دانة الإبداع الكويتي: سعاد عبدالله... {مسرح الخليج العربي} علامة فارقة في مسيرتها (2 - 3)
في هذه الحلقة نتابع الغوص في مسيرة الفنانة الكبيرة سعاد عبدالله، ونستعرض أهم محطاتها الإبداعية، سواء المسرحية أو على شاشة التلفزيون.
ارتبطت الفنانة القديرة سعاد عبدالله بمخرج المنوعات والدراما الكبير فيصل الضاحي عام 1968، وهو صاحب أعمال خالدة سواء درامية أو منوعة، ما زالت تحصد إعجاب المشاهدين إلى اليوم، منها مسلسل {الأقدار}، و أوبريت {شهر العسل} و{بعد العسل}، كذلك أخرج أغنيات مصورة مثل {أبو ضحكة جنان} للمطرب الراحل فريد الأطرش.ولها من ثمرة هذا الزواج الذي أطفأ الشمعة السادسة والأربعين، ثلاثة أبناء: أكبرهم طلال ثم عالية وفواز.
توقفت عن ممارسة العمل الفني في مطلع السبعينيات، لفترة، بسبب سفرها مع زوجها الذي رشح لدورة تدريبية في لندن، في هيئة الإذاعة البريطانية {بي بي سي}، ثم الرحلة الدراسية الثانية إلى الولايات المتحدة الأميركية.العودةوبعد العودة، شاركت في مسرحية {30 يوم حب} (1973) لفرقة المسرح العربي، مع عبدالحسين عبدالرضا وعائشة إبراهيم وأحمد الصالح. ثم عادت إلى العمل مع فرقة المسرح الكويتي بعد أكثر من عشر سنوات من الانقطاع، واختارها المخرج كرم مطاوع لتؤدي بطولة مسرحية {السدرة} المأخوذة عن مسرحية «الأشجار تموت واقفة»، إلى جانب حياة الفهد والبحرينية أحلام محمد ومحمد المنصور. ثم قدمت مع الفرقة مسرحية «رسائل قاضي اشبيلية» للكاتب المصري ألفرد فرج وإخراج سعد أردش.تقول سعاد عبدالله عن هذه التجربة المسرحية المهمة: «مسرحية من التراث العربي، تحمل فكراً رائعاً إضافة إلى كمّ كبير من الغناء، واللوحات الراقصة، إنه فعلاً عمل شامل».مسرح الخليجشكَّل انضمام سعاد عبدالله إلى فرقة «مسرح الخليج العربي» عام 1965 علامة فارقة في مسيرتها الفنية ونقطة تحول مهمة، فهذا المسرح كان يضم أسماء مثقفة مسرحياً تمتلك وعياً في الفن والثقافة، وكانت حوارات هؤلاء الفنانين والمسرحيين بمثابة المدرسة التي يتعلم منها الإنسان الكثير من أمور الحياة، خصوصاً ما يتعلق بالمسرح، وقد انجذبت إلى أعضاء المسرح وأصبح ثمة تجانس بينها وبين صقر الرشود وعبدالعزيز السريع وبقية الأسماء البارزة التي شكلت علامة مميزة في تاريخ الفرقة.قدمت مع فرقة مسرح الخليج، «عنده شهادة» (1965)، التي عرضت في بغداد أيضاً، وصادف هناك حدوث انقلاب بقيادة عبد السلام عارف فعادوا إلى الكويت. تقول سعاد عبدالله: «لم نكن نعرف شكل الانقلابات لأننا نعيش في بلد آمن، كان صقر الرشود يحلق في الصالون استعداداً للعرض في الليل، وعندما سمع الحلاق صوت القصف اجتز جزءاً من شارب الرشود، ومن سذاجتنا أنا ومحمد المنصور ومهندس الديكور البحريني يوسف قاسم طلعنا فوق سطح الفندق كي نشاهد ما حدث والطائرات تحلق فوق رؤوسنا».عندما توقفت عن العمل في الفرقة للسفر مع زوجها أقام لها زملاؤها حفلاً وداعياً. مراحل الخليج عايشت سعاد عبدالله المرحلة الثانية، أيضاً، من تاريخ «مسرح الخليج» بأعمال عالمية مترجمة مثل «المرأة لعبة البيت» عن «بيت الدمية» للنرويجي هنريك يوهان إبسن ومسرحية «الغربان». كذلك شاركت في المرحلة الثالثة التي تمثلت بمسرحيات لكتّاب عرب منها: «حفلة على الخازوق» لمحفوظ عبد الرحمن (1975)، إخراج صقر الرشود، التي تقول عنها سعاد عبدالله إنها إحدى أهم المحطات في تاريخ الحركة المسرحية الكويتية، وتناولت موضوعاً جريئاً هو فساد بطانة السلطة، وعرضت في الكويت والقاهرة ودمشق. ولا ننسى «عريس لبنت السلطان» (1978) لمحفوظ والرشود التي عرضت في {مهرجان دمشق المسرحي السابع}.المسرح الأهليمن المحطات المهمة، أيضاً، مشاركة سعاد عبدالله في العمل اليتيم للمسرح الأهلي، وهو منتخب من المسارح الأهلية في الكويت (العربي والخليج والشعبي والكويتي)، تأسست الفرقة لتمثيل دولة الكويت في «مهرجان دمشق المسرحي السادس» (1975)، ووقع الاختيار على نص {علي جناح التبريزي وتابعه قفه} للكاتب المصري الراحل ألفرد فرج، ليخرجه صقر الرشود، وشارك في التمثيل: محمد المنصور، غانم الصالح، خالد العبيد، أحمد الصالح، مريم الغضبان، محمد السريع، جوهر سالم. وقد حصلت المسرحية على المركز الأول.بهذا الصدد، تقول سعاد عبدالله: {التبريزي، عمل جماعي يحمل فكراً وشكلاً فنياً، يتناول إعادة توزيع الثروة وثورة الفقراء، وكنا واثقين بأنه سيشكل نقلة نوعية في تاريخ الحركة المسرحية الكويتية، وصقر الرشود كان سابق عصره، إذ قدم مزجاً جميلاً بين التراث العربي والتراث الكويتي الغنائي، وشهد إطلالة الموسيقار المبدع غنام الديكان}.قاتل أخيهمن الأعمال الكويتية المميزة سباعية تمثيلية بعنوان «قاتل أخيه»، شارك فيها إلى جانب سعاد عبدالله، عائشة ابراهيم، غانم الصالح، حسين الصالح، عبد الوهاب سلطان، إخراج خالد الصديق، تناولت قصّة أول رجل في الكويت (من الجنسيّة العُمانيّة) يحكم عليه بالإعدام، ووقّع الحكم الشيخ عبدالله السالم.وتمنت سعاد عبدالله معالجة الأعمال القديمة، بإعادة ترميمها لتواكب البث التلفزيوني الحديث، كما حدث مع السينما المصرية، التي تم ترميمها في انكلترا، مشيرة إلى أن أرشيف تلفزيون الكويت يحمل كنزاً لا يقدر، يجب أن تراه الأجيال كافة.مع غانم الصالحخلال سبعينيات القرن الماضي، شاركت سعاد عبدالله في أعمال تلفزيونية مع الفنان غانم الصالح من بينها: «وأخيراً عرفت الحقيقة» و{رحلة عذاب» و{أزهار الشك» و{الرماد» وغيرها.ولعل أهم عمل قدمته في تلك الفترة كان تمثيلية «الاحتقار» التي جمعتها بالفنانين الكبيرين سعد الفرج وغانم الصالح، وهي من الأدب الإيطالي، وقد صورت خلال فترة قصيرة وشهدت مباراة في الأداء بين الثلاثي. كانت سعاد عبدالله في قمة تألقها وعطائها، وتفوقت على نفسها في أداء رائع أذهل كثيرين. شاركت التمثيلية في مهرجان «كان» التلفزيوني، وهي المرة الأولى التي تشارك الكويت في هذا المهرجان.أما آخر مسلسل جمعها بغانم الصالح فكان {أم البنات} (2009)، تأليف هبة مشاري حمادة، إخراج عارف الطويل.يتبع...