فجأة رنّ جرس الهاتف في مكتب وزير الدفاع الأسبق، المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة رفع السماعة... لم تطل المكالمة... لا أحد يعلم ماذا دار فيها... أو من كان على الطرف الآخر من المكالمة... بعد لحظات انتهت المكالمة، وفوجئ الجميع، في مكتب الرجل الكبير، بإلغاء برنامجه الحافل... ولقاءاته المرتبة... يحمل بعض أشيائه وحاجياته المهمة... ينصرف من مكتبه في هدوء... يركب سيارته الفارهة... تختفي به وسط زحام القاهرة... يمضي اليوم بأكمله وتصدر صحف الصباح التالي، على صدر صفحاتها الأولى خبر مثير... استقالة المشير أبو غزالة من منصبه الكبير... لكن صياغة الخبر وما بين سطوره من كلمات توحي بأنها، في الحقيقة، إقالة.

Ad

قالت الصحف في حياء: ثمة معرفة وثيقة تربط بين إقالة المشير... وحسناء مصر الجديدة... السيدة لوسي أرتين!

تكهرب الجو... ونشطت الاجتهادات... والإشاعات أيضاً... لكن الحقائق كانت شيئاً آخر غير ما ردده بعض المغرضين... والحاقدين... كثرت السكاكين حول رقبة المشير الذي آثر الصمت.. وترك مصر في إجازة قصيرة إلى العاصمة الفرنسية؛ باريس، ترك الجمل بما حمل كما يقولون.. أغلق فمه.. واختار الصبر.. فالإشاعات مهما سببت من جراح سوف تهزمها الحقائق بمرور الوقت.. وبمزيد من الصبر.

امرأة الشهرة

لكن القضية أخذت أبعاداً خطيرة، تحولت إلى بلاغات تحققها النيابة العامة.. ودخلت التسجيلات التليفونية إلى الساحة.. وشملت محاضر الرقابة الإدارية أسماء معروفة تحتل وظائف مرموقة.. وتزايد الهمس وارتفع الضجيج وعلا صوته.. ووصل الأمر إلى مجلس الشعب.. وتحت قبة البرلمان تناقش نواب الأمة القضية.. وتباحثوا.. وتحاوروا حول الاستجواب الذي تولى رئيس مجلس الوزراء الرد عليه وكشف أسراره أمام الرأي العام!.. وهكذا أصبحت لوسي أرتين أشهر امرأة في مصر.. خاصة بعد أن ألقي القبض عليها.. وأودعت عنبر التحقيقات على ذمة القضية، ولم يعد هناك بيت في مصر لا يعرف جزءاً من الحقيقة وكثيراً من الأكاذيب والإشاعات حول أرتين.

أكثر الأسماء لمعانا في قضية لوسي أرتين كان المشير أبوغزالة، قفزت إلى الأذهان بسرعة حكايات الماضي.. اشتمّ الناس رائحة الستينيات.. واجتروا ذكريات المشير عبدالحكيم عامر وقصة غرامه الشهيرة بالممثلة برلنتي عبدالحميد.. وإشاعة غرامه بالمطربة وردة الجزائرية.. بل أضافوا إلى غرام الجنرالات غراماً آخر كان طرفاه اللواء علي شفيق مدير مكتب المشير عامر والمطربة المعروفة مها صبري.. لكن سرعان ما توقف الناس أمام حقيقة مؤكدة.. لقد تزوج المشير عامر ومدير مكتبه من الفنانتين المعروفتين برلنتي عبد الحميد ومها صبري بينما بقيت علاقة المشير عامر بالمطربة وردة الجزائرية لا تتجاوز الإشاعات التي عاشت زمناً غير قصير في ذاكرة الشعب.

من هنا قفزت علامات الاستفهام تتراقص أمام العيون وداخل العقول.. فإن لم يكن المشير أبوغزالة قد تزوج من لوسي أرتين كحكايات الستينيات.. ولم تكن علاقته بها إشاعة كحكاية عامر ووردة الجزائرية فالأمر سوف تكون له دلالات خطيرة.. وسوف يعني أن غراماً دارت وقائعه بعيدا عن توثيق المأذون.. ودفع صاحب المنصب الكبير ثمناً فادحاً لكل دقة قلب هتفت ذات يوم بلوسي أرتين صاحبة الجمال الذي لا يقاوم!

فريق آخر أكد أنّ المكالمات التليفونية المسجلة دليلٌ على براءة المشير أبو غزالة فهو لم يطارحها الغرام من خلال تلك المكالمات ولم يشاغلها بكلمات الغزل سواء العفيف أو غير العفيف.. وكان هذا الفريق يردد جملة واحدة في نهاية تعليقاته.. {اتقوا الله في المشير}!.. لكن هؤلاء نسوا أنه لم تكن هناك تسجيلات تليفونية أساسا للمشير في قضية لوسي!

الحقيقة الغائبة

الذي لا يعلمه هذا الفريق أو ذاك أن لوسي أرتين كانت تعرف المشير جيداً.. وتردّ على مكالمته التليفونية.. وفي بعض الأحيان تبادر هي بالاتصال به.. فما هي الحقيقة التي غابت عن الناس.. ولم تصل إلى الرأي العام المصري.. ولم تتناولها الصحف المصرية أو العربية سواء عمدا أو سهوا؟!.. كيف تعرفت لوسي أرتين إلى المشير أبو غزالة؟! وكيف تطوّرت العلاقة حتى وصلت إلى قمة الميلودراما؟!

الحقائق  تقول إن صداقة قوية كانت تجمع بين المشير أبو غزالة ووالد لوسي أرتين، الذي كان يشغل منصب المدير المالي لإحدى الشركات المنفذة لبعض مشروعات البناء للقوات المسلحة.. وبحكم وظيفة الأب وموقع المشير تطورت العلاقة إلى صداقة حميمة فرضها الواقع والمنطق.. والد لوسي أرتين يقوم بعمله على خير وجه.. صادق.. أمين.. دمث الخلق.. والمشير يحترم هذه الصفات في كل الذين يتعاملون معه ويتحلون بها.. خاصة أن والد لوسي كانت له هو الآخر صداقات واسعة مع عدد كبير من الشخصيات العامة والمسؤولة.. وكان الجميع يحترمونه ويواظبون على الاتصال به من حين إلى آخر للاطمئنان عليه وفي المناسبات لتهنئته.. وكان المشير يتصل به أيضاً من حين إلى آخر لسؤاله عن أخبار المشروعات وأخباره الشخصية.

مرات كثيرة كان المشير يتصل تليفونياً فلا يجد والد لوسي.. وكانت هي ترد على المكالمة بكلمات المجاملة الرقيقة التي تبدأ دائما بـ{أهلا يا أونكل}.. وذات مرة سألها عن أحوالها مع زوجها بعد أن دبت المشاكل بينهما.. نصحها بالتريث فأخبرته أنها لا تريد هدم بيتها وعشها الهادئ.. لا تريد أن تحرم طفلتيها من والدهما.. تتحمل كل الهوان والعذاب ليبقي زوجها بين ابنتيه الصغيرتين.. لكنها لا تجد من زوجها شعورا متبادلا.. فهو يقع دائما تحت سيطرة أسرته.. كان رد المشير في كثير من المكالمات لا يخرج عن نصيحتها بالصبر.. وتصمت لوسي.. وتنتهي المكالمة في كل مرة بأمنيات المشير لها بالتوفيق في إنهاء مشاكلها العائلية ثم يختتم المكالمة طالباً منها إخبار والدها بضرورة الاتصال به.

تكررت المكالمات.. وتكررت شكوى لوسي من تعنت زوجها.. وسلبيته أمام عداء أسرته لها.. فما هي حقيقة الجحيم الذي قررت لوسي أن تعانيه ليل نهار في حياتها الزوجية؟!.. ولماذا وصلت مع زوجها إلى الطريق المسدود؟!..لا بد من أن لكل نهاية بداية.. فما هي بداية الطريق؟!

غرام المراهقة

كانت لوسي في عامها السابع عشر عندما تعرفت إلى الشاب الرياضي {يرفانت}.. فتاة في عمر الزهور.. شقراء طاغية الجمال.. رشيقة القوام.. واسعة العينين.. تجمع عيناها بين زرقة البحر وخضرة أوراق الشجر.. نحيلة الأصابع.. وكما تقول الأغاني {فمها مرسوم كالعنقود}.. شعرها سلاسل ذهبية تتطاير مع أول نسمة هواء؛ كطفلٍ يلهو ببراءة.. أنيقة.. تتمتع بحضور قوي.. وجاذبية مثيرة.. وأنوثة صارخة.. تبدو أحياناً عنواناً لجمال الشرق.. وأحيانا أخرى رمزاً لرقة الغرب.. لا تستطيع أن تحدد أمام رقتها وجمالها إن كانت ملهمة للشعراء كما في حكايات قيس وليلى.. أم ملهمة للأبطال كما في قصص هتلر وإيفا.

كانت تتردد على نادي الأرمن فهي مسيحية أرمنية.. مصرية الجنسية.. شباب النادي يحومون حولها حيثما ذهبت أو حلت.. يتسابقون على الفوز منها بابتسامة.. أو حتى نظرة رضا من وجهها المضيء كالقمر.. المشع كالشمس.. المتألق كنجوم السماء في ليالي الربيع.. لكن لوسي لم تفتح قلبها إلا لشاب واحد.

إنه يرفانت.. طويل القامة.. مفتول العضلات.. رياضي.. بهرها.. أحبته بكل عنف المراهقة رغم أنه كان يكبرها بأكثر من عشر سنوات.. قلبها كان بكراً بلا تجارب أو غزوات أو نزوات.. انفتحت أبوابه على مصراعيها أمام هذا الطارق بإلحاح.. عارض أبوها رغبتها في الزواج من يرفانت.. لكن أمها وقفت إلى جوارها.. أصرت على أن تتزوج ابنتها ممّن تحب مهما كان فارق السن أو الطباع.. وعلى الفور تحدّد موعد الزفاف.

أقيم الزفاف في إحدى كنائس الأرمن في مصر الجديدة، اقتصر على أقارب العروسين وأبناء الطائفة الأرمنية في مصر.. وكان على رأس المدعوين أقارب العروس الفنانتان الاستعراضيتان نيللي ولبلبة.. وفجأة أشيع أن المشير أبو غزالة سوف يحضر ومعه وزيران.. تعجب المدعوون من الخبر الذي تردّد بين جنبات القاعة.. فالمشير كان مرشحاً حينئذٍ لمنصب نائب رئيس الجمهورية.. هكذا يردّد الناس.. وربما تدور الأيام دورتها فيصبح رئيساً لمصر.. كما أنّه يحظى بشعبية هائلة.. والزفاف سيكون فرصةً للحاضرين لرؤيته عن قرب.. وربما أيضاً مصافحته والتحدّث إليه.. كانت تلك أول مرة يشاع فيها اسم المشير.. لكن الساعات مضت.. ووقت الحفلة انتهى ولم يحضر المشير أو الوزيران.. بل تعجّبت لوسي أرتين نفسها من الإشاعة وممن أطلقها.. لا بد من أنّ أصدقاء الوالد اعتقدوا أنّ صديقه صاحب المنصب الكبير أبو غزالة سوف يجامله بحضور زفاف ابنته.. لكنه كان خيالاً لا يستند إلى واقع!

القضية

بعد الزفاف وشهر العسل تبخر الحب الكبير... اقتحمت المشاكل العش الهادئ.. أسرة العريس تريده إلى جوارها.. لوسي ترفض.. المشادات الكلامية تحولت مع الأيام إلى مشاجرات.. ومحاضر.. واتهامات.. لوسي تحث زوجها على أن يتصدى لمضايقات أسرته لها.. لكنها كما تعتقد كانت لا تجني غير الصمت.. فالزوج يخشى من غضب أبويه وحرمانه من الإرث والثراء الفاحش الذي ترفل فيه أسرته.. لم تفقد لوسي الأمل في احتواء أزمتها العائلية.. أنجبت ابنتها الأولى.. وحملت بابنتها الثانية.. كانت تعتقد أن أطفالها قد يجعلون زوجها أكثر حرصاً على سعادتها واستقرارها وتوفير الأمان لها.

 لكن الأمور كانت تتطور بسرعة رهيبة.. وتحول الحب الكبير إلى حرب شرسة.. قصدت لوسي الشرطة لتحرر محضراً تتهم فيه زوجها بمحاولة بقر بطنها لقتل الجنين الذي يتحرّك في أحشائها (ابنتها الثانية).. رد الزوج باتهام آخر يؤكد فيه أن زوجته هي التي حاولت الإجهاض لتتخلّص من جنينها!... ويتدخل الوسطاء من أهل الخير في محاولة للصلح بين الزوجين.. خصوصاً أن لوسي ترحب بذلك بشرط واحد أن تستقل مع زوجها بعيدا عن أسرته.. وتنجح المحاولات مع آلام الوضع.. يذهب يرفانت مع زوجته الحسناء إلى المستشفى لتضع مولودتها الثانية.. يطبع قبلة دافئة فوق جبينها.. لكن سرعان ما تنفجر مفاجأة جديدة فور مغادرة لوسي للمستشفى وهي تحمل رضيعتها الوليدة!

وتتحول المفاجأة إلى محضر جديد بقسم الشرطة.. قالت فيه لوسي إنها غادرت المستشفى لتكتشف أن زوجها قد باع شقة الزوجية لتاجر دخان في المنصورة بيعاً صوريا ليرغمها على الحياة وسط أسرته وخدمة أمه فتقيم مع أسرته في حجرة واحدة من شقة االعائلة!.. وعلى الفور أمرت النيابة العامة بتمكين لوسي أرتين من شقة الزوجية فورا وعودتها إليها.. بل سارع تاجر الدخان إلى تسليم الزوجة الحسناء مفتاح الشقة بعد أن تم تغييره أثناء إقامتها في المستشفى للولادة!

أصرت لوسي على أن تضع حدا لمأساتها بعد أن انتزع زوجها فتيل الأمان من حياتها.. خصوصاً بعد أن فشلت كل المحاولات الجديدة للصلح بين الزوجين.. لجأت إلى القضاء تطالب بنفقة لها ولابنتيها من زوجها الثري الذي يشارك أباه في معظم ممتلكاته.. وفي مصنع الدخان بنسبة 33%.. فسارع الزوج بالهجرة من مصر.. هاجر إلى أستراليا وترك لوسي معلقة.. لا هي زوجة.. ولا هي مطلقة!

مضت الزوجة الحسناء في قضيتها أمام محاكم الأحوال الشخصية.. لكن مضى عام وراء عام دون الفصل في الدعوى.. وفي قضايا الأحوال الشخصية تتأزم العلاقات العائلية كلمات طال النزاع أمام المحاكم.

المشير على التليفون

ذات ليلة دق جرس التليفون في بيت لوسي أرتين.. رفعت السماعة.. كان المشير أبو غزالة على الطرف الآخر.. سألها عن والدها فلم يجده.. سألها عن أخبار قضيتها فبكت وبح صوتها.. ثم توسلت إليه أن يتدخل لدى الجهات المسؤولة بحثاً عن حل لبطء القضاء ومعاناة النساء في محاكم الأحوال الشخصية.. أخبرته أن قضيتها طالت سنوات من دون أن تصل إلى حكم.. أخذ المشير يهدئ من روعها.. وأمام بكائها المستمر طلب منها اسم القاضي ربما أمكنه التعرف عليه وتوصيته بسرعة الفصل في القضية دون أن يتعرض من قريب أو بعيد لضمير القاضي في الحكم الذي سوف يصدره، وبالفعل منحته لوسي اسم القاضي.. وموطنه مدينة السويس.

أجرى المشير اتصالا هاتفيا بعدد من المسؤولين الكبار في محافظة السويس.. كانت المفاجأة أن أحدهم يعرف القاضي عن قرب.. منح المشير رقم تليفون القاضي.. اتصل به.. لم يقل له غير كلمات موجزة: {يا ابني أنا عاوزك تقرأ القضية كويس.. وتحكم فيها بما يرضي ضميرك فأنا أعرف أن مئات القضايا تتكدس أمامكم وربما لا يكون لديك وقت لقراءة كل تفاصيل القضايا}. ورد القاضي بأنه لم يقرأ القضية بعد ولو كان للوسي حق فسوف تأخذه والقضية عموماً محجوزة للحكم.

وسقطت لوسي

فجأة.. تقدم والد الزوج بشكوى إلى وزير الداخلية.. وأخرى إلى الحزب الوطني.. وعلى الفور بدأت مراقبة لوسي أرتين التي كانت تترد على مأمورية الشهر العقاري بمصر الجديدة بصحبة محاميها لنزع ملكية عقار باسم زوجها لتنفذ عليه حكم النفقة  المحكوم بها.. لكنها فوجئت ببيع العقار ونقله من ملكية زوجها إلى ملكية أخته.. ومن خلال المراقبات والمكالمات التليفونية المسجلة اكتشفت الرقابة الإدارية أن لوسي تتصل بكبار الشخصيات المهمة كاللواء حلمي الفقي مدير الأمن العام.. واللواء فادي الحبشي مدير مباحث وزارة الداخلية.. بالإضافة إلى خروجها مع القاضي الذي ينظر قضيتها.. أحيانا منفردين.. وأحيانا كثيرة تكون بصحبتهما زوجته الحاجة إقبال.

وكانت المفاجأة المثيرة عندما صعدت لوسي والقاضي دون أن تكون معهما زوجة القاضي هذه المرة إلى مكتب شقيقها – تحت الإنشاء – لوجود بعض المشكلات القانونية مع مالك العقار حيث يقع المكتب.. لكن بعد دقائق من دخولهما المكتب كانت قوات الأمن تلقي القبض عليهما معا!

وتوالت المكالمات التليفونية على منزل لوسي أرتين للاطمئنان عليها عقب إطلاق سراحها بعد التحقيقات المبدئية في اليوم الأول، فالتهمة الجاهزة هي استغلال لوسي لعلاقاتها بشخصيات عسكرية وأمنية، في مقدمها المشير أبو غزالة من أجل التأثير على حكم القضاء وإنهاء قضيتها ضد زوجها الهارب لصالحها.

اتصل بها المشير أبو غزالة ومدير الأمن العام آنذاك اللواء حلمي الفقي.. ومدير المباحث الجنائية وقتها، اللواء فادي الحبشي، وعدد كبير من الأصدقاء أصحاب الوظائف المرموقة.. وتم رصد هذه المكالمات باعتبار أن القضية ما زالت في بدايتها.. والحقائق ما زالت تائهة.. لكن لم تمض ساعات اليوم التالي حتى صدر قرار حبس لوسي على ذمة التحقيقات.. وبعدها توالت الاستقالات!

قال القاضي إنه لم يتقاض ثمة رشوة مادية أو جنسية من لوسي أرتين.. وأنه تعاطف هو وزوجته مع لوسي أرتين بعدما تأكدا من رغبتها الصادقة في العودة إلى زوجها.. لكن القاضي صرح أيضا بأن لوسي دعته إلى الغداء هو وزوجته أكثر من مرة وكانت تسدد فواتير الحساب.. وتلك كانت الشبهة التي يفترض أن يتنزه عنها القضاة لإبعاد نفسهم عن الشبهات.

أما اللواء فادي الحبشي أشهر ضابط مباحث مصري، فقد أكّد أنه بريء تماماً، كما سمع من لوسي أرتين نفسها.. وكانت لوسي ذكرت أن علاقة عائلية تربطه وبزوجته وأبنائه.. ولم يكن له دور من قريب أو بعيد في قضيتها.

لقد تأكد الجميع أن فادي الحبشي لم يتورط في استغلال نفوذه.. ولم يسئ استعمال سلطاته.. ولم يفرط في وظيفته..!

واختفى المشير... لقد لزم الصمت.. والصمت غالباً ما يكون مراً بطعم العلقم.. لكن لا أحد يقوى عليه إلا الرجال!.. رحل المشير عن عالمنا ومازالت لوسي تشعر حتى الآن بالمرارة كلما تذكرت أحداث ليلة القبض عليها وأيام الحبس المريرة، وبأنّها بقصدٍ أو من دون قصد شاركت في إطاحة المشير.