخابية.