يبدو أن الأمور على الساحة الدرامية مختلطة مع بعضها ولم تعد ثمة معايير واضحة حول أدوار البطولة، ففيما كان اختيار البطل في السابق يعتمد على الكفاءة العالية في التمثيل والموهبة الفذة، بات اليوم يركز على الشكل الخارجي لجذب أكبر نسبة من المشاهدين، ما أدى إلى فوضى فتحت الباب أمام عدم تكافؤ الفرص، فاحتل من لا مواصفات لديه سوى الشكل الشاشات وانكفأ من أمضى سنوات في التخصص بالتمثيل...

Ad

حول أسباب هذه الظاهرة {غير الصحية} استطلعت {الجريدة} مجموعة من النجوم اللبنانيين.

 داليدا خليل

«لكل ممثل، بغض النظر عن عمره، رسالة يجب أن يوجهها عبر أعماله، في حال كان الدور بطولة أم ثانوياً»، تقول داليدا خليل لافتة إلى أنها انتقلت من الأدوار العادية إلى الأدوار الرئيسة، بفضل اجتهادها وصقل موهبتها ودخولها قلب المشاهد.

تضيف: «بدأت منذ 10 سنوات التمثيل، وفي خلال تخصصي في معهد الفنون الجميلة، أديت أدواراً ثانوية، فتقدمت تدريجاً وصولا إلى دور البطولة. أنا فرحة بهذا الانتقال الذي يحمّلني مسؤولية الاجتهاد لتحقيق أحلامي وكل ما أسعى اليه».

تشدد على أن معيار النجومية اختلف بين الأمس واليوم، وبعض الأمور التي تحصل لا تعتبر منطقية، لأن أشخاصاً موهوبين، لهم باع طويل في الدارما، لا يأخذون حقهم، في وقت تعطى أدوار البطولة إلى وجوه غير معروفة أو نجوم غناء لتحقيق جماهرية أكبر للعمل.

تتابع: «في الماضي اقتصر عدد الممثلين على أصابع اليد  الواحدة، أما راهناً، فيسعى كل مغنٍ أو مقدم برامج إلى التمثيل، لا أفهم فعلا ماذا يريد هؤلاء وما إذا كانوا يسعون الى الشهرة. من جهة أخرى نرى أن ثمة أشخاصاً موهوبين لكنهم لا يأخذون حقهم ولا يصبحون نجوماً، فيما يأخذ آخرون دور البطولة ويصبحون نجوماً رغم أن أداءهم لا يوازي أداء الممثل الموهوب المطمور».

دارين حمزة

«البطولة في التلفزيون لا تعني لي الكثير بقدر ما تعني لي البطولة في السينما»، توضح دارين حمزة، مشددة على أن أدوار البطولة في التلفزيون توزّع أحياناً، ليس استناداً إلى خبرة الممثل أو موهبته، بل لأهداف تجارية محض أو شخصية أو غيرها.

تضيف: «يدفع هذا الواقع الممثل الذي يملك باعاً طويلاً في الدراما إلى الشعور ببعض الأسف لما يحصل، فيختار الأدوار المركبة التي تؤثر في الناس حتى لو كانت تقوم على بطولة مطلقة».

تشير إلى أنها تلقت عروضاً لبطولة درامية مطلقة، «لكنني رفضتها لأنني لا أفضل الأعمال التي تدور أحداثها وشخصياتها في فلك البطلة طيلة 30 حلقة درامية، فإذا فشلت هي سقط العمل كله، بينما يمكن أداء دور البطولة المطلقة في السينما التي تشكل أولوية بالنسبة اليّ، لأنها تقتصر على ساعة من الوقت. لذا أفضل المشاركة في بطولة جماعية تلفزيونية مثل مسلسلي «الدوامة» و{الغالبون»، لأنها تُكتب بطريقة درامية أجمل وتحوي قصصاً متنوعة وقضايا  مختلفة فتحقق نجاحاً أكبر».

جورج شلهوب

«إسناد دور البطولة إلى من لا يستحق فقط لأجل الشكل الخارجي أو في حال كانت مغنية لديها جماهيرية هو أمر تجاري بحت» يؤكد جورج شلهوب مشدداً على أن ممثلات جميلات ومؤديات بارعات في لبنان لا يأخذن حقهن، فيما تُسند البطولة، خصوصاً الرمضانية، إلى مغنيات.

يضيف: «اعتقد أن هذا الأمر ينعكس سلباً على المغنية التي تمثّل، لأن الجمهور يتعلقّ بصورتها الجميلة كمغنية، وينجذب إليها في هذا الإطار، فيما تضطر إلى التخلي عن المظاهر الجمالية في التمثيل ما يفقدها جاذبيتها».

يتابع: «أداء ميريام فارس التمثيلي، مثلا، جميل لكنني لم أتعرّف إليها في البداية، لأن صورتها كمغنية مختلفة عن صورتها كممثلة درامية».

يشير إلى أنه لا ينتظر من أحد أن يعطيه حقوقه، «لأنني أملك قناعة ذاتية. لهذا السبب رفضت عقد عمل لخمس سنوات مع هوليوود، بعدما تخصصت بالإخراج والتمثيل والإنتاج التلفزيوني في أفضل معهد عالمي، إذ اعتبروني نابغة، لذا وحده يهمني الاستمرار في لبنان، ولا أبذل سوى جهد ضئيل من خبرتي المهنية. كذلك رفضت مراكز لبنانية مهمّة لأنني أرفض التبعية السياسية السائدة في محطات التلفزة، التي، برأيي، لا تتطوّر إلا في حال اعتماد الكفاية المهنية في اختيار الموظفين والمسؤولين».

 باسم مغنية

«دور البطولة لمن يملك الكفاءة والحضور والمسيرة المشرّفة» يؤكد باسم مغنية الذي كان البطل في أكثر من مسلسل درامي لبناني، لذا لا يقبل المشاركة بأي عمل عربي إذا لم يكن دوره أساسياً.

يضيف: «لا أشارك إلا في دور البطولة في أي عمل عربي، لأنني لست مضطراً إلى الظهور بمستوى أقل من إطلالاتي في وطني، أو أن أكون جزءاً صغيراً في عمل درامي عادي. وإذا أردت المشاركة، فإما أن تكون من ضمن ثنائيات درامية أساسية في العمل متساوية على صعيدي النجومية وأهمية الدور، أو في دور صغير مهمّ إلى جانب نجوم آخرين في أعمال تاريخية ضخمة، مثل أدائي دور شاه إيران في مسلسل «الملكة نازلي».

وعن مشاركة نجوم غناء من الصف الأول في الأعمال الدرامية لاستقطاب مزيد من الناس يتابع: {شخصياً، لا تهمني الأسماء بمقدار النتيجة، لأن الممثل المبتدئ يقدّم أحياناً دوراً صغيراً يترك أثراً كبيراً لدى الجمهور، لذا لا تشكل الاسماء سبباً أساسياً في نجاح العمل، بل سبب أساس لاستقطاب الناس}.

ندى بو فرحات

«ثمة إجحاف في إسناد دور البطولة إلى ممثلين أقل خبرة من الممثلين المخضرمين» توضح ندى بو فرحات لكنها تفهم، في الوقت نفسه، اللعبة الدرامية وكيف تسير أمورها أحياناً.

تضيف: «لا يستند القيمون على الدراما إلى الأداء في خياراتهم، فحسب، بل ينظرون إلى ضرورة أن يكون الاسم جماهيرياً ليحقق العمل انتشاراً أكبر، فنساعد نحن الدراما اللبنانية لتتقدّم بدلا من أن تسهم هي في تقدمنا، على عكس ما يحصل في الخارج».

تتابع: «منذ دخلت مجال التمثيل تسير الأمور على هذا المنوال، فأكتفي بأداء دور قويّ، وإذا تمكنت، بفضله، أن أكون ممثلة عربية وعالمية كان به. لكنني لا أسعى إلى تحقيق هذا الهدف على حساب أدائي وتعبي ووقتي، لأنني أؤمن بأن تسخير هذه العناصر لتقديم أداء جيّد سيوصلني إلى هدفي، وإن كانت المسافة أطول من مسافة الممثلة التي تعتمد على جمالها فحسب».

ترى أن الجمال والقوام الممشوق مهمّان وأساسيان شرط أن يتوافر الحظّ، أيضاً، وأن تدرك الممثلة كيفية توظيف شكلها الخارجي. «شخصياً، لا أفتقر إلى مقومات الجمال، إنما أكرّس وقتي للاجتهاد والأداء مسخّرة شكلي الخارجي للشخصية التي أؤديها، كوني ممثلة، أساساً، لا مغنية أو عارضة أزياء».

يورغو شلهوب

«ليس التمثيل عرضاً جمالياً، وأدوار البطولة تتطلب من يستطيع أداءها»، يؤكد يورغو شلهوب الذي له باع طويل في الدراما اللبنانية وكان البطل دائماً.

يضيف: {صحيح أن بعض أدوار البطولة يحتاج إلى شكل جميل ليتعلق الجمهور بالشخصية، إنما الأهم توافر الكاريزما والأداء الجميل والإحساس، لأن التمثيل ليس عرضاً جمالياً، بل روح متجسدة بشخصية معينة».

لا يمانع دخول الموهوبين غير المتخصصين جامعياً إلى التمثيل، إذ يمكن لهؤلاء أن يطوّروا أنفسهم عبر ورش العمل، «إنما أرفض اختيار شخص غير موهوب لدور البطولة، مهما كانت الأسباب، مادية أو شخصية، لأن ذلك يضرب صورة الممثل اللبناني في العالم العربي، ويوحي بأن الممثلين اللبنانيين غير».

يتابع: «أرفض الظهور لمجرد الظهور، في حال كان الدور بطولة أم لا، لم تكن الأعمال التي عرضت علي، في فترة غيابي مثلا، عند المستوى المطلوب نصاً وإنتاجاً وإخراجاً، لذا ابتعدت عن الجو الدرامي عموماً، لكن عندما تغيّرت الظروف وتحسّنت الأعمال وعرضت عليّ سيناريوهات نوعية، تشجعت للعودة إلى التمثيل، شغفي ومتنفسي في الحياة، علماً أنني لم أسع يوماً إلى الربح المادي وكسب ثروة من خلاله، الا أنه لا يمكنني  التنازل عن أدنى حقوقي».

إيميه صياح

«من يفتقر إلى الحضور والكاريزما لا يليق به دور البطولة»، تؤكد إيميه صياح التي انطلقت في عالم التلفزيون كمقدمة برامج، وعرفها الجمهور كبطلة في مسلسل «وأشرقت الشمس» أول خطوة تمثيلية لها.

في هذا الإطار تقول: «لا شك في أنني شعرت بالخوف أو بالتحدي الذاتي، خصوصاً أنني انطلقت من دور بطولي لا ثانوي، وقد راودني الخوف والقلق من جهة، لكنني اعتبرت الفرصة المعروضة عليّ جميلة جداً من ناحية التركيبة الدرامية، كتابة وإخراجاً وإنتاجاً وتمثيلا، فضلا عن روعة الدور، ما حمّلني مسؤولية، ودفعني إلى أن أكون متيقظة دائماً وجاهزة لتقديم أفضل ما لدي، خصوصاً أنني وقفت إلى جانب ممثلين كبار».

وعن دخولها عالم التمثيل كبطلة تضيف: «صحيح أنها فرصة أو ضربة حظّ، لكنني أطمح دائماً إلى التقدم في المجالات المهنية التي أحب، لذا اجتهدت في سبيل تحقيق طموحي، وكنت جاهزة دائماً لتلقي الفرصة الكبيرة واقتناصها كما يجب».  

عما إذا كان جمالها الخارجي ساعدها على غرار بعض نجمات الغناء اللواتي يدخلن مجال التمثيل أو عارضات الأزياء أو مقدمات البرامج، توضح: «لم تعتمد «جلنار» في المسلسل على جمالها لجذب الناس، فهي لم ترتدِ ثياباً مثيرة ولم تضع ماكياجاً لافتاً، لكن الجمهور أحب شخصيتها وأقوالها وأفعالها وكيفية تعاملها مع الأحداث. برأيي الشكل مهم في عصر الصورة، لكنه ليس الأهم أو الأساس، لأن ملكة جمال العالم، يمكن أن تفشل في التمثيل إذا افتقرت إلى الحضور اللافت والكاريزما».