بدأ فريق الدفاع عن المتهمين اﻷربعة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري أمس رحلة الرد على اﻷدلة اﻷولية التي أبرزها الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ﻹثبات تورط هؤلاء المتهمين في العملية، على أن يكون الدفاع أمام معطيات إضافية يحتاج إلى الرد عليها مع بدء المحكمة الخاصة بلبنان جلسات الاستماع لإفادات الشهود غداً في مقر المحكمة في لاهاي.

Ad

«لا خطة مشتركة»

وفي حين باشر محامو المتهمين مصطفى بدر الدين وحسين عنيسي مرافعاتهم الافتتاحية، بينما فضّل زملاؤهم، الذي يتولون الدفاع عن المتهمَين سليم عياش وأسد صبرا، التريث أكثر قبل الإدلاء بمداخلاتهم، يسود انطباع لدى متابعين لجلسات المحاكمة في لاهاي بأنّ فريق الدفاع عن المتهمين اﻷربعة «ﻻ يملك خطة مشتركة» للدفاع عن هؤلاء المتهمين، خصوصاً في ضوء حديثهم عن عدم إعطائهم «الفرصة الكافية لتحضير دفاعهم، وأنهم ﻻ يملكون القدرات التي يملكها فريق الادعاء، إضافة إلى تشديدهم على أن الدولة اللبنانية ﻻ تتعاون معهم في مجال الحصول على داتا الاتصاﻻت».

وافتتح رئيس غرفة الدرجة الأولى القاضي ديفيد راي جلسة أمس متحدثاً عن برنامجها، ثم تحدث رئيس مكتب الدفاع فرنسوا رو، فقال: «عندما يكون هناك شخص متهم بارتكاب فعل فظيع يجب على محامينا الدفاع عنه، وهذا ما تحرص عليه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تأسست لحماية حقوق فعلية وواقعية».

وقال رو: «تبدأ اليوم محاكمة المتهمين الأربعة وتشوبها مشكلة - الدفاع ليس مسؤولا عن هذا الوضع الناتج عن قرارات المدعي العام - لكنني أتصور أنه سيبررها وسيستفسر الدفاع عن هذه المسألة».

وكيل بدر الدين

وأكد محامي الدفاع عن مصطفى بدر الدين، أنطوان قرقماز أن «شرعية العدالة الدولية على المحك من خلال عمل المحكمة»، مضيفاً: «يجب الحرص على ألا تتحول هذه المحكمة إلى محكمة وهمية».

ورأى قرقماز أن «التسريبات التي تنشر حول عمل المحكمة تمسّ قرينة البراءة»، داعياً إلى أن «تقف السياسة خارج أبواب المحكمة»، معتبراً أنه «من غير الدقيق أن تجري هذه المحاكمة كما لو كان المتهمون موجودين».

وقال إن «ملف التحقيقات تشوبه ثغرات كبيرة واختلال في التوازن، وإن هناك محاولة لإخفاء الوقائع عبر ملاحقات صورية خلال الجلسات، كما أن المحكمة باتت تخدم غايات لا تزال غير معروفة حتى هذه اللحظة»، مشيرا إلى أن «هناك تأخيرا في الإجراءات والدفاع يعاني تهميشا كبيرا».

وأكد أن «الانتهاك الأسوأ للمتهمين يندرج في طبيعة المحاكمات الغيابية»، مبيناً أن «الدفاع يعاني عدم تعاون الحكومة اللبنانية التي تعتمد سياسة الكيل بمكيالين في انتهاء صارخ لواجباتها بالتعاون مع الطرفين».

واعتبر قرقماز أن «التوصيف القانوني للعمل الإرهابي لا أساس له»، مضيفاً: «لما كان تعريف العمل الإرهابي بأنه الهادف إلى إيجاد حال ذعر بين السكان فإن اعتداء 14 فبراير لا ينطبق عليه هذا التوصيف. لذا فإن استنتاجات الخبراء لا تتلاءم مع التوصيف القانوني للإرهاب».

وأكد أنه «ما من أدلة تثبت وجود انتحاري في مسرح الجريمة»، مشيراً إلى أنه «لا دليل على أن صور السيارة التي عرضت هي السيارة المفخخة».

وكيلا عنيسي

ثم تحدث محامي الدفاع عن المتهم حسين عنيسي فانسان كورسيلابروس، مؤكداً أن «هدفنا الوصول الى الحقيقة، كل الحقيقة، نحن محامون مستقلون وأيدينا ليست مكبلة بمصالح اي جهة او حزب في لبنان».

وقال كورسيلابروس إن «التحقيقات منذ بدايتها إلى نهايتها تدل على أن المدعي العام استفاد من 9 سنوات لإجراء تحقيقاته واستفاد من آلاف المقابلات وملايين الدولارات على عكس فريق الدفاع، أما نحن فحصلنا على أقل من عامين لكي نتمكن من دراسة آلاف الصفحات. وهكذا تأسست مؤسسة غير متناسقة فعلياً، ولهذا الوضع تأثير مباشر على دفاعنا. والأدلة التي سيقدمها مكتب المدعي العام لا تشكل سوى جزء صغير من محاور التحقيق».

وتابع: «نحن ندافع عن شخص لم نتواصل معه قط وهو لا يشارك في محاكمته، قد يكون خياره يعتمد على أسباب شخصية أو سياسية. هل هو حي؟ أتمنى أن يكون كذلك».

وقال: «يحق للمتهم أن يعرف كيف جرت التحقيقات التي أدت إلى اتهامه، ولماذا تم التخلي عن بعض هذه التحقيقات. القانون الجزائي اللبناني يسمح للمتهم بمتابعة أعمال التحقيقات وفق ترتيب زمني دقيق. نطالب غرفة الدرجة الأولى بمراقبة شفافة لأعمال التحقيقات، فكل عمل تحقيقي يجب أن يعرفه القضاة».

وأعلن كورسيلابروس أن الدفاع سيطلب «كل المساعدة الممكنة التي تمكننا من الخروج من هذا الممر الضيق الذي نحن فيه»، مضيفاً: «أمامنا ملف بلا دافع جنائي، واتهام باغتيال سياسي».

وبيّن أن «الاتهام لا يستند إلى وقائع ثابتة، هو مجرد تأكيد لفرضية. لا ندين متهماً ما، لأن هناك ملاءمة قي الأدلة، الاتهام الذي أدلى به المدعي العام أشبه بعرض للعضلات يهدف إلى تأكيد الأدلة الظرفية، إنه فرضية غير مؤكدة لن تصبح ثابتة».

ثم تحدث محامي الدفاع الثاني عن عنيسي ياسر حسن، موضحاً «أننا لسنا في مرحلة إبداء الدفاع الموضوعي، بل إبداء ملاحظات»، متهماً الادعاء «بإعاقة عمل الدفاع عبر تأخير وصول المستندات اليه».

وقال حسن: «حين اصدر الادعاء داتا الاتصالات اصدرها كما وردت من الحكومة اللبنانية، كل الاتصالات تم الحصول عليها منذ ما يزيد على 4 سنوات»، مشيرا إلى أن هناك مَن منع تتبع إجراءات التحقيق اللبنانية وتعقب الحقائق». وسأل: «لماذا لم يسلم الدفاع ملف التحقيق اللبناني بالحالة التي وصل إليها». وتابع: «لا نستطيع أن نتصل بالمتهمين، ولا يمكننا الاطلاع على آرائهم، وهذه هي أول عملية اغتيال فردية».

واعتبر أن «مجلس الأمن انتهج تمييزاً بإنشاء محكمة لفرد وأهمل من ارتكب مجازر»، مشيرا إلى «اغتيال مسؤولين سوريين على صلة بالتحقيق في الاعتداء».

وهاجم حسن، في دفاعه عن عنيسي، تشكيل محكمة دولية خاصة بالرئيس رفيق الحريري، متسائلا عن سبب تمييزه عن جرائم سابقة مثل كمال جنبلاط ورشيد كرامي وعباس الموسوي وقضايا لاحقة مثل وسام الحسن ومحمد شطح والسفارة الإيرانية وحسن اللقيس.

وقال إن «هناك من يصفي شهود الدفاع»، معدداً «آصف شوكت ووسام الحسن وجامع جامع». وطالب الادعاء إما باتهام «حزب الله» صراحة أو سحب التلميح إلى هذا الحزب.

الأسد يتهم المحكمة بـ «التسييس»

يوسف يرد: الادعاء لم يتهم أي جهة سياسية

رأى الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة حصرية مع وكالة «فرانس برس» نشرتها أمس، أن ما يحصل في المحكمة الخاصة بلبنان والتي تنظر في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، «مسيّس»، و«يهدف إلى الضغط على حزب الله»، الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام في سورية.

وقال الأسد «نحن نتحدث عن تسع سنوات من عمر هذه المحاكمة. هل كانت عادلة؟ كل مرة كانوا يتهمون طرفاً لأسباب سياسية. (...) أعتقد أن كل ما يحصل هو مسيّس وهدفه الضغط على حزب الله في لبنان، كما كان في البداية هدفه الضغط على سورية بعد اغتيال الحريري مباشرة»، في إشارة إلى تقرير للتحقيق الدولي في قضية الحريري يشير إلى تورط مسؤولين سوريين في عملية الاغتيال.

ورفض الناطق باسم المحكمة الخاصة بلبنان مارتن يوسف التعليق على كلام اﻷسد، مشدداً على أن «ما يجري إجراءات قضائية ومرحلة قدم فيها الادعاء أدلة والدفاع سيترافع»، وأضاف: «الادعاء لم يتهم أي جهة سياسية، ولكنه وجه اتهامات إلى أشخاص».