من الواضح أن هناك غياباً لسياسة حكومية جادة تعالج اختلالات التركيبة السكانية بحيث تبدأ أولاً بمعالجة الخلل في تركيبة القوى العاملة وبالذات العمالة الهامشية غير الماهرة، وهو أمر يتطلب تغيير نمط الاقتصاد الريعي السائد حالياً الذي يشجع على النزعة الاستهلاكية، وذلك لمصلحة الاقتصاد المنتج.

Ad

التركيبة السكانية في الكويت مُختلّة بشكل واضح لا تخطئه العين، فبحسب البيانات الرسمية التي وردت في دراسة قيّمة أعدتها "إدارة البحوث بقطاع المعلومات في مجلس الأمة" ونشرتها الصحف في فبراير الماضي، فإن نسبة المواطنين من إجمالي عدد السكان بنهاية عام (2012) هي 31.7% (كانت 37.4% عام 2002) بينما بلغت نسبة غير الكويتيين 68.3% (يمثلون أكثر من 100 دولة وجنسية، ويشكل الآسيويون ما نسبته 62% من إجمالي عدد الوافدين، أي ضعف نسبة الجنسيات العربية مجتمعة تقريباً وهي 33.5%).

أما معدل النمو السنوي للسكان فقد كان 5.8% وهي نسبة مرتفعة جداً بالمعايير الدولية (متوسط معدل نمو عدد الكويتيين 3.4% سنوياً يقابله 7.2% لغير الكويتيين).

الأرقام الرسمية تشير إلى وجود خلل كبير في التركيبة السكانية، وفي تركيبة القوى العاملة أيضاً، فعدد المواطنين في تناقص لمصلحة الوافدين، ومتوسط معدل النمو السنوي للسكان مرتفع، كما أن نسبة العمالة الوطنية (يونيو 2012) لا تزيد على 23% من إجمالي قوة العمل، بينما تزداد باستمرار نسبة العمالة الوافدة الهامشية وغير الماهرة، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي من الممكن أن تنتج عن وجود أكثر من مئة جنسية يتحدثون لغات متعددة ولهم ثقافات وعادات وتقاليد مختلفة في الوقت الذي يجب عليهم التعايش كأقليات صغيرة ضمن بقعة جغرافية محدودة جداً!

ومن الواضح أن هناك غياباً لسياسة حكومية جادة تعالج اختلالات التركيبة السكانية بحيث تبدأ أولاً بمعالجة الخلل في تركيبة القوى العاملة وبالذات العمالة الهامشية غيرالماهرة (نسبة كبيرة تقوم بالمساعدة في الأعمال المنزلية)، وهو الأمر الذي يتطلب تغيير نمط الاقتصاد الريعي السائد حالياً الذي يشجع على النزعة الاستهلاكية، وذلك لمصلحة الاقتصاد المنتج، مع ضرورة التحكم في عدد العمالة الوافدة في القطاع الخاص بحيث لا تتجاوز نسبة معينة، إذ إن الإحصاءات الرسمية تبين أن أغلب العمالة الوافدة تعمل في القطاع الخاص. كما أنه من الأهمية بمكان أن تبين الحكومة جديتها في تطبيق القانون على تجارة الإقامات التي يقال إن من يديرها هم مجموعة من المتنفذين بعضهم يتبوأ مناصب عليا في الأجهزة البيروقراطية للدولة.

ما لم تكن للحكومة سياسة عامة جادة وطويلة المدى لمعالجة خلل التركيبة السكانية وبالذات العمالة الهامشية وغير الماهرة التي ليس لها حاجة تنموية فعلية، فمن غير المستبعد تماما أن يصبح المواطنون، بعد وقت غير بعيد، أقلية صغيرة جداً داخل وطنهم، بينما ستشكل العمالة الهامشية النسبة الأعلى من إجمالي عدد السكان.