بعد منع محمد ملص من دخول مصر... السينمائيون يخشون على حرية الإبداع

نشر في 16-06-2014 | 00:01
آخر تحديث 16-06-2014 | 00:01
منعت السلطات المصرية المخرج السوري محمد ملص من دخول البلاد لترؤس لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية في «مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي» الذي انتهت دورته السابعة عشرة قبل أيام، مما أثار علامة استفهام حول مستقبل حرية الفن والإبداع، لا سيما أن القرار جاء بعد منع أفلام سينمائية من العرض.
أثار قرار السلطات المصرية منع المخرج السوري محمد ملص من دخول مصر غضب الفنانين والمثقفين في مصر واستنكارهم، خصوصاً أن سبب المنع ما زال مجهولا، وأن ملص كان في مصر قبل أسبوعين لحضور أسبوع خاص بأفلامه ضمن «مشروع زاوية».

يصف المنتج محمد العدل القرار بالعشوائي وغير المدروس، وإن كان متوافقاً مع حالة العشوائية الموجودة حالياً، وهو ما جعل قراراً مثل هذا يخرج من دون مبرر، يقول: «لا أحد يعرف سبب منع مخرج كبير مثل محمد ملص، إلا أن هذا القرار أحزننا، لما وصلنا إليه من تقييد حريات وعدم احترام أي إبداع أو قيمة».

يضيف أن جبهة حرية الإبداع أصدرت بياناً عبرت فيه عن أسفها ورفضها لمثل هذا القرار المسيء إلى كل مبدع ومثقف، مؤكداً «أن أي محاولة للعودة إلى ممارسات الأنظمة السابقة سنقابلها بكل حزم».

 حول موقف وزارة الثقافة يشير إلى أن الوزارة والوزير أضعف من اتخاذ موقف ضد تقييد الحريات أو التنديد بأي إجراء يتخذه النظام ضد الفن والفنانين.

بيان تنديد

يرى المخرج مجدي أحمد علي أن هذا القرار إهانة لكل فنان ومثقف وردة أخلاقية لعصور ما قبل الثورة، عندما كانت تحجب الحرية والكرامة عن أي شخص لمجرد الاختلاف السياسي.

 يضيف: «رأي ملص في نظام الرئيس بشار الأسد شأنه هو، وإذا كنا نرفض الحجر على حرية الرأي في مصر، كيف لنا أن نعاقب فناناً له رأي في نظام يحكم بلاده هو، حتى وإن كان له رأي في النظام المصري، إلا أن الفن والإبداع خارج حسابات السياسة وغير مسموح محاكمة شخص على آرائه السياسية».

ويلفت إلى أنه كان على وزير الثقافة الذي يفترض أنه ينتمي إلى المثقفين، أن يدافع عن  حرية أي فنان أو مبدع أو يستقيل، «لكن يبدو أن الحفاظ على الكرسي أهم من أي إبداع أو موقف شجاع».

يتابع: «بالأمس مُنع فيلما «نوح» و»حلاوة روح» واليوم منع محمد ملص من دخول مصر، وغداً سيكون مزيد من القمع وتقييد الحرية».

 يكشف مجدي أن المشاركين في مهرجان الإسماعيلية وقعوا على بيان تنديد بالقرار المهين، وأعلنوا رفضهم لأي محاولة للعودة إلى الخلف وتقييد الحريات ومحاكمة أي فنان، بناء على آرائه السياسية، ويقول: «كنت أنتظر موقفاً مشابهاً من النقابات الفنية، ولكن يبدو أن ما وصلت إليه وزارة الثقافة من ضعف قد وصلت إليه كل النقابات الفنية».  

يتضامن الناقد علي أبو شادي مع محمد ملص ومع الموقعين على بيان رفض القرار وكل محاولة لتقييد حرية الفن، مضيفاً أنه لا يعرف «سبباً لكل هذا الخوف والهلع من فنان كبير مثل ملص، الذي كان في القاهرة منذ أسبوعين. ولماذا لم تتحرك وزارة الثقافة لتسهيل دخول ملص حتى لا يتعرض لهذا الموقف المهين لكل فنان عربي، لكن يبدو أن الحفاظ على الكرسي أهم من أي اعتبارات أخرى».

بدوره يوضح الناقد طارق الشناوي أن ما حدث مع ملص مؤشر خطير عن طبيعة الدولة المقبلة، «هذه دولة لا تملك هامشاً للمرونة، خصوصاً أن ملص كان موجوداً في القاهرة منذ شهر تقريباً، وتوسط حينها المخرج خالد يوسف المقرب من المشير السيسي لدخولها، فأُعطي تأشيرة الدخول. لكن الآن لم تقبل وساطته ولا طلب إدارة المهرجان}.

يضيف: {الغريب أن ملص من المعارضين لنظام حافظ الأسد وبشار ابنه، فمن غير المنطقي أن تعاديه مصر، بل كان على إدارة المهرجان اتخاذ موقف قوي ضد القرار، أو على أقل تقدير إقامة احتفالية كبرى لملص  كنوع من التعويض المعنوي. لكن للأسف تجاهلت إدارة المهرجان ما حدث كأن الأمر لا يعنيها.   

مرحلة ملتبسة

يؤكد وكيل نقابة السينمائيين في مصر المخرج عمر عبد العزيز أنهم رغم تحفظهم ورفضهم كنقابة لقرار المنع، «فإننا لا نستطيع لوم الداخلية لأن المرحلة الملتبسة التي تمر بها البلاد جعلت الأجهزة الأمنية تتعامل بحذر من أي شخص من جنسية أخرى».

يضيف: «لكن القرار يجب ألا يطبق على قامات عربية مثل المخرج الكبير محمد ملص»، مشيراً إلى أن النقابة خاطبت الأجهزة الأمنية كضامنة لأي شخصية فنية تحل ضيفاً على مصر للمشاركة في المهرجانات السينمائية.

تصف الناقدة خيرية البشلاوي ملص بأنه مخرج كبير ومبدع وله كل الاحترام، «لكن المنطقة العربية مستهدفة وتعاني الإرهاب والتطرف الممول، ولا مكان للحرية والديمقراطية في هذه الظروف، من ثم ليس منطقياً أن أسمح بدخول مخرج له مشاكل مع النظام السوري وما يتبع ذلك من أزمة بين مصر وسورية، في وقت نحاول فيه توحيد الصف العربي ضد الإرهاب والمتربصين بنا».

 تضيف: «كلنا نعرف تاريخ ملص الفني ونشهد أنه أحد أهم المبدعين العرب، لكن لا أحد يعرف ملفه الأمني سوى الجهات الأمنية. وبالتالي لا مجال للحديث عن منع وقمع وأي أمر من هذا القبيل، لأن ثمة أموراً مجهولة لنا والحديث فيها شائك».

back to top