اليوم بعد أن جرى ما جرى، وبحكم التدخلات الدولية في شؤوننا الداخلية بصورة أو بأخرى، أصبحت الدولة تصرف الميزانيات دون أن تحدد أوجه صرف تلك الميزانيات، وأصبحت تشاهد أبناءها في انحدار فني من الجانب الرياضي ولا تستطيع أن تسعفهم.

Ad

نعم إن القريب والمطلع على شؤون الرياضة في بلادنا ليقف شعر رأسه من هول ما وصلت إليه بفعل من يقومون على إدارتها، ولا نقصد في هذا الكلام أحداً بعينه أو بشخصه إنما نود أن نفهم ونعرف ما الذي جرى ويجري وسيجري في الرياضة.

أصبحت الرياضة كباقي وزارات ومؤسسات الدولة تعج بالفساد والفوضى، والقرارات التعسفية المزاجية، وإرضاء الأهواء والأشخاص، والسير وفق المصلحة الشخصية، بعيدين كل البعد عن المصلحة العامة (الدولة والمجتمع) أو حتى المصلحة الرياضية.

وهذا الأمر ليس بجديد، فالكثير تحدث وكتب عنها، وكذلك نحن كتبنا مقالاً في الشأن الرياضي، إذاً ما الجديد الذي يدفعنا إلى التطرق لموضوع الرياضة في الكويت؟

فبعد الصراع الذي تسببت به قوانين أصدرها مجلس الأمة في الشأن الرياضي مدعمة برغبة سامية من صاحب السمو أمير البلاد، وتمت الموافقة عليها، ونفذت وطبقت على أرض الواقع، تصدت لها جبهة معارضة، وحجتها أن هذه القوانين تخالف لوائح الاتحادات الدولية واللجنة الأولمبية الدولية، واعتبار ذلك تدخلاً حكومياً في شؤون الاتحادات الرياضية، مما لزم الأمر لدى الاتحادات الدولية بتخيير الكويت بين أمرين: إما العمل وفق لوائح الاتحادات الدولية واللجنة الأولمبية الدولية، وإما تعليق نشاط الاتحادات الوطنية عن المشاركات الخارجية.

وهذا الصراع استمر سنتين أو ثلاث سنوات تقريبا، وشبابنا يظلم ويهدر جهده وتعبه، وتقتل أحلامه بالمشاركات الدولية والقارية.

ونتيجة لذلك، ضرب بهيبة الدولة وقوانينها الداخلية عرض الحائط، وعلى رأسها مرسوم أميري يتعلق بإنشاء الهيئة العامة للشباب والرياضة ومجال عملها، وأنها المرجع في الشأن الرياضي  بمعاونة اللجنة الأولمبية والاتحادات والأندية الرياضية.

 واليوم وبعد أن جرى ما جرى، وبحكم التدخلات الدولية في شؤوننا الداخلية بصورة أو بأخرى، أصبحت الدولة تصرف الميزانيات دون أن تحدد أوجه صرف تلك الميزانيات، وأصبحت تشاهد أبناءها في انحدار فني من الجانب الرياضي ولا تستطيع أن تسعفهم.

والهيئة العامة للشباب والرياضة أصبح عملها فقط «حصالة» لصرف الأموال دون محاسبة، فلا يحق لها أن تطبق أي لائحة سواء إدارية أو مالية على الاتحادات والأندية.

كيف تقبل حكومة أو شعب بأن تصرف أمواله دون أن تكون له صلاحية في تحديد أوجه الصرف لتلك الأموال؟ فإن كانت قوانين الاتحادات الدولية لا تسمح بتدخل الحكومة في الشأن الرياضي، فعلى من يحتمي بتلك القوانين وتلك الاتحادات أن يصرف على اتحاداته وأنديته ورياضته من جيبه الخاص، لا من مال الدولة والشعب، فالدولة ليست بقرة حلوباً.

واللجنة الأولمبية الكويتية التي لم نسمع لها منذ أنشئت إلى يومنا هذا أي تدخل في حل مشكلة فريق أو لاعب، كانت ظلاً أو عنواناً لواجهة مبنى، وأصبحت الآن وبقدرة قادر سيدة الموقف وبيدها قرارات الشأن الرياضي.

نعم اللجنة الأولمبية لها الشأن الخارجي للرياضة الكويتية، أما الشأن الداخلي فهو بعيد عنها كل البعد، ويجب ألا يكون لها السلطة عليه، فكما أن للأمن شأنين «خارجي للدفاع وداخلي للداخلية»، كذلك الرياضة، ولا ينبغي أن تتداخل الأمور، وكل جهة تكون ملزمة فيما يخصها وفي نطاق صلاحيتها ووفق القانون.

فإن كنا ننشد الإصلاح، فهذا معترك صغير فهل نشعل فتيل الإصلاح فيه، ليكن وميضاً للإصلاح الأكبر، «فما أنا لكم إلا ناصح أمين».