أنثى العنكبوت

نشر في 23-06-2014
آخر تحديث 23-06-2014 | 00:01
 فوزية شويش السالم "أنثى العنكبوت" رواية للكاتبة السعودية قماشه العليان، وهي الرواية الثانية لها بعد الأولى "عيون على السماء". روايتها هذه طبعت عام 2000 ثم أعيدت طباعتها عام 2001، وهذا دليل على اهتمام الناس بها ومدى تحريكها لواقع المرأة السعودية وكشف الغطاء عن مدى الظلم الفادح الذي تتعرض له فئات كثيرة منهن، والذي لا يعلم به العالم الخارجي، ولو أني كنت امرأة من خارج الخليج لكنت رأيت في هذه الرواية اختلاقا أو افتراء من أجل الوصول إلى أضواء الشهرة، وهو ما حصل معي في الندوة التي أقيمت في نادي الفتاة يوم المرأة العالمي، حين تحدثت عن واقع المرأة في الكويت وفي الخليج، وأشرت إلى نقص حقوقها وعدم مساواتها في الحقوق التي يحصل عليها الرجل، وهنا تدخلت زميلتي في الندوة وهي الكاتبة "دنى غالي" وقالت إن على النساء أن يكتبن الجانب المشرق في حياتهن لأن المرأة تساوت مع الرجل ونالت كل حقوقها فلم يعد الكلام عن هذا الواقع مقبولا، واستغربت جدا من بُعدها عن هذا الواقع فمهما كانت بعيدة عن العالم العربي بحكم إقامتها في دولة أوروبية فهذا لن يعفيها من فهم وإدراك حياة المرأة وواقعها في الخليج وفي بقية الوطن العربي، فهناك ظلم كبير ونقص في حقوقها القانونية مازالت المرأة تعانيه إلى يومنا هذا.

رواية "أنثى العنكبوت" تراجيديا كابوسية بمعنى الكلمة، فكل أحداثها مصائب متوالية وفواجع لا تنتهي بأي بارقة من نقطة ضوء يقود إلى أي فرح أو حياة طبيعية تشبه ما يعيشه الناس في كل مكان، هي حكاية أسرة يتحكم في مصير جميع أفرادها أب مستبد يشبه معظم الآباء في هذه المدن الخليجية البعيدة عن التيار المتمدن لحياة العواصم، حيث الرجل فيها هو السيد الآمر وبقية الأسرة هم التبعية والعبيد، الزوجة خاضعة له تمام الخضوع ولا تملك من قرار إلا قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"، تنطقه في كل الأحوال وتجاه كل ما يحل على أسرتها من مصائب، ترى الأب يزوج بناته لرجال طاعنين في السن مرضى أو مدمنين أو غير سويين، دون أن تبدي أي اعتراض أو تضامن مع بناتها، يدخلها زوجها مستشفى للأمراض النفسية حتى يدمرها تماما، ويأتي بزوجة صغيرة بسن بناته بعد أن استولى على مال زوجته الأولى التي تموت حزناً.

البنت الوسطى حين اعترضت واحتجت على إحضار زوجته الجديدة إلى بيتهم وإنزالها بغرفة أمهم حال موتها، ما كان من أبيها إلا أن ضربها حتى انهارت وأدخلها أيضا إلى مستشفى الأمراض العقلية ومنع أي تواصل بينها وبين إخوتها حتى انتحرت وماتت دون أن يراها أحد من أسرتها. هذا المصير بات يهدد الجميع، فالبنات زوجهن وقبض ثمنهن والابن الأكبر منعه من الزواج بمن يحب وزوجه بمن اتفق معه ودمر حياة ابنه، وابناه الثاني والثالث هربا منه إلى مدينة أخرى ولما يسلما من قسوته وأذيته، حيث ترك حفيده يموت بالسرطان دون أن يمد ابنه بالمبلغ الذي يحتاج اليه للعملية، وابنته أحلام التي هي الراوية لكل أحداث الرواية التي تجري على لسانها لا تسلم أيضا من أذاه، فهو يرفض زواجها بمن يحبها ويزوجها لعجوز مجدور عاجز جنسيا يشبعها ضربا لتغطية عجزه مما جعلها تضربه بعكازه حتى قضت عليه، وأقرت بقتله رغم توسل إخوتها لنفي أقوالها إلا أنها أصرت على اعترافها بقتله، وحين نقلت الى مستشفى الأمراض العقلية قالت لوالدها إنها لم تقتل زوجها ولكنها قتلت أباها فيه.

أهمية هذه الرواية تعود الى كشفها عن سلطة الأب والرجل في تلك المدن التي لا تقيم أي وزن أو أدنى حقوق للمرأة فيها، والمرأة كائن يباع ويشترى من دون أي رأي له، هذه الرواية وثيقة تدون ذلك بالرغم من أنها ضعيفة في تقنيتها ولغتها تسقط أحيانا في رومانسية فاقعة، والشعر المدبج فيها ضعيف جدا في تراكيبه، وكونها تأتي بصوت وحيد يروي الحكاية طوال فصولها لذلك وقعت في الرتابة والملل، لكنها كما قلت هي شهادة لكل باحث ودارس لأوضاع المرأة المحكومة من الرجل المستبد حتى يومنا هذا.

back to top