غوانتنامو بين المكان والفكرة
تُعقَد في الرابع من يونيو، أي بعد غد، في واشنطن وغوانتنامو جلسة الاستماع (مجلس المراجعة الدورية) للمعتقل الكويتي فوزي العودة، تليها جلسة للمعتقل الكويتي الآخر فايز الكندري في 12 من الشهر نفسه.جلسة استماع فوزي العودة هي الخامسة منذ بدء تطبيق الشكل الجديد لمجلس المراجعة الدورية، حيث كانت الأولى في يناير الماضي لمعتقل يمني يدعى محمد عبدالعزيز المجاهد، وحتى الآن فقد عقد "المجلس" 4 جلسات استماع مع 4 معتقلين يمنيين، خرج بتوصيات إيجابية لثلاثة منهم، وتوصية سلبية للمعتقل الرابع.
جلسة الاستماع ليست قضائية، كما أنها لا تبحث في قانونية الاعتقال، ومدى اتفاقه مع المعايير الحقوقية والعدالة، فهذا أمره محسوم، حيث إن استمرار الاعتقال بهذه الصورة يشكل انتهاكاً صارخاً لمعايير سيادة القانون، بما في ذلك الدستور الأميركي، ولكن "المجلس" ينظر في احتمالين لا ثالث لهما، الأول: إذا كان المعتقل في غوانتنامو يمثل تهديداً لأمن أميركا فيوصي المجلس بإبقائه في المعتقل، والثاني إذا كان لا يشكل خطراً فتكون التوصية "بنقله"، ليكون ذلك النقل الخطوة الأولى لإطلاق سراحه. وبالتالي فإن القرار لن يكون حقوقياً، بل هو أمني وسياسي بحكم طبيعة تشكيل المجلس. وعلى الرغم من أن الإجراء هو أقل بكثير مما يجب من حيث التزامه بالمعايير الحقوقية، فإن هذه الخطوة استغرقت 12 عاماً، علماً بأنه لم يبدأ البحث فيها إلا في 2009 إذ وردت على لسان الرئيس الأميركي أوباما، واستغرقت 5 سنوات لكي يتم تنفيذها.وتمكننا القراءة الفاحصة لنص تصريحات أوباما سواء في 2009 أو 2011 أن ندرك كيف تحوّل موضوع معتقل غوانتنامو إلى صراع داخلي أميركي سياسي فقد تحوّل المعتقل إلى نقطة لرمزية الصراع الداخلي الأميركي، فغوانتنامو المعتقل ليس بقعة جغرافية، بقدر ما يمثل فكرة ومنهجاً، "هل الأولوية للأمن أم للعدالة؟" وهذا سائد في منطقتنا التي يوجد فيها ما يماثل غوانتنامو وربما أسوأ.يمثل معتقل غوانتنامو كفكرة، انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ولذلك تحركت المنظمات الدولية الحقوقية منتقدة ومطالبة بإغلاق المعتقل وتقديم كل المعتقلين للمحاكم المدنية الفدرالية، وتفردت منظمة العفو الدولية وغيرها كالووتش بحملاتها المستمرة خالقةً رأياً عاماً دولياً مناهضاً، كما تحرك الخبراء المستقلون في الأمم المتحدة وشكّلوا فريق متابعة للضغط على الحكومة الأميركية، إضافةً إلى اللقاءات المستمرة مع المسؤولين الأميركان، وبحكم متابعتي ومشاركتي في بعض تلك اللقاءات فقد كان الإحراج هو السائد على موقف الأميركيين الذين كانت لغتهم اعتذارية أكثر منها دفاعية. وربما كان ذلك سبباً لأن تتضمن خطابات أوباما كلمة "إغلاق" المعتقل، حتى أنه وصف تشكيل "مجلس المراجعة الدورية" بأنه من الوسائل التي ستؤدي إلى إغلاق المعتقل نهائياً، ولعل ذلك يكون حقيقة. وللحديث بقية