لا ديمقراطية من دون أحزاب سياسية ( 2-2)
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
في الدول الديمقراطية لا يسمح للتنظيمات غير المدنية بالعمل السياسي بغض النظر عن مسمياتها التي لا تعكس أحيانا كثيرة طبيعتها ومنطلقاتها الفكرية والمصالح التي تمثلها، أما الأحزاب التي تحمل مسميات دينية في الدول الديمقراطية فهي أحزاب مدنية من حيث البرامج وطبيعة العضوية مثل الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم حاليا في ألمانيا. وحيث إن النظام السياسي الديمقراطي يجب أن يكون معبراً عن الإرادة الشعبية التي لا تتحقق إلا عندما يكون باستطاعة من يريدون من المواطنين تنظيم أنفسهم بحسب مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية، إذ ليس لأحد الحق في التحدث نيابة عن الآخرين ما لم يمنحوه هذا الحق.ولو أتينا إلى واقعنا المحلي لرأينا العجب العجاب، فمن المفترض أن يكون لدينا بحسب نص الدستور (مادة 6) نظام ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، في حين الواقع هو عكس ذلك تماماً، فلا البرلمان (المجلس) المنتخب من الشعب يشكل الحكومة، ولا تحصل الحكومة على ثقة البرلمان كما في الأنظمة الرئاسية التي يعين رئيس الأغلبية البرلمانية فيها رئيساً للحكومة؛ لهذا يأتي برنامج عمل الحكومة كتقرير إداري شكلي لا قيمة فعلية له.حتى لو أردنا الالتزام بالدستور وتطبيقه على الفور فمَن مِن أعضاء المجلس يحق له تمثيل الأغلبية الشعبية؟ بكلمات أخرى كيف نحدد من له الحق في تشكيل الحكومة إذا كانت الانتخابات العامة ليست انتخابات برامج سياسية تطرحها أحزاب مشهرة على أسس وطنية، بل انتخابات يغلب عليها الطابع الفردي والأطروحات القبلية والطائفية والعنصرية التي تؤججها تنظيمات غير دستورية ومخالفة للقوانين؟!إن معارضة إشهار الأحزاب أو الهيئات السياسية بالشكل الديمقراطي السليم المعمول به في الدول المتقدمة لا يعني سوى شيء واحد، وهو تشجيع تكاثر التنظيمات المضرة والقائمة على أسس لا علاقة لها ببناء الدولة الدستورية الديمقراطية الحديثة، كما هو الوضع المزري الحالي لدينا، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تفتيت مجتمعنا إلى مجموعات فئوية وطائفية صغيرة ومتناحرة تركز على الخلافات الشكلية والجانبية، وتهمل القضايا والهموم الحياتية والمشاكل العامة التي يعانيها قطاع واسع من المواطنين.