لا أعرف على وجه الدقة ملابسات إزالة الخيمة، أو لعلها الخيام، المرتبطة بالشعائر الدينية الشيعية، الأمر الذي أثار حفيظة شريحة من المواطنين الشيعة ودفعهم إلى الخروج والتظاهر ضد السلطة ممثلة في وزير البلدية، وقيام بعضهم بالتهديد بتصعيد التحركات وصولاً إلى القيام بمسيرة إلى دار سلوى التي هي مقر سكن أمير البلاد.

Ad

ولست متأكداً في الحقيقة إن كان ما قامت به "البلدية" هو إجراء سليم قانونياً أو ان الخيمة/ الخيام كانت مرخصة وأن ما حصل كان إجراءً تعسفياً، لكن ما أنا متأكد منه على وجه اليقين هو حق هذه المجموعة بالاعتصام والتظاهر السلمي لإبداء وإيصال قناعاتهم ووجهة نظرهم.

لهؤلاء كل الحق في القيام بهذه التظاهرة، حتى لو كان فيهم، بل حتى ولو كانوا جميعاً ممن رفضوا حقنا بالأمس في الاعتصام والتظاهر ضد "ذات السلطة" في قضية سياسية أخرى. حق الاعتصام والتظاهر السلمي مكفول في قناعتي للجميع، بغض النظر عن القضية المطروحة. ولذلك فمن أشد الخطأ أن تقوم جماعة ما منّا بتأليب السلطة عليهم اليوم لقمعهم وضربهم، أسوة بما حصل معنا بالأمس، لمجرد أنهم، أو أن فيهم مَن لم يقفوا معنا، أو مَن قاموا بتأليب السلطة علينا آنذاك.

مارسنا حقنا بالأمس، وما عنانا أمر من خالفنا طالما كنا مؤمنين أننا على الحق، ويجب أن نتسق مع مبادئنا اليوم فنؤيد حق غيرنا، كائناً من كان، في ممارسة ما مارسناه ولو كنّا نكرهه لأنه لم يقف معنا أو ربما وقف ضدنا سابقاً، بل إني أؤمن أن من حق هذه الجماعة أن تمارس الوقوع في الخطأ إن هي أرادت ذلك، فإن هددت، على سبيل المثال، بالمسير إلى دار سلوى فلتفعل إن استطاعت ذلك طالما أنها تؤمن أنه من حقها، ولكن عليها أن تكون مستعدة لدفع الضريبة عبر مواجهة هراوات الشرطة والقوات الخاصة التي ستأتمر بأمر سلطة لن يعجبها ذلك ولن تتردد في  ضربها حيث سبق لها أن أطلقت هراواتها على شريحة أخرى من أبناء هذا الوطن على مسمع ومرأى من الجميع، فالتزم كثير منهم الصمت بل وقال بعضهم إن من حق السلطة أن تفعل ذلك، وها هي الأيام تدور.

من أشد الخطأ يا سادتي أن نقف في صف السلطة في أي قضية اليوم، حتى لو بدا لنا أنها على حق في هذه المسألة أو تلك، فهذه السلطة قد اقترفت من الفساد ما لا تستحق معه أي دعم وبلغت من السوء مبلغاً لا يصح معه حتى مجرد التفكير بالوقوف قريباً منها ناهيك عن الوقوف بصفها. هذه السلطة هي ذاتها التي تلاعبت عبر سنوات طويلة بالنسيج المجتمعي من خلال الفتن الفئوية والطائفية، وهي نفسها التي قربت فئات على حساب فئات مجتمعية أخرى ومن ثم أعادت الكرة مرات عديدة وفق حساباتها السياسية بلا مراعاة لحسابات الوطن وحقوق الناس.

أعترف بأني سعيد باعتصام ومظاهرات الرميثية. سعيد لأن شريحة من المواطنين مارست حقها في التعبير السلمي، بغض النظر عن مدى اتفاقي أو اختلافي مع القضية مثار الاعتصام، وسعيد لأنها شريحة مختلفة عن الشريحة التي تظاهرت ضد السلطة بالأمس. سعيد أن تواجه هذه السلطة الفاسدة هذه الاعتصامات والتظاهرات من شرائح المجتمع المختلفة واحدة تلو الأخرى حتى تدرك أنها خسرت الجميع، وحتى يدرك الجميع في المقابل أنها سلطة لا صاحب لها، وحتى ينقلب السحر على الساحر.