إندونيسيا تدعو الصين إلى التوقف عن استنزاف معادنها الثمينة
خزنت الصين، خلال معظم أوقات السنة الماضية، «الركاز» الإندونيسي للتحوط ضد أي إجراء قد تتخذه حكومة جاكرتا من أجل تشجيع الإبقاء على أعمال القيمة المضافة في البلاد.
تشكل المناجم الإندونيسية نحو 20 في المئة من امدادات العالم من النيكل، وشريحة واسعة من صخور البوكسيت (التي يصنع منها الألمنيوم)، وكانت الصين تستورد كميات أكبر من تلك المعادن وغيرها من المعادن الاخرى من الجارة الآسيوية.ومن المفارقة ان الزيادة في مشتريات الصين كانت تزيد غضب الاندونيسيين، وبدلا من شراء معادن مكررة من اندونيسيا كانت الصين تستورد الصخور الخام وتقوم بمعالجتها بنفسها، وبذلك كانت تحرم الاندونيسيين من فرص العمل وعوائد الضرائب. وقد استخرج عمال المناجم أكثر من 250 ألف طن من النيكل من المناجم الاندونيسية في السنة الماضية، لكنهم عالجوا 16 ألف طن فقط في البلاد وقاموا بتصدير البقية، وفي غضون ذلك كررت الصين أكثر من نصف مليون طن. وحتى تزيد سوء الوضع قامت الصين، خلال معظم أوقات السنة الماضية، بتخزين الركاز الاندونيسي -وهو مادة خام مهمة– للتحوط ضد أي اجراء قد تتخذه حكومة جاكرتا من أجل تشجيع الابقاء على اعمال القيمة المضافة في البلاد.
صخور البوكسيتوتزيد عملية التخزين غضب المسؤولين الاندونيسيين. وأبلغ وزير الصناعة الاندونيسي ام اس هداية الصحافيين في 8 يناير الجاري: «عدت للتو من الصين، ورأيت بأم عيني ثلاثة ملايين طن من صخور البوكسيت و20 مليون طن من النيكل هناك. وهذا ما نريد وضع حد له».وهذا ما يعمل على تحقيقه الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهويونو –وفي 12 يناير دخل حكم جديد حيز التنفيذ، وهو يحظر على الشركات تصدير خام النيكل والمعادن الخام الاخرى– فيما يسمح لأصحاب المناجم بشحن المعادن التي تتم معالجتها أو تنقيتها في اندونيسيا. والهدف من وراء ذلك بسيط: «لا مزيد من تصدير الخام، ويتعين وجود تكرير أو تنقية بالصهر»، وهو ما قاله وزير الطاقة والموارد المعدنية جيرو واكيك في الشهر الماضي.الحظر ليس صارما تماما، وتقوم ادارة الرئيس الاندونيسي بإيجاد ثغرات مؤقتة استجابة لاعتراضات من جانب شركات متعددة الجنسيات، مثل نيومونت مايننغ وفريبورت – ماك موران للنحاس والذهب تسمح لتلك الجهات بتصدير النحاس المركز وهو خليط من فلزات النحاس والذهب. لكن الحكومة تصر على أن هذا الاستثناء لن يستمر طويلا: بحلول سنة 2017 لن تكون هناك أي صادرات من المواد المركزة أيضاً.وتعتبر اندونيسيا أحدث دولة غنية بالمعادن تكافح ضد مستوردات الخام. وكانت الهند المورد الرئيسي لفلزات الحديد الى الصين، حيث باعت 107.5 ملايين طن، أو 17 في المئة من اجمالي مستوردات الصين في سنة 2009. وعلى أي حال فإن صادرات الهند من فلزات الحديد الى الصين هوت في أعقاب حظر فرضته عدة حكومات ولائية: ولأول ثلاثة فصول من السنة الماضية صدرت الهند 10 ملايين طن فقط، أي أقل من 2 في المئة من اجمالي مستوردات الصين، بحسب صناعات بلومبرغ. معالجة محليةوفي إفريقيا ينظر المسؤولون في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذين أزعجهم نقص المعالجة المحلية، في فرض حظر على التصدير أيضاً. ويقول كينث هوفمان، وهو محلل رفيع لدى صناعات بلومبرغ، «توجد خيبة أمل من هذه الدول الكبرى التي تأتي وتأخذ المواد المتدنية التكلفة. واذا نجحت اندونيسيا في جعل شركات التعدين تستثمر في المصافي ومصانع الصهر فإن العديد من الدول الاخرى ستهتم بالقيام بالشيء ذاته».وقد يتبين أن خطوة اندونيسيا سياسة بارعة، وستنتخب البلاد رئيساً جديداً في يوليو المقبل، ولن يتمكن الرئيس الحالي من الترشح ثانية، لكنه يعول على سياسة مناهضة الأجانب لدعم مرشح حزبه الذي لم يعلن بعد، في وقت يشهد الاقتصاد الاندونيسي فترة تباطؤ.وقفز عجز البلاد في الحساب الجاري الى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وكان 2.8 في المئة في سنة 2012، كما انخفضت العملة 26 في المئة ما جعلها الأسوأ أداء في آسيا. وعزز ذلك مستويات التضخم وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 8.4 في المئة. وبدأ المستثمرون بالانسحاب: ونما تشكل اجمالي رأس المال الثابت 4.8 في المئة حتى سبتمبر مقارنة بـ9.8 في المئة في 2012.وفي ضوء هذه الأرقام تريد الحكومة أن تظهر انها تعمل على تحسين نمو الوظائف في قطاعات غير استخراج المعادن. ويقول راجيف بسواز الاقتصادي البارز في شؤون آسيا في سنغافورة لبحوث آي اتش اس «مع دخول المزيد من الشباب قوة العمل لا يمكنك توليد فرص عمل في التعدين، وذلك لن يحل المشكلة، ومن المهم أن ترفع اندونيسيا تصنيعها».وبخلاف الصين لم تنجح اندونيسيا في الاستثمار في الموانئ والطرقات، وغير ذلك من البنى التحتية الضرورية لقطاع تصنيع أكثر صلابة. ويقول أنتوني نافته وهو اقتصادي رفيع في سي ال اس اي في هونغ كونغ «لم يرتقوا الى مستوى التحدي». ومع بلوغ سعر مصنع صهر جديد بسهولة الى مليار دولار فإن الحالة الضعيفة للبنية التحتية الاندونيسية قد تثبط أصحاب المناجم عن القيام بالاستثمارات التي يريدها الرئيس يودويوهونو وحكومته.* (بلومبيرغ)