مبدأ الفزعة الكويتية
الفزعة الكويتية تعني النجدة والمساندة والدعم والتأييد بكل أشكاله، وهذا الشرح لغير الكويتيين، وهي قد تكون فزعة على حق أو على باطل، فالأمر غير مهم، لأنه تضامن قبلي آت من مبدأ النصرة، وهو ما نشاهده في كل ما يتم من مواقف في الكويت، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو على شكل أنشطة فنية أو أدبية أو ثقافية أو ترويجية، كلها تخضع لمبدأ الفزعة الكويتية التي تهب وتتكتل لنجدة ابن القبيلة أو رفيق المصلحة أو لترويج أفكار أو سلع أو حتى لتلميع شخص ما أو شخصية تُعقد عليها مصالح القوم، فكل ما في الكويت يخضع لمبدأ الفزعة الكويتية لإنجاح قطف ثمارها.ولم يستثن أي شيء كان من هذه الفزعة التي قد تأتي بصورة واضحة يلاحظها الجميع أو تأتي من تحت الطاولة بصورة متكتمة سرية، سواء كانت لتمرير مناقصة ضخمة والاستيلاء عليها أو لتوصيل نائب سياسي يضمن لهم ما يخططون له أو الاتفاق على مصالح معينة، فكل شيء في الكويت مربوط ببعضه البعض لا يمكن فصله عن هذا المبدأ، وبالتالي تختلط الأمور كلها مع اختلافها بشكل لا يمكن فصلها فيه عن منهج الفزعة الكويتية، وعلى هذا يمكن مزج الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكل الأمور في خلاط واحد يخضع لها.
في معرض الكتاب لهذا العام كتب الزملاء عن ظاهرة الطوابير المنتظرة لدورها في الحصول على تواقيع كتاب الرواية الجدد، والتي هي غالبا أول إنتاج لهم في حقل الكتابة برمته، واستغرب الزملاء من هذا الازدحام الشبابي حول كتاب ليسوا إلا مبتدئين في عالم الكتابة الرديئة المليئة بالأخطاء اللغوية وضعف التركيب في صياغة المضمون وبنائه السردي، وبين تجمهر قراء لكتاب لم يُقرأ ولم يُعرف إنتاج لهم من قبل، فكيف يتزاحمون للحصول على تواقيع كتاب ليس لهم سابقة في الكتابة الروائية أو الكتابة بشكل مطلق؟الجواب ببساطة يكمن في معرفة مبدأ الفزعة الكويتية، التي جمعها معارفهم وزملاؤهم في العمل وأصدقاء جيلهم وانتماءاتهم العائلية والقبلية وترويج دار النشر المبني أيضا على مبدأ الفزعة الكويتية التي نشاهد أداءها في كل محفل وفي كل مكان، وهو ما يحدث حين تقام أمسية شعرية لشعراء شباب ليس لهم أي منشور أدبي، ومع هذا تزدحم بجماهيرهم التي جمعتها فزعتهم لهم، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث لشعراء كبار عرب لهم تجربة مهمة في مشوارهم، ومع هذا لا يحصلون على نصف جماهير شعراء ليس لهم أي تجربة بعد إلا ظاهرة الفزعة التي تروج لهم، هذه التي أصبحت ظاهرة كويتية تنعكس على كل المجالات، وتعنون أنشطتها بالاكتساح الخداع لجماهير ليسوا إلا مساندين داعمين لفزعة مطلوبة، وهو ما نلاحظه في حياتنا اليومية في الكويت مثل كويتي وأفتخر، والترويج لمنتجات سوق قوت الشهري وسوق شكشوكه الأسبوعي، وغيرها من أنشطة قد لا تحمل قيمة ومستوى جودة حقيقيا، ومع هذا تواجه بازدحامات كبيرة كلها مبنية على الترويج بمبدأ الفزعة، الذي ليس سيئا لو كان يحمل قيمته الحقيقية، لكن كونه هبة وتضامنا لترويج أي شيء كان يتم ترويجه على مستوى المعارف والعلاقات القبلية والعائلية والمصلحية في بلد صغير محاط بعلاقات أسرية متشابكة بروابط الدم والمصاهرة التي يتم تبادل الدعم في ما بينها بسبب هذه الأواصر القوية.وبهذه الطريقة بات الترويج متبادلا، فمن تروج له اليوم يجب وحتما أن يروج لك في الغد فهو دين عليه في رد المقابل، لذا بتنا نرى التشابه والتقليد للمنتج المطروح بكثرة مذهلة أنتجت لنا فجأة العديد من الروائيين والشعراء والخياطين الذين أطلقوا على أنفسهم لقب ديزاينر، وهناك طباخون شباب أطلقوا على أنفسهم لقب شيف، وأيضا هناك الكثيرات اللاتي أصبحن خبيرات تجميل أي ميكب ارتست، هذا عدا التوجه الكبير من الدكاترة لعمل نحت وخرط الجسم ونفخ وشفط الدهون والعمليات التجميلية التي تحول معظم أطباء الكويت إليها، وبات المجتمع كله يروج لكله، وأصلا بات الأمر مفتوحا على العلن، ويُطلب مباشرة في الوجه: من فضلك لا تنسى أن تروج لي، وتحول الكثير من الشباب إلى الافتتان بمهنة المروج وبات المجتمع كله مروجا له.