لأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) رفض الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وذلك لأن اعترافاً كهذا هو اعتراف بالرواية "التوراتية" لتاريخ هذه المنطقة كلها ولأنه سيحرم فلسطينيي عام 1948 من حقوقهم كمواطنين على قدم المساواة مع الإسرائيليين، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من قبيل المناكفة والنكاية، أنه بصدد سن قانون أساسي لتكريس الدولة الإسرائيلية كدولة قومية للشعب اليهودي، "وليس لأي شعب آخر"، وبالطبع فإن المقصود بـ"الشعب الآخر" هو الشعب الفلسطيني وليس غيره.
إن ما يؤكد أن المقصود بهذا التوجه هو الرد على رفض (أبو مازن) الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية أن نتنياهو قد قال، بعد انتقاده "الشديد" لرفض الرئيس الفلسطيني الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، إن الذين يرفضون الاعتراف بما نطالبهم به يريدون إقامة دولة فلسطينية إلى جانبنا وأن تتحول إسرائيل تدريجياً إلى دولة مزدوجة القومية عربية-يهودية داخل حدودها "المنكمشة".ويضيف: "لكنني أقول شيئاً بسيطاً يجب أن يكون مفهوماً. إنه لا يمكن الاعتراف بدولة قومية فلسطينية دون الحصول على اعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي. أود أن أوضح أن هذه ليست بمثابة قضية سياسية. دولة إسرائيل تمنح المساواة الكاملة في الحقوق الفردية لجميع مواطنيها لكنها الدولة القومية لشعب واحد فقط هو الشعب اليهودي وليس لأي شعب آخر".ولعل ما لم يفهمه نتنياهو هو أن الشعب الفلسطيني يطالب بدولة "وطنية" تضم العرب الفلسطينيين وغير العرب من مواطنيها وليس دولة دينية إسلامية كمطالبته هو بدولة يهودية فالمطالبة الفلسطينية مطالبة سياسية وهي لا تستثني حتى ولا إنساناً واحداً من الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين... وحتى اليهود أيضاً، أما مطالبة الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها هذا الأشد تطرفاً الذي تتلمذ على كتاب والده "مكانٌ تحت الشمس" فهي تقتصر على أتْباع الديانة اليهودية وحدهم وهي تنص على أن "الدولة القومية هي لشعب واحد فقط هو الشعب اليهودي وليس لأي شعب آخر".وهنا فليعْلم بنيامين نتنياهو، الذي لم يسبقه إلى هذه الدعوة أي رئيس وزراء أو مسؤول إسرائيلي من بن غوريون وحتى شمعون بيريز وأولمرت، وكل هذا الرتل الطويل الذي يضم مناحيم بيغن وإسحق شامير وآرييل شارون وغولدا مائير، أنه لن يكون هنا اعتراف فلسطيني بإسرائيل دولة يهودية بالصيغة التي يريدها حتى وإن بزَغَتْ الشمس من الغرب وغابت كل مساء في الشرق، فهذا إذعان لن يكون أبداً و"أبو مازن" لا يمكن أن يعترف من خلال هذا الاعتراف المطلوب بالرواية التوراتية لتاريخ فلسطين وتاريخ هذه المنطقة.وكما نُسب إلى "أبو مازن" فإن هذه المسألة، أي إصدار الحكومة الإسرائيلية قانوناً أساسياً بيهودية إسرائيل، تعتبر شأناً إسرائيلياً داخلياً وأن بإمكان الإسرائيليين، كما اقترح الرئيس الفلسطيني سابقاً، تقليد معمر القذافي والذهاب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بتغيير اسم دولتهم، وليختاروا لها الاسم الذي يريدونه: الدولة السفارديمية أو الأشكنازية أو حتى الموسوية، فهذا شأنهم، وهو شأن لا علاقة لا للعرب ولا للشعب الفلسطيني به.على أي حال فإن تحويل اسم دولة إسرائيل إلى دولة يهودية، سواء بقانون أساسي أو بقرار من بنيامين نتنياهو وحكومته أو بقرار من الأمم المتحدة سينزع، كما قالت تسيبي ليفني، صفة الديمقراطية عن هذه الدولة، وسيظهرها على حقيقتها دولة عنصرية عبارة عن "غيتو" كبير لا يقبل بالآخرين ويتعامل معهم على أنهم لا يتساوون مع اليهود وأنهم لا يتمتعون بالمواطنة الكاملة، ما دامت هذه الدولة (اليهودية) هي الدولة القومية لشعب واحد فقط هو الشعب اليهودي، وليس لأي شعب آخر، كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي.
أخر كلام
ليقلدوا القذافي ويغيروا اسم دولتهم
07-05-2014