سواء عمد منتج {فرش وغطا} إلى عرض الفيلم لأسبوع فقط بعد بيعه لإحدى الفضائيات التي اشترطت عرضه لأسبوع واحد فقط كما تردد، أو لأن شروط السوق لا تتحمس لدعم هذه النوعية من الأفلام، فإن ما حدث سابقة خطيرة، من شأنها القضاء على صناعة جادة وجيل من المبدعين يبحث عن فرصة عرض جيدة، في حال تكررت.

Ad

يرى آسر ياسين أن ما حدث أمر طبيعي نتيجة تحكّم منطق الربح في صناعة السينما، «فالموزع ودور العرض يبحثون عن الكسب المادي من دون أي اعتبارات للفن وهذا حقهم، لكن لا بد من وضع معايير فنية في الاعتبار وحماية السينما من الانهيار».

 يضيف أن هذا النوع من السينما سيفرض نفسه في المستقبل ويصبح له جمهور ويجبر أصحاب دور العرض والموزعين على احترامه، «لكن الأمر يحتاج إلى صبر لنستطيع تغيير ذوق الجمهور، بعدما أفسدته أفلام البلطجة والراقصات، بدليل تحقيق هذه الأفلام نسبة مشاهدة جيدة عند عرضها على القنوات الفضائية».

يطالب الدولة بالتدخل لإعادة صياغة المنظومة كلها وتهيئة المناخ لولادة  سينما جديدة، سواء من خلال إتاحة دور عرض أو الإنتاج أو سن قوانين منظمة للصناعة، وكسر سيطرة رأس المال على السينما.

تعنت وربح

يعزو المنتج محمد حفظي تحديد مدة عرض الفيلم مسبقاً إلى أن هذه النوعية من الأفلام جديدة على السينما ولم تفرض نفسها لغاية الآن، «بالتالي علينا أن نتحمل تعنت أصحاب دور العرض وبحثهم عن الربح، ونخضع لحسابات العرض ومواسم طرح الأفلام وهي: الصيف وإجازة نصف العام والأعياد، أما باقي العام فهو للأفلام الأجنبية».

يضيف: «لم يتم وضع السينما المستقلة على جدول العرض لأنها وليدة ولا جمهور لها. تطلبت السينما المستقلة في هوليوود عشرين عاماً لتصل إلى الجمهور وتجذب كبار النجوم، أما في مصر فما زالت في بداية عهدها،  وتحتاج إلى وقت وجهد لتفرض حضورها على الموزعين ودور العرض».

 يطالب حفظي صانعي هذه الأفلام بوضع ذوق الجمهور في الاعتبار ومحاولة التقرب منه بتقديم سينما متوازنة فنياً وتجارياًً، «على المنتجين  دعم هذه السينما، لا سيما أنها غير مكلفة مقارنة بالأفلام الأخرى، وعلى الدولة التدخل لكسر الاحتكار الذي تعانيه السينما المصرية وفتح دور العرض التي تملكها الدولة أمام هذه النوعية من الأفلام.

بدوره يرى المنتج محمد العدل أن تحديد مدة عرض فيلم «فرش وغطا» خطأ كبير لا يغتفر، وكأن الموزع يجامل أصحاب الفيلم، مشيراً إلى أنه لم يحدث في تاريخ السينما أن قرر الموزع وصاحب دار العرض تحديد مدة عرض فيلم قبل عرضه، من دون النظر إلى إقبال الجمهور.

يضيف: «مشكلة هذه النوعية من الأفلام أن صانعيها اهتموا بالفن والجماليات من دون الأخذ في الاعتبار مطالب الجمهور. أطالب الدولة  بالتدخل وفتح دور عرض لهذه الأفلام لتصل إلى الجمهور كخطوة أولى ثم تتدخل في الإنتاج».

يشير إلى أن السينما في الأساس صناعة وتجارة وفن، ولا بد من أن يحقق صناعها أرباحاً. باختصار، يجب تحقيق توازن بين العناصر الثلاثة، فلو طغت التجارة على الفن لأصبح مسفاً وانحدر بذوق الجمهور، ولو طغى الفن على التجارة خسر المنتج ولن يستمر في العمل وينصرف الجمهور.

مهزلة وإهانة

في السياق نفسه توضح الناقدة ماجدة خير الله أن ما حدث مهزلة ويدل على الحال المهينة التي وصلت إليها السينما من احتكار وسيطرة مجموعة من المنتجين على الصناعة إنتاجاً وتوزيعاً ودور عرض حتى على غرفة صناعة السينما لضمان إحكام قبضتها على السينما، «بالتالي لن يسمحوا بدخول منتج جديد وإخلاء الساحة لنوع محدد من الفن، لذا أطاحوا بالمحاولات الجادة والفردية لإخراج السينما من أزمتها، لأنهم مستفيدون من هذه الأزمة».

تضيف: «على الدولة أن تتخلى عن مقعد المتفرج وتتدخل للسيطرة على صناعة السينما وكسر هذا الاحتكار، وعلى نقابة السينمائيين أن تؤدي دورها بدل الاكتفاء بتدبير رواتب الأعضاء وحل مشاكل، لأن لها دوراً أكثر أهمية من هذه الأدوار الثانوية».

 تؤكد خير الله أن الجمهور اعتاد نوعاً محدداً من الفن ولم يجهد نفسه لمشاهدة غيره، وأن صانعي هذه الأفلام تعاملوا مع الجمهور بتعال ولم يقدموا سينما متوازية بينهم وبين الجمهور، واكتفوا بالجوائز وقيمة البث الفضائي  كأنها الهدف الوحيد من هذه الأفلام.