وزارة الأشغال العامة، وبعد أكثر من 50 عاماً على إنشائها، اكتشفت قبل أيام أن الكبريت الزائد مع مادة البيتومين تؤدي إلى تفكك الأسفلت، وانهيار الطرق العامة، وتطاير الحصى، الذي أدى إلى إتلاف سيارات المواطنين، وربما تسبب في حوادث فُقدت فيها أرواح، ذلك الاكتشاف الخاص بعلاقة القار بالكبريت، والذي نَسبته الزميلة جريدة "الراي" إلى مصدر في وزارة الأشغال لم يؤد إلى هذه الظاهرة إلا في هذا الشتاء، ما يربط هذه المشكلة مع أعمال صيانة الطرق ومقاولاتها التي تمت في الآونة الأخيرة، ويثير الريبة في طريقة إنجاز تلك الأعمال والرقابة عليها.

Ad

ومع أن قيمة المشاريع في الكويت تتجاوز مثيلاتها في دول المنطقة لنفس الأعمال، خاصة أعمال الطرق، فإن جودة طرقنا أصبحت سيئة، وأقل مما كانت عليه قبل 20 عاماً، كما أن دولاً بإمكانات متواضعة تدوم الأمطار فيها لأشهر دون أن تتأثر طرقها وتتفكك وتنهار، وهنا لا يمكن قبول تبرير ذلك بـ"كبريت" الأشغال، لوجود معايير للجودة والمتانة للمشاريع لا يجوز أن يتنازل عنها المراقب على تنفيذ المشروع، ولا يمكن أن تجيز المختبرات الفنية في وزارة الأشغال العامة أية عينات مخالفة لتلك المعايير للمواد المستخدمة في المشاريع، إلا إذا كان هناك تلاعب و"خشمك... إذنك".

وزارة الأشغال العامة التي تتوالى كوارثها من استاد جابر إلى مستشفى جابر ومبنى مجلس الأمة الجديد حتى تطاير حصى الشوارع وتفكك الطرق السريعة، التي يجب أن تكون على جودة عالية لحفظ السلامة العامة، تلك الوزارة أصبحت حالة ميؤوساً منها، ومرتعاً لمراكز القوى التي تتحكم فيها وتفرض قيادات لا تتغير مثل وكيل الوزارة المستمر منذ أكثر من 10 سنوات، بينما وزير الأشغال العامة عبدالعزيز الإبراهيم يفتح ملفات القضايا ثم يتركها دون أن يكمل إنجازه أو يعلمنا كيف ومتى سيحسمها، وهذا ما حدث مع مشروع مستشفى جابر، الذي لا نعلم ماذا فعل الوزير مع المقاول الذي عطله ثلاثة أعوام كاملة، بعد أن كان من المفترض تسليمه في 2013، وكذلك استاد جابر وغيره من المشاريع المعطلة أو المنجزة بالتلاعب وغير القابلة للانتفاع منها، واليوم سيضيف إليها لجنة التحقيق في أسباب تطاير مكونات الطرق وتفككها، وهو أسلوب كويتي معروف لتمييع القضايا وطيها دون حساب، بينما كان المفروض أن يتحمل وكيل الوزارة أدبياً ومهنياً مسؤولية ذلك، ويصدر قراراً فورياً بإيقاف كل قيادات قطاع الطرق وصيانتها عن العمل وتحويلهم إلى التحقيق، وتولية مسؤولية ذلك القطاع لكوادر مخلصة وكفؤة من العاملين في الوزارة وهم الأغلبية فيها.

طبعاً هذا الإجراء لن يحدث، فوزارة الأشغال هي إحدى أهم بوابات صرف الباب الرابع من الميزانية، المتعلق بالمشاريع الإنشائية والصيانة، الذي يقدر بالمليارات من الدنانير، والتي يصب معظمها للمحظيين والمقربين، وبعض قيادات الوزارة يعلمون ذلك، لذا فهم موقنون بأنهم إذا التزموا أمام أصحاب الحظوة فإنهم يملكون حصانة عن المساءلة الوظيفية والقانونية، وكذلك ديمومة تمتعهم بالمنصب ومزاياه، ولذلك ستتداعى الطرق وتتأخر المشاريع ويتلاعب بها وتهدر المليارات ما دامت أوضاع البلد على هذه الحال والإصلاح والمحاسبة غائبين.