في وقت لاتزال فيه الأسباب الحقيقية وراء اعتزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للحياة السياسية مجهولة، أثار هذا القرار عاصفة من ردود الأفعال في الداخل العراقي، إلى جانب الارتباك السياسي الذي أحدثه قبل الانتخابات المقررة في 30 أبريل المقبل.

Ad

وأثار إعلان الصدر قرار حل تياره تساؤلات بشأن مصير الوزراء الستة للتيار الموجودين داخل الحكومة والنواب الـ40 الموجودين في البرلمان.   

كما أثار تساؤلات بشأن القاعدة الانتخابية الواسعة التي يمتلكها الصدر، والتأثير الذي سيحدثه انتقال الأصوات الصدرية إلى قوى سياسية أخرى على المشهد السياسي العراقي المصاب أصلا بأزمة سياسية، وسط اتهامات بالتهميش والعزل السياسي.

 وعن القاعدة الانتخابية الصدرية، توقع الخبير السياسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة «المستنصرية» في بغداد عزيز جبر في اتصال مع «الجريدة» أمس، أن تنقسم أصوات الناخبين الصدريين الى قسمين معتدلين ومتشددين.

وتوقع جبر أن يتجه المعتدلون الصدريون إلى المجلس الأعلى الإسلامي في العراق بزعامة عمار الحكيم، لأنه الأقرب للتيار الصدري من حيث الخلفية الإسلامية الدينية، ومن حيث الموقف السياسي المعتدل على عكس حزب «الدعوة» الذي يرأسه رئيس الحكومة نوري المالكي المتهم بممارسات سياسية مذهبية.

وأشار جبر إلى أن القسم الآخر المتشدد سيذهب على الأرجح باتجاه جماعة «عصائب أهل الحق» من خلال كتلة «صادقون»، وكذلك «حزب الله في العراق»، مذكراً بأن هاتين المجموعتين انشقتا عن التيار الصدري، وبالتالي هما من باب أولى أن يحظيا بأصوات الناخبين الصدريين.

وعلى عكس التحليلات التي سادت خلال الأيام الماضية، فإن قرار الصدر قد لا ينعكس إيجاباً على رئيس الحكومة نوري المالكي ونيته الترشح لولاية ثالثة، حيث قد يؤدي القرار إلى تحول «المجلس الأعلى» إلى الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان، التي تمتلك الحق بتسمية رئيس حكومة جديد.

وفي وقت كان المراقبون يتساءلون عن مصير نواب الصدر الـ40 في البرلمان والوزراء الستة، أعلنت كتلة «الأحرار» النيابية التابعة للتيّار الصدري أمس تراجعها عن قرار الاستقالة التي تقدم بها 20 نائبا من مجموع 40، وذلك على خلفية المؤتمر الصحافي الذي عقده مقتدى الصدر أمس، ودعا فيه أتباعه إلى المشاركة الواسعة بالانتخابات البرلمانية المقبلة في نهاية أبريل المقبل.

وقال النائب عن الكتلة حاكم الزاملي أمس، إن «جميع نواب كتلة الأحرار تراجعوا عن الاستقالة بعد الخطاب الذي يدعم جميع العراقيين، ولا يدعم كتلة معينة».

وأضاف: «نحن اليوم حالنا حال العراقيين، وإذا كان عملنا جيداً فالسيّد الصدر سيدعمه، وإذا كان سيئاً فنحن نتحمّل أعمالنا».

وعلى الأثر، قرّر وزراء ونواب تابعون للتيار الصدري، وضع استقالاتهم تحت تصرّف زعيم التيار، وأبدوا الاستعداد لتصحيح المسار ومعالجة كل الأخطاء التي نجمت عن العمل السياسي. وبهذا الإعلان أصبحت الاحتمالات مفتوحة أمام بقاء الكتلة الصدرية على حالها في البرلمان، بانتظار توجيهات أخرى من الصدر، وذلك لتسيير شؤون الناس، وعدم التسبب في أزمة سياسية في البلاد التي تنتظر موافقة البرلمان على ميزانية عام 2014.  

وكانت الهيئة العليا للانتخابات أعلنت الأسبوع الماضي تسكير باب الترشيح إلى الانتخابات، ووافقت على مشاركة 107 كيانات في العملية الانتخابية من بينها الكيانات التي تتبع الصدر. وكاد قرار الصدر يتسبب في أزمة للهيئة، حيث لم يعرف مصير المرشحين الذين قدموا ترشيحهم على أساس أنهم ينتمون إلى التيار الصدري، وإذا ما كانوا سيمضون بترشيحاتهم على أساس أنهم مستقلون.