يعرف موقع المعلومات الرسمي السويسري الدكتورة فوزية العشماوي بأنها أديبة مصرية سويسرية تمارس دوراً رائداً ضمن الحركة النسوية العربية بالمهجر، وأن تجربتها الناجحة كأستاذة وكاتبة وناشطة اجتماعية تكشف الدور الكبير الذي يمكن أن تضطلع به المرأة العربية المسلمة، حينما تتحرر من وطأة التبعية السلبية المفروضة عليها من قبل الرجل الشرقي. "الجريدة" استغلت وجود الدكتورة فوزية العشماوي في القاهرة، والتي تشغل أيضاً منصب رئيسة قسم الدراسات العربية والإسلامية في كلية الآداب بجامعة جنيف بسويسرا، وتحدثنا معها عن التحديات التي تواجه المسلمين، كما تطرقت إلى العديد من القضايا المهمة، والتفاصيل في السطور التالية.
• كيف تقرئين وضع المرأة في الواقع العربي والإسلامي كمثقفة تعيش في الغرب؟الواقع العربي والإسلامي مؤسف جداً، فمعالم النهضة مازالت بعيدة، والكل مشغول بالعمل الفردي، ونسينا تماماً ما يحثنا عليه الإسلام، وأنا بصراحة شديدة أرى أننا في حاجة إلى بناء نهضة إسلامية تقوم على أسس من التصالح الإسلامي يكون أشبه بصلح حديبية جديد بين المجتمعات الإسلامية والمرأة، وذلك مسؤولية جماعية ومشتركة بين جميع دول العالم الإسلامي، ولا سبيل لنا لتجاوز مخاطر العولمة وتهديدها للخصوصية الإسلامية إلا بروح الجماعة، خصوصاً أن العصر الذي نعيشه لا مكان فيه للضعفاء أو للعمل الفردي.• هناك من يتهم الغرب بأنه يشن حملة لتغريب المرأة المسلمة عن قيمها الدينية، فهل تؤيدين ذلك التوجه؟لابد أن تعي المرأة المسلمة أن هناك بالفعل مخططات تسعى لضرب الاستقرار الأسري في العالم الإسلامي عن طريق الدعاوى الغربية، فالغرب يريد دائماً ضرب المرأة العربية المسلمة من خلال إغرائها بتطبيق أنماطه ومطالبه الثقافية، في حين أن هناك العديد من المطالبات قد لا تتوافق معنا، وهناك أيضاً مطالبات إيجابية، فرغم أن الإسلام منح المرأة الحق في الحصول على إرثها وتقلدها جميع المناصب القيادية، فإن الغربيين يتهموننا دائماً بتهميش المرأة بدعوى أن الإسلام يتطلب ذلك، آخذين الأفكار المتشددة التي رسخت لذلك إبان الدولة الإسلامية في فترات الضعف التي مرت بها الأمة،ولاشك أن هذه الفترات كانت مليئة بالشوائب، وحرمت المرأة من حقوق كثيرة سادت لأزمان طويلة، وكأنها من أصول الدين الإسلامي.• تمكين المرأة من الأمور التي يستغلها الغرب للإساءة للإسلام، فما السبب الرئيسي برأيك في اتخاذ الغرب قضية المرأة وسيلة للهجوم على الإسلام؟المنطلق الرئيسي في الهجوم على الإسلام من خلال قضية المرأة يعود إلى مسألة المرجعية الدينية، فوضع المرأة في الإسلام يحكمه الكثير من الثوابت الدينية، خصوصاً في قضايا الميراث والقوامة وغير ذلك، والغرب يتخذ من هذه القضايا وسيلة في الهجوم على الإسلام، معتمدين على تفسيرات بعض الفقهاء، أما المرأة في الغرب فلا تحكمها أية مرجعية دينية بل تحكمها المادة، وبالتالي فإن حياة المرأة الغربية تختلف تماماً عن المرأة المسلمة، والذين يثيرون قضية المرأة في الإسلام هم المستشرقون وبعض السياسيين الذين يدخلون في صراعات مع العالم الإسلامي، وما يثيره الغرب حول المسائل التي يدعي فيها أن المرأة المسلمة مضطهدة ومظلومة ولم تأخذ حقها، فإن ذلك فيه الكثير من المغالطة، فقد راعى الإسلام مصلحة المرأة في كل ما قرره، فمن يهاجم الإسلام من خلال ميراث المرأة لا يفهم نصوص القرآن جيداً، وما يريده هؤلاء هو التشكيك في ما قرره الإسلام.• هناك من يرى أننا بحاجة إلى تجديد فقه المرأة خصوصا بعد افتراءات الغرب على الإسلام، فما تعليقك؟الأسلوب التقليدي المتجمد في عرض قضايا المرأة المسلمة لم يعد يتناسب مع منطق وتفكير وعقلية المتلقي من الشباب المسلم في مجتمعاتنا المنفتحة على الحضارة الأوروبية والأميركية، لذلك يجب أن نجدد فقه المرأة، ونتبع منهجاً مختلفاً في عرض قضايا المرأة المسلمة يرتكز على الأسلوب العقلاني البراغماتي المبني على المنطق السليم، والنظريات العلمية، والإقناع بتنفيذ المبررات والحجج، واللجوء إلى المراجع القانونية والعلمية والتاريخية، لإثبات قوة الذريعة، ومنطق العرض، وتسلسل الأفكار المقنعة.• وماذا عن دور المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب في الدفاع عن الإسلام في مواجهة المسيئين له؟أدعو إلى ضرورة استغلال المليار ونصف المليار مسلم استغلالاً حسنًا، فعلينا أن نستغل أعدادنا وانتشارنا في تعريف الغرب بنفحات من شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وقيم الإسلام الجميلة، وبدلاً من أن يرفع المسلمون القضايا، وينفقوا آلافاً بل ملايين الدولارات على القضايا والمحامين، عليهم أن يدفعوها وينفقوها في إصدار الكتب، وعمل حملات توعية وندوات للتعريف بالرسول والإسلام، وهذا في اعتقادي أنجح وأفضل، وللعلم فإن كل القضايا التي رُفِعَت في أميركا والدنمارك والسويد وهولندا، وغيرها من البلدان خسرها المسلمون، في حين أخذ المحامون مئات الآلاف من الدولارات، والتي كان يمكن أن يقوم المسلمون بها بنشر كتب وأفلام، وعمل دعايات تلفزيونية، وشراء مساحة في التلفزيونات الدولية والعالمية، والإتيان باختصاصيين يتحدثون بلغة هذه البلاد، ويتحدثون عن الرسول وشخصيته الكريمة وسماحة الإسلام.وأنا شخصياً فعلت هذا في سويسرا، حيث قامت صحيفة كبرى هناك بنشر الرسوم المسيئة، فأصدرت بياناً ووزعته على المساجد والمسلمين لمقاطعة هذه الصحيفة، فقاطع كل المسلمين هذه الصحيفة، فانهارت مبيعاتها، فجُنّ جنون رئيس التحرير، فذهب للتلفزيون، وقال لهم: ائتوني بهذه السيدة التي شنت هذه الحملة ضد الجريدة، وخسرتني كل هذا، فطلبوني لعمل مناظرة تلفزيونية، ولاحظ هنا أنهم هم الذين سعوا إليّ، وطلبوا الحوار، وعملنا مناظرة على الهواء وتجاهلته تماماً على الهواء، فعرفتهم بشخصية الرسول، وأن هذا الرسول هو أول من نادى في الوجود بإلغاء ما يسمى بالتمييز العنصري، وأول من قال انه لا فرق بين أبيض وأسود قبل ثورة الزنوج في أميركا، وهو أول من نادى بالمساواة بين الفقير والغني، وأول من ألغى الفروق الاجتماعية.
توابل
رئيسة منتدى المرأة المسلمة في أوروبا د. العشماوي لـ الجريدة.: تجديد الفقه الإسلامي في ما يخص قضايا المرأة... ضرورة
12-07-2014