رابعة الزيّات: الإعلام حاكمٌ يُسقط أنظمة ويرفع أخرى

نشر في 19-11-2013 | 00:01
آخر تحديث 19-11-2013 | 00:01
رابعة الزيّات إعلامية لبنانية متألقة، ابتكرت، بفضل ثقافتها، أسلوباً حوارياً خاصاً بها. اجتهدت وثابرت فتطوّرت وتقدّمت وأثبتت، بعد سنين من الجهد والتعب، بصمتها الخاصة في عالم الصورة، من دون أن يكون جمالها الخارجي وحده جواز مرورها إلى قلب المشاهدين. عن مسيرتها وبرنامجها «بعدنا مع رابعة» الذي يعرض على شاشة «الجديد»، تحدثت إلى «الجريدة».
«بعدنا مع رابعة» مستمر في موسم جديد بنجاح، فما الذي يعزز هذه الاستمرارية؟

المجهود الشخصي والتنوع ومواكبة العصر، خصوصاً أن ثمة متغيرات ومنافسة بين البرامج والمحطات، لذلك يجب التجديد بهدف الاستمرارية وضخّ روحية جديدة لئلا يتسلل الملل إلى المشاهد.

هل يكفي تغيير الديكور وحده في إضفاء روحية جديدة إلى البرنامج؟

يؤدي الديكور دوراً مهماً للانتقال في الحلقة من جو إلى آخر، لا سيما أننا في عصر الصورة، فضلا عن التنويع في الفقرات والضيوف والأفكار.

هل يمكن لبرنامج حواري أن يخدم مجتمعه فلا يقتصر على الترفيه؟

يعتبر البعض أن البرامج الترفيهية لا تحمل رسائل إنسانية أو معلومات قيّمة، فيما أرى أنها تخدم مجتمعها عبر تقديم المعلومة بقالب من الترفيه، لتصل إلى الجمهور بطريقة خفيفة وتلقائية، كذلك يمكن تمرير رسائل إنسانية وثقافية، وعرض تجارب الناس والإضاءة عليها، حتى لو تحدث البرنامج عن الموضة والجمال، لأن الأساس يكمن في كيفية تقديم مواده، لذا نلاحظ أحياناً أن ثمة برامج جدّية تفتقر إلى الثقافة.

أي دور للإعلام في ظلّ المآسي الاجتماعية التي يشهدها لبنان وبعض الدول العربية؟

نشهد راهناً حروباً إعلامية، ويؤدي الإعلام دوراً مهماً، إيجاباً أو سلباً، وفق سياسة المحطة التلفزيونية وتوجهها، فيشكّل سلطة أساسية وحاكماً يُسقط أنظمة ويرفع أخرى.

كيف تنظرين إلى الواقع الثقافي العربي عموماً؟

للأسف، لا حضور ثقافياً في العالم العربي لأن المسيطر هو اللعب على الغرائز بدلا من سيادة العقل والمنطق، تنشر الثقافة الوعي وتطور المجتمعات وترتقي بها، لذلك أراها في حال من الاضمحلال راهناً، رغم بقاء فسحة بسيطة للأغنية والكتاب والموسيقى.

هل ينعكس هذا الواقع على الإعلام أيضاً؟

طبعاً، فنحن في زمن الانحطاط على المستويات كافة، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وفنياً. وطالما أن الإعلام جزء من الواقع، ومحكوم من سياسة رأس المال والإعلانات، فلا بد من أن ينزلق إلى هذا المستوى من الانحطاط الذي نعيشه راهناً.

نشهد تراجعاً في نسبة مشاهدي البرامج السياسية اللبنانية، هل يصبّ ذلك في مصلحة البرامج الحوارية الاجتماعية أم الدراما؟

ملّ الجمهور البرامج السياسية وتعب من السياسة ومن الأمور التي لا تؤدي إلى نتيجة، خصوصاً أن السياسيين الذين يتشاجرون مباشرة عبر الهواء ويتراشقون بالكراسي، سرعان ما يتصالحون بقرار سياسي. فأصبح المشاهد واعياً أكثر لهذا الأمر، ويدرك أن الحوار السياسي لن يقدم ولن يؤخر ولن يغير الواقع المختلف  عما يراه في الشاشة، فتوجه إلى البرامج الحوارية الترفيهية والدراما بحثاً عمّا يفرحه ويسليه.

لكل شاشة محلية برنامجها الحواري الذي تتنافس من خلاله مع المحطات الأخرى، فكيف يتميّز المحاور عن سواه ومعه برنامجه؟

كل إنسان هو حالة خاصة وله شخصيته المتمايزة عن سواه. بالنسبة إلى المحاور تؤدي شخصيته دوراً في إطلالته وكيفية تقديمه البرنامج وإدارة الحوار مع ضيوفه، وهذا التميّز مطلوب في زمن المنافسة.

كيف يحافظ الإعلامي على حرية مواقفه الوطنية والتعبير عنها،  طالما أن السياسة تسيطر على محطات التلفزة؟

برأيي، إذا أراد الإعلامي أن يكون حراً فعليه أن يختار المحطة التلفزيونية الأقرب إلى حريته. محطة {الجديد} التي أنتمي إلى فريق عملها، منفتحة وتضمّ موظفين ينتمون إلى أطياف سياسية مختلفة، ويعبّرون عن رأيهم ويتحاورون من دون أي تحفظات. أمّا من يعمل في محطة تلفزيونية لبنانية مسيّسة جداً، فإمّا أن تكون سياسته قريبة إلى توجه المحطة أو أن يلغي توجهه السياسي الخاص ويخضع لسياسة تلك المحطة.

ماذا عن المحاور السياسي؟

يجب أن يتميّز بالموضوعية والحيادية، فلا يُظهر توجهه السياسي علناً في ما يتعلق بالسياسة الداخلية، فيكون بالتالي مهنياً. إنما ثمة قضايا لا تحتمل الحيادية أو الموضوعية على غرار القضايا الإنسانية والوطنية الكبرى مثل اعتداء إسرائيل على وطني.

هل أنت حرّة في التعبير عن مواقفك الوطنية؟

طبعاً، من خلال موقعي الإعلامي أعبّر عن موقفي السياسي والوطني من دون مشكلة.

من هم الضيوف الذين ترغبين في استضافتهم مستقبلا؟

السيدة فيروز، استضافتها حلم أي إعلامي. أتمنى لقاءها والتحدث إليها والاستماع إلى صوتها، وإن لم يكن ذلك في إطار برنامج. كذلك أرغب بلقاء منى واصف وجوليا بطرس وماجدة الرومي، وأنا أفكر بالتوقيت والظرف الملائمين لهذا اللقاء.

تتآلفين جداً مع برنامجك وتتكاملين معه، فهل تجدين صعوبة في التخلي عنه لتقديم برنامج جديد؟

طبعاً، خصوصاً أنني أتعلّق بالأمكنة والناس، فكيف الحال بالنسبة إلى برنامج نعتبره، فريق العمل وأنا، مولودنا الصغير الذي جهدنا في سبيل ولادته وتطوره، واختبرنا معاً صعوبات وتعبنا لأجله، وذقنا النجاح الذي يُنسب إلى الجميع وليس إلى شخص واحد. ولكن إذا وقعنا يوماً في مشكلة الرتابة والروتين وتحوّل نجاحنا إلى فشل، أعترف عندها بضرورة التغيير والبحث عن أمور جديدة، فأنا مجازفة في الحياة، ثم من الضروري أن يبقى الإنسان منفتحاً على التغيير والتجدد والتطوّر، لاكتشاف أماكن جديدة في شخصيته، ويتعرّف إليها عبر خط مهني جديد أو عبر اتخاذه قراراً جديداً.

هل من مشروع لبرنامج جديد؟

كلا، أصبّ تركيزي على استمرارية {وبعدنا مع رابعة}.

هل تختارين الضيوف انطلاقاً من أهميتهم في المجتمع أو انطلاقاً من نظرتك الشخصية وتقديرك لهم؟

نختار الضيوف وفق المعيارين معاً، لأن النظرة الشخصية لا تكفي دائماً، بل يجب الالتفات إلى من يريده الجمهور ومن يحقق نسبة مشاهدة عالية وإلى من هو محبوب ومرغوب.

هل معيار نجاح الحلقة مرهون باستضافتك نجوم الصف الأول أو بشخصية الضيف؟

يفرض جو الحلقة نجاحها، بغض النظر عما إذا كان الضيف نجماً من الصف الأول أم لم يكن كذلك، لأن شخصية بعض نجوم الصف الأول لا تضيف رونقاً وجواً إلى الحلقة.

أي من الضيفين يصعب إرضاؤه، السياسي أو الفني؟

يصعب إرضاء الضيف الفنّي لأنه متطلب أكثر من السياسي ويخشى على نجوميته.

أي ضيف ترتاحين في التعامل معه؟

الضيف الذي يتمتع بثقة بالنفس ولديه اكتفاء ذاتي، فلا ينتظر استضافتي له لتحقيق النجومية، بل يشكل هو إضافة نوعية إلى الحلقة، لأنه يمكن التحاور معه فيشفي غليلي ثقافياً.

ما سبب استضافتك للشخصيات الاجتماعية والفنية السورية؟

هي بمثابة التفاتة مني تجاه سورية وتحية وفاء لها لأنها تواجه أزمة كبرى، وبالتالي يجب مساندتها ودعمها، فضلا عن أنها تزخر بالمثقفين والمبدعين والممثلين والمغنين الذين يشكلون إضافة نوعية إلى برنامجي.

في ظلّ سيطرة صورة المذيعة الجميلة على الإعلام، أليس ثمة مثقفات وفتيات مؤهلات يبقين في الظل ويظلمن لافتقارهنّ إلى الشكل الجميل؟

مما لا شك فيه أن عصر الصورة والمادة يطغى على المؤهلات، ويظلم من يملك طاقة ويفتقر إلى الشكل الخارجي الجميل، ولكن اختلف هذا الوضع، اليوم، عن السنوات السابقة، وكل من يريد قول شيء معيّن ويتميّز بمواصفات، بات قادراً على  إثبات نفسه لأن الفرص أصبحت سانحة أكثر، ولم يعد الظهور الإعلامي يقتصر على عارضات الأزياء والجميلات.

ما الرسالة التي توجهينها إلى المرأة العربية؟

رغم أن الشكل الخارجي والأناقة مهمان في حياتها، ثمة أمور أخرى أهمّ مثل الأمومة والثقافة وأن تكون فاعلة في المجتمع. لقد أنعم الله عليها بمؤهلات يجب أن تعززها، وخوّلها أن تكون أماً وزوجة ومنتجة في المجتمع في آن، لذلك أدعوها إلى العمل والإنتاج، حتى لو كانت مرتاحة مادياً، لأن ذلك يساعدها في تحقيق ذاتها.

هل حققت بصمتك في الإعلام؟

أشكر الله أن مسيرتي نتاج تراكم سنوات من الجهد والعمل، استطعت من خلالها تحقيق اسم متواضع في الإعلام، واجتهد ليتطور أكثر فأكثر.

يقول المثل {وراء كل رجل عظيم امرأة}، هل ينطبق هذا المثل بطريقة معاكسة أيضاً عليكما زاهي وهبي وأنت؟

أكيد، فلولا دعم زوجي وفرحته بنجاحي وتشجيعه لي لما تمكنت من بلوغ هذا المستوى، خصوصاً أن الرجل في مجتمعنا الشرقي يحدّ من طموح المرأة إذا أراد وهي ترضخ له. لذلك أشكر الله على كون زوجي رجلا مثقفاً يشجعني ويدعمني ويفرح بنجاحي ويفتخر بي.

back to top