تحتاج الكويت إلى ما لا يقل عن 2.8 مليون طن سنويا من حديد التسليح إذا عزمت على إنجاز 12 ألف وحدة سكنية سنويا لمواطنيها، في حين تحتاج إلى أضعاف مضاعفة من المادة في حال أطلقت المشاريع جملة واحدة.

Ad

تبلغ حاجة الكويت من مادة حديد التسليح في الظروف الاعتيادية نحو 800 الف طن، دون اي مشاريع عقارية اسكانية او غيرها، سواء كانت تلك المشاريع عبر "بي او تي" او مشاريع اسكانية للمواطنين.

وصدرت تصريحات صحافية على ألسنة جهات معنية بأن هناك توجها رسميا نحو انجاز مشاريع اسكانية يقدر حجمها بنحو 12 الف وحدة في السنة، لتلبية طلبات سكنية تقدر بنحو 110 آلاف، حسب بيانات المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

ومما هو متعارف عليه ومقدر ببيانات رسمية ان حاجة كل بيت نحو 50 طنا من الحديد، وفق اقل التقديرات التي بنيت على اساس الهيكل الذي يخول صاحبه الحصول على هذه الكمية بدعم حكومي لكل مستحق لقرض الاسكان.

وهذا يعني ان الحاجة التي ستظهر لن تقل عن 600 الف طن سنويا للمشاريع الاسكانية التي تشمل 12 الف وحدة، فضلا عن المشاريع الاخرى التي قدرت قيمة الحاجة السنوية لها بنحو 800 الف طن سنويا، ليصبح حجم الحاجة مقدرا بنحو 1.4 مليون طن سنويا.

ولا ننسى ان هناك مشاريع بنية تحتية تتزامن مع اطلاق المشاريع الاسكانية، غير الخدمات الأخرى التي ينبغي ان توفرها الجهات المعنية من مخافر ومستوصفات ومدارس وشوارع ومجارير الصرف الصحي، إضافة الى الارصفة والطرقات ومواقف السيارات والجمعيات وغيرها من الخدمات الواجب توفيرها في اي تجمع سكني، وهذا يعني اضافة كمية لا تقل عما سبق ذكره للمشاريع الاسكانية وحاجة الكويت الاعتيادية، فتصبح القيمة مقدرة بنحو 2.8 مليون طن سنويا، بينما لا يتوافر من الكمية من المنتج المحلي سوى مليون طن فقط.

تقديرات أولية

وقياسا على هذه الارقام المدونة لدى "الرعاية السكنية" فإن التقديرات الاولية تفيد بأن الكويت بحاجة الى 5.5 ملايين طن حديد لانجاز مشاريع الاسكان وتلبية طلبات الاسكان المعروفة.

ومما نشرته "الجريدة" في اعداد سابقة ان هناك تقديرات تفيد بأن حاجة الكويت السنوية في ظل الظروف الراهنة لمادة الحديد تقدر بنحو 800 الف طن سنويا، في اقل تقدير، وهذا فقط للمشاريع الاسكانية الاعتيادية التي لم تتجاوز الـ2000 وحدة في افضل الاحوال.

كما نشرت "الجريدة" سابقا احصائيات دقيقة تفيد بأن الطاقة الانتاجية لمصانع الحديد بالكويت، أي حديد التسليح، تصل الى نحو 1.2 مليون طن، وهذا بالطبع وفق الطاقة القصوى للمصنع الوحيد في المنطقة. ومما سلف نجزم ان الطاقة التقديرية حاليا للمصنع تغطي حاجة السوق المحلي في ظل الظروف الاعتيادية وقبل انطلاق المشاريع الاسكانية الضخمة على مستوى كل مناطق الكويت.

ومما تجدر الاشارة اليه ان الـ110 آلاف طلب اسكاني، والتي تحتاج الى 5.5 ملايين طن حديد، يجب ان يضاف اليه 800 الف طن سنويا هي المعدل الطبيعي للمشاريع الاسكانية التي يتم انجازها خارج نطاق الطلبات الموجودة لدى "الرعاية السكنية"، "واذا قدرنا وسطيا ان تلك الطلبات سيتم انجازها خلال فترة في احسن الاحول بمعدل 10 آلاف وحدة سنويا، فهذا يعني ان الـ110 آلاف بيت تحتاج الى 11 عاما للانجاز".

وبناء على ما سبق ايضا فإن احصائيات تفيد بأن هناك معدل زيادة سنوية 8 آلاف طلب سكني، فإنه في الـ11 سنة سيتم ادخال 88 الف طلب، اي كما يقولون "راوح مكانك". ومع هذا فإن الـ88 الف طلب تحتاج الى 4.4 ملايين طن حديد خلال ذات الفترة التي يتم انجاز هذه المشاريع فيها، ويضاف اليها طبعا خلال الـ11 سنة حجم احتياجات اعتيادية تقدر بـ800 الف طن سنويا، اي بمعدل 8.8 ملايين طن حديد خلال فترة الـ11 سنة.

وبهذا نحتاج الى 17.9 مليون طن حديد تسليح خلال فترة انجاز المشاريع الحالية المتراكمة لدى الرعاية السكنية، وهذا دون إدخال فترة الانجاز التي تحتاجها الطلبات التي دخلت خلال فترة الانجاز لـ110 آلاف طلب والمقدرة بـ88 الف طلب اضافية.

وبالطبع لا يفوتنا هنا ان نشير الى احتياجات المشاريع الاخرى التي هي الاخرى يجب الا يستهان بها، ومن بينها مشاريع البنية التحتية ومشاريع الجسور والطرقات وغيرها من المشاريع الجانبية.

الحيطة واجبة

اخبار اخرى دافعة الى وجوب اخذ الحيطة والحذر وفق النظرة الاستراتيجية لأي دولة، في ظل تنامي الطلب الصيني والتركي على مادة الحديد في اتجاه الى استنزاف كل المعروض لانشاء مشاريع عملاقة تمتد لعقد من الزمن او ما يزيد. وبالطبع ان شح المعروض يؤدي وجوبا الى زيادة في الاسعار مع تزايد الطلب العالمي على المادة.

واكدت "الجريدة" سابقا، وبناء على ما تناقلته وكالات الانباء العالمية، حول اقدام الصين على انجاز مشاريع سكك حديدية بطول 6600 كم، ان هذه الخطوة "ستشفط" معظم المعروض من مادة الحديد من سوقه العالمي، ما يؤدي الى اختلال في توازن الاسعار على صعيد الاسواق المحلية سواء كانت صغيرة او كبيرة، ومنها سوق الكويت.

وشددت مصادر مطلعة لـ"الجريدة" على ان اسعار مادة حديد التسليح تتجه نحو الصعود محليا بشكل لافت بعد فترة قضتها اسعار المادة مستقرة عند مستوى 190 دينارا للطن الواحد كمعدل متوسط للاطوال والقياسات كافة، مضيفة ان الاسعار الآن تتراوح بين 190 و220 دينارا، وتختلف حسب اختلاف اطوال واقطار حديد التسليح المتوفر في السوق المحلي.

وقالت المصادر ان المادة تشهد اقبالا منقطع النظير هذه الايام، لاسيما بعد اعلان اعتزام الصين انفاق اكثر من 100 مليار دولار في العام الجاري على انشاء خطوط جديدة للسكك الحديدية، يزيد طولها على 6600 كم.

من جهة اخرى، نقلت وكالة الانباء الصينية (شينخوا) ان هذا سيكون في مناطق ضعيفة التنمية وسط وغرب البلاد، متابعة ان هيئة سكك حديد الصين المملوكة للدولة وضعت بالفعل 5586 كم من خطوط السكك الحديدية قيد التشغيل منذ انشائها في مارس 2013 في اعقاب حل وزارة السكك الحديدية.

حاجة الصين

من جهة ثانية، اكدت الوكالة البدء في بناء 49 مشروعا جديدا للسكك الحديدية، مضيفة ان الصين كان لديها اكثر من 100 الف كيلومتر من السكك الحديدية قيد التشغيل بحلول نهاية عام 2013، منها 10 في المئة للقطاعات الفائقة السرعة.

ومما يجدر الاشارة اليه ان تركيا اعلنت هي الاخرى مشاريع هدم 6 ملايين منزل في مناطق مختلفة من البلاد، كما ستقوم بإنشاء عقارات استثمارية وسكنية محل تلك البيوت، في معدل وسط من الادوار يصل الى 20 دورا في اقل تقدير.

ولفتت تقارير تناقلتها قنوات فضائية عدة الى ان هذه الخطوة التركية، الى جانب خطوة الصين في انجاز 6600 كم من خطوط السكك الحديدية، ستجفف منابع الحديد في الكرة الارضية، بينما لا يخفى على الجميع مشاريع اعادة اعمار العراق، فضلا عن المشاريع العقارية العملاقة التي تنجزها السعودية، الى جانب بقية دول الخليج العربي على مستوى المنطقة.

واضف الى هذا ان الكويت ايضا تتجه الى بناء ما لا يقل عن 100 الف وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة، وفق ما يفصح عنه مسؤولون بين الحين والحين في تصريحات صحافية تناولت معدلا سنويا للانجاز يتراوح بين 12 و20 الف وحدة.

خطوات خجولة

ولاتزال خطوات المحافظة على الكميات المتوافرة من انتاج مصانع الكويت من الحديد خجولة جدا، بل ان هناك بعض عمليات التصدير من المفترض ان تأخذ الدولة بالحسبان لدى منح تلك الموافقات اعتبار ان مادة الحديد عموما ومادة حديد التسليح خصوصا تحتاجها البلاد في انجاز مشاريعها السكنية، لاسيما في ظل خطوات عالمية نحو استغلال المادة المذكورة استغلالا كارثيا يترك آثاره واضحة وجلية على اسواق المنطقة.

جدير بالذكر ان الطاقة الانتاجية من مادة حديد التسليح لا تصل الى مليون طن سنويا، بينما تحتاج مشاريع الاسكان وحدها الى مليون طن سنويا لانجازها في ما لو انطلقت بشكلها الجدي.

ومما يجب التنويه اليه ان مشاريع البنية التحتية تحتاج الى ما يقارب هذه الكمية من مادة حديد التسليح، وهذا يعني ان الكويت بحاجة الى النظر بجدية الى مشكلة المرحلة المقبلة المتمثلة في شح مادة حديد التسليح والتي على المسؤولين كل في موقعه التشدد في التركيز عليها حتى يتم تأمين مخزون يكفي تلك المشاريع عن طريق الشركات المحلية سواء شركات تصنيع او استيراد.

ولا ننسى ان تركيا تعتبر المورد الاكبر لمادة حديد التسليح بالنسبة للشركات العاملة في السوق الكويتي، كما لا ننسى ان هناك حاجة ظهرت في مصر، التي يأتي في مقدمتها مشروع قناة السويس الجديدة، والتي دفعت المسؤولين فيها الى التشجيع على تأمين المادة، مثلما هو الحال في السعودية، استقراء لما يمكن ان يحدث من شح في المعروض لمادة الحديد عالميا، في ظل ازدياد معدل الطلب سواء من تركيا او الصين او غيرهما.

حظر التصدير

ومما تجدر الاشارة اليه ان الكويت بحاجة الى استصدار قرار يحظر تصدير الحديد بأنواعه كافة، خصوصا حديد التسليح، بالنظر الى المستقبل المجهول لهذه المادة، والذي لا يبشر الا بمزيد من الطلب وشح في المعروض، ما يجعل الكميات المتوفرة عرضة للاحتكار في اي وقت، آخذة الاسعار نحو الاعلى، مكلفة الكويت مبالغ اضافية على تكلفة مشاريع الانتاج هي في غنى عنها.

الارتباط بالسوق التركي

على الكويت الا تغفل ان السوق التركي، وهو مصدر التوريد النشط لمادة حديد التسليح بالنسبة للشركات الكويتية العاملة في هذا القطاع، التي قدرت وفق خبراء اقتصاد بنحو 1.2 مليار طن لانجاز مشاريع هدم 6 ملايين بيت، واعادة انشاء ابراج مكانها بارتفاعات متوسطة تقدر بنحو 20 طابقا، يمكن ان يوقف تصدير هذه المادة في ظل الحاجة اليها.

مما سبق يتبين لنا ان الكويت كدولة تتطلع الى ان تكون مركزا مالية وتجاريا والى تأمين بيوت السكن الخاص لمواطنيها، اضافة الى اطلاق مشاريع اخرى مصاحبة لتوجه البلاد نحو التحول الى مركز مالي وتجاري عالمي، عليها أن تهتم بكل ما له ارتباط بالمشاريع التي تسعى الى انجازها، وفق نظرة استراتيجية في تأمين المواد الانشائية، مثلما هي الحال بنظرتها في تأمين أي مخزون استراتيجي لمواد اخرى تحسبا للطوارئ.

ويشار إلى ان مواد البناء التي يتم تصنيعها محليا يجب ان تتم مراقبتها، والعمل على حظر تصديرها في ظل احتياجات السوق المتنامية، فضلا عن الاحتياجات التي اظهرتها الاسواق المجاورة وغير المجاورة، والتي قد تصيب سوق مواد البناء عالميا بشح غير مسبوق.