بعد مخاض عسير استمر 10 أشهر، ولدت أمس حكومة الرئيس تمام سلام، على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب». وجاءت التشكيلة الوزارية التي «دورت» فيها الحقائب السيادية بين الطوائف، بالقاموس الطائفي اللبناني، فحاز السّنة الأمن الداخلي والعدل، بينما منح الشيعة المالية والأشغال، في حين أن المسيحيين منحوا الخارجية والدفاع على مختلف اتجاهاتهم السياسية.

Ad

الانتكاسة الأخيرة التي واجهت تأليف الحكومة صباح أمس الأول، والتي اعتبرت الأقوى والأقسى، حُلت ليل الجمعة- السبت، ما فتح الأبواب أمام الرئيس تمام سلام كي يزور بعبدا أمس، ويسلم رئيس الجمهورية ميشال سليمان تشكيلته بعد 10 أشهر من المحاولات والكثير من العراقيل. وأعلن مدير عام مجلس الوزراء سهيل بوجي صدور مرسوم باعتبار حكومة نجيب ميقاتي مستقيلة، وتسمية تمام سلام رئيساً للحكومة الجديدة.

وبرز التوازن السياسي بقوة في خريطة توزيع الحقائب الوزارية في حكومة الرئيس سلام من خلال التعديلات التي اتفق عليها في اللحظات الأخيرة للولادة الحكومية.

وفي هذه الخريطة أدخل تيار «المستقبل» اثنين من «الصقور» في مقابل الفيتو، الذي كان رفع في وجه اللواء أشرف ريفي، فأخذ مقابل قبوله التراجع عن ريفي وزيرا للداخلية نهاد المشنوق وزيراً لها، وريفي للعدل إلى جانب رشيد درباس للشؤون الاجتماعية، ونبيل دو فريج وزير دولة.

ونال تكتل «التغيير والإصلاح» حصة متوازنة جداً مع جبران باسيل وزيرا للخارجية والمغتربين، وإلياس بوصعب للتربية والتعليم العالي، وارتور نظريان (الطاشناق) للطاقة والنفط، وريمون عريجي (المردة) للثقافة.

كما نال مسيحيو «14 آذار» خمسة مقاعد: الاتصالات لبطرس حرب، والسياحة لميشال فرعون، بينما حظيت «الكتائب» بثلاث وزارات مستفيدة من مقاطع حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع للحكومة، ومنحت «العمل» للكتائبي سجعان قزي، والاقتصاد للكتائبي الثاني الان حكيم، والإعلام للكتائبي رمزي جريج.

ونال رئيس مجلس النواب نبيه بري حقيبة المال لعلي حسن خليل، والأشغال لغازي زعيتر.

كما نال «حزب الله» حقيبة الصناعة لحسين الحاج حسن، ووزير دولة لشؤون مجلس النواب لمحمد فنيش. أما بالنسبة إلى الوسطيين فتوزع وزراء رئيس الجمهورية على نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، واليس شبطيني وزيرة للمهجرين، وعبدالمطلب حناوي وزيراً للرياضة والشباب.

ونال سلام إلى جانب رئاسة الوزراء وزارة البيئة لمحمد المشنوق.

ونال رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وزارة الصحة لوائل أبوفاعور، والزراعة لأكرم شهيب.

وأكد سلام بعد إعلان تشكيل الحكومة أن «هذه الحكومة تسعى إلى إنجاز الاستحقاقات في وقتها»، داعياً إلى «جميع القيادات إلى التنازل لصالح الدولة، ومعالجة الخلافات داخل المؤسسات الدستورية، والالتفاف حول الجيش والقوى الأمنية».

وقال: «بعد 10 أشهر من المساعي الحثيثة وُلدت حكومة المصلحة الوطنية»، لافتاً إلى أن «الحقائب الوزارية وُزعت بما يحقق التوازن والشراكة الوطنية بعيداً عن سلبية التعطيل، وتم اعتماد قاعدة المداورة».

وشدد سلام على أن «هذه الحكومة شُكلت بروح الجمع لا الفرقة، والتلاقي لا التحدي، هذه الروحية قادرة على خلق مناخات إيجابية لإحياء الحوار الوطني، ودعا سلام «جميع القيادات إلى التنازل لصالح الدولة، ومعالجة الخلافات داخل المؤسسات الدستورية، والالتفاف حول الجيش والقوى الأمنية»، مؤكداً أن «هذه الحكومة تسعى إلى إنجاز الاستحقاقات في وقتها».

وأجرى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اتصالاً بالرئيس سلام أشاد فيه بصبره وحكمته والنتيجة التي انتهت إليها عملية تشكيل الحكومة.

استياء «قواتي»

أبدى مصدر رفيع في حزب «القوات اللبنانية» استياءه من منح حزب «الكتائب» ثلاث حقائب وزارية في حكومة الرئيس تمام سلام.  وأضاف المصدر لـ«الجريدة» أن «رئيس الهيئة التنفيذية في الحزب عاتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لتعويمه لحزب الكتائب على حساب القوات»، لافتاً إلى أن «المشاورات الأخيرة بين الرجلين أفضت إلى إعطاء المستقلين في 14 آذار حقيبتين أو ثلاثا، وهو ما لم يحصل».

وأشار المصدر إلى أن «الحريري يريد عبر توزير 3 كتائبيين معاقبة سمير جعجع على قراره القاضي بعدم المشاركة في الحكومة».