الجريدة• تشارك البسطاء في طابور «الخبز»
كلام في السياسة... وشكاوى من بيع الطحين في السوق السوداء
"العيش"... هكذا يسمي المصريون رغيف الخبز، في دلالة واضحة على ارتباطهم به منذ أزمان طويلة، بخلاف أنه يعد المكون الرئيسي على المائدة المصرية، خاصة عند الفقراء، لكن خلال السنوات الأخيرة ارتبط الحصول على "العيش" بمعاناة كبيرة، وبات شراؤه عملية تؤرق الأسرة المصرية، حيث تثير استياء الآباء ويتهرب منها الأبناء، نظرا للطوابير الطويلة أمام المخابز التي تقدم رغيفا مدعوما يقبل عليه البسطاء ومحدودو الدخل.المصريون الذين طحنتهم مصاعب الحياة يعرفون منذ عقود كيف يحصلون على رغيف الخبز، فالخطة تبدأ مع الساعات الأولى للصباح عقب صلاة الفجر مباشرة، إذ يصطف كبار السن في طوابير معتادة أمام منافذ توزيع الخبز المدعم من قبل الحكومة، وغدت مع استمراريتها موعدا للنقاش المفتوح بين المواطنين، يتبادل خلاله المصريون القفشات والسخرية من مصاعب الحياة، مرورا بأحوال السياسة ومباريات كرة القدم.
"الجريدة" شاركت البسطاء في وقفتهم الاعتيادية في طابور خبز أمام إحدى الأفران في منطقة البساتين الشعبية جنوب شرق القاهرة، لتجد الجميع في أماكنهم المعتادة، "عم محمد" تجاوز السبعين عاما، لكنه وجد من يحجز له مكانا، و"أم محمود" ربة منزل تجد من يحفظ لها ترتيبها في طابور السيدات، والمدهش ان النظام، الذي لا يطبقه المصريون كثيرا، محترم جدا أمام مخابز "العيش"، للحصول على عدة أرغفة، سعر الواحد منها خمسة قروش مصرية، أي أقل من سنت. الحاجة فاطمة إبراهيم اشتكت لـ"الجريدة" من أن أصحاب المخابز يتعاملون معهم بتعال، مضيفة: "نشعر كأننا نتسول، رغم أننا ندفع مقابل الخبز، الذي يعد أبسط حقوقنا الذي تعهدت الحكومة بتوفيره"، مشيرة إلى أن إحدى المشاكل التي تواجه المصريين سوء حالة "رغيف العيش" الذي "لا يؤكل، لكن نعمل ايه العيشة صعبة".وطالب علي إبراهيم، موظف، الحكومة بحزمة من الإجراءات الرقابية لمواجهة أزمة الخبز، بعدما استغل أصحاب المخابز حالة التسيب الأمني في السنوات الثلاث الماضية، لبيع الطحين المدعوم في السوق السوداء، ما أدى إلى اختفاء الخبز من المخابز.والتقط محمد رشاد، الذي يعمل سائق سيارة أجرة، طرف الحديث صارخا: "حسبي الله ونعم الوكيل حتى العيش مش قادرين نشتريه"، مضيفا أنه يعاني مرض الروماتيزم، لكنه يضطر للوقوف في الطابور لجلب الخبز لأبنائه، لتنتهي معاناته بـ"خبز لا يصلح حتى للاستخدام الحيواني".