سيدة الغناء العربي أم كلثوم، أحد أوائل المطربين والمطربات الذين سجلوا القرآن بصوتهم، وقد طلبت نشره وإذاعته بعد وفاتها، بالإضافة إلى وجود تسجيل نادر لها وهي تقرأ آيات من سورة إبراهيم في فيلم «سلامة» الذي أدّت بطولته.

Ad

أيضاً لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب تسجيلات بصوته، وللعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ تسجيل صوتي يتلو فيه القرآن، ووردة التي تلت بعض الآيات في فيلم «ألمظ وعبده الحامولي»،  ولديها تسجيل على موقع «يوتيوب»، علاوة على محمد عبده الذي تلا بعض الآيات باكياً عندما أعلن اعتزاله الغناء، عقب وفاة والدته في التسعينيات، لكن سرعان ما تراجع عن اعتزاله.

كاظم الساهر يمتلك بدوره تسجيلات قرآنية تعود إلى أكثر من 20 عاماً، وذلك في المسلسل العراقي «المسافر»، أما حسين الجسمي فلديه تسجيلات قرآنية، كذلك أحلام، بينما قرأ أحمد سعد مجموعة من الآيات  من سورة البقرة أثناء استضافته في إحدى القنوات الفضائية العام الماضي، وأعلن نيته طرح بعض السور القرآنية بصوته على الإنترنت.

حق مكتسب

علي الحجار الذي خاض حرباً في هذا الاتجاه، أحد أكثر المطربين الذين دافعوا عن حقهم في تسجيل القرآن بصوتهم يقول: «تم اعتمادي كقارئ للقرآن من قبل الأزهر الشريف، فما الذي يمنعني من فعل ذلك، لا أقتحم هذا المجال من باب التجارة أو المكسب، ولن أربح من بيع الأسطوانات أو شرائط الكاسيت».

يضيف أن قراءة القرآن وتسجيله فيهما ثواب، وأنه أجرى أبحاثاً في هذا المجال، وقرأ كتباً ولم يجد فيها ما يمنعه من تسجيل القرآن، مشيراً إلى أن سيدة الغناء العربي أم كلثوم قرأت القرآن في أحد أعمالها السينمائية، ولو كانت  ثمة أزمة فقهية لتصدّى الشيوخ والعلماء حينذاك لها ومنعوها.

أحمد سعد الذي حفظ القرآن وتعلم آداب قراءته وأحكام تجويده في أحد الكتاتيب المجاورة لمنزله أثناء الطفولة، يفكر جدياً في تسجيل القرآن بصوته، خصوصاً أن كل من سمعه يتلوه أشاد بحلاوة صوته وبإمكانية أن يكون قارئاً يجيد تلاوته بشكل سليم وصحيح وعذب.

 تعهد سعد بأن يستعين ببعض أساتذة القرآن الكبار لمراجعة تسجيلاته، مؤكداً أحقية أي شخص في تسجيل القرآن الكريم بصوته، طالما يمتلك حلاوة الصوت والإلمام بأحكام القراءة والتلاوة، ولا يجوز منعه في حال توافرت نية حسنة لتسجيله، وخالصة لوجه الله.

يضيف: «اقتنع شقيقي عمرو بموهبتي عندما سمعني أتلو بعض آيات القرآن والتواشيح الدينية، فأدخلني معهد الموسيقى العربية، الأساس عندي تلاوة القرآن، فأنا أقوم بذلك قبل أن أكون مطرباً».

يضيف أنه سأل في هذا الشأن، ولم يجد أي مانع فقهي في ذلك، خصوصاً أنه على دراية تامة بأحكام القراءة والتلاوة.

خصوصية وقدسية

الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، يرفض قراءة المطربين لآيات القرآن رفضاً باتاً، قائلاً: «للقرآن الكريم خصوصيته وله قارئه، وللتمثيل أهله وللغناء أيضاً، واشتراك الفنان بالغناء ليلاً وقراءة القرآن نهاراً يهددان قدسية القرآن الكريم ويقللان من شأنه، وإذا اجتمعت المصالح والمفاسد، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، لا سيما أن الله عز وجل قال: «إن الذين يتلون كتاب الله»، ما يعني أن ثمة خصوصية لمن يقوم بتلك المهمة.

يضيف: «وظيفة القراء معروفة على مدار التاريخ الإسلامي، لكننا لم نسمع أبداً عن مطرب ومقرئ في آن»، ضارباً المثل بسيدة الغناء العربي التي سجلت «سورة الضحى»، وحاولت أن تروج فكرة أن تكون مقرئة ومطربة، لكن الأزهر والقراء آنذاك وقفوا ضد هذه المحاولات بشكل واضح وصريح.

الشيخ فكري إسماعيل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق يرى أن الموضوع أكبر من مطرب أو ممثل يريد أن يسجل القرآن بصوته قائلاً: «لو تتبعنا الشروط الواجب توافرها في قارئ القرآن، سواء كان رجلاً أو امرأة، فنجد أن الإسلام اشترط لتلاوة القرآن الكريم بالنسبة إلى المرأة:

 أن تكون على فهم بأحكام القرآن الكريم، وأن تلتزم بالآداب التي وضعها العلماء لمن يريد أن يقرأ الكتاب الكريم، أن تكون طاهرة، وأن تلتزم في تلاوتها الحشمة والوقار احتراماً لكتاب الله تبارك وتعالى، كما يجب ألا تتلون بالتلاوة، قال الله تعالى: «ولا تخدعن بالقول»، أي لا تتلون بأن يعشق صوتها الرجال ويتمنون سماعه لحلاوته وليس لتلاوتها القرآن.

يضيف بالنسبة إلى الرجال: «لا يمكن قراءة القرآن في الأماكن العامة التي لا يحسن روادها سماع القرآن ولا ينصتون ولا يخشعون لقراءته ولا يلتزمون أثناء سماعه بالقيم الأخلاقية المعروفة، فقد قال تعالى: «إذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون»، مشدداً على وجوب حسن سمعة وأخلاق مقرئ القرآن.

يتابع: من الأفضل أن نبتعد عن الشبهات وألا نقحم أنفسنا في هذا الجدل، والرأي الأقرب للصواب هو عدم قراءة الفنانين للقرآن في الأماكن العامة أو تسجيله بصوتهم على شرائط كاسيت».