الكتابة وشبكات التواصل الاجتماعي
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
وأنا هنا لا أتكلم عن قلة قليلة من مستخدمي الشبكة الذين تشكّل الكتابة جزءاً من حياتهم لكني أعني الأعداد المليونية العربية التي وجدت نفسها بين يوم وليلة مجبرة على الكتابة باللغة العربية، والتعبير عما يدور في ذواتها! المتفحص لما يُكتب على شبكات التواصل الاجتماعي، يرى تباينا واضحا بين مستويات عدة، لكن الواضح أيضاً أن الأغلبية من كتّاب منطقتنا العربية، يستخدمون اللغة العربية، وهذا بحد ذاته عنصر إيجابي بالرغم من الأخطاء الإملائية واللغوية الواردة في الكتابات. فبانتشار المحطات الفضائية العربية العابرة للقارات، وتبنّيها لنهج التكلم باللهجة العامية، أحاط باللغة العربية المنطوقة والمكتوبة خطر يتمثل في ابتعاد أبنائها عن الحديث بها، والاكتفاء باللهجة العامية وصلا بينهم، لكن اقتحام شبكات التواصل الاجتماعي لحياتنا ومدى الإغراء الكبير الذي تمارسه علينا، أجبر الكثيرين على العودة إلى اللغة العربية، قراءة وكتابة، وبالتالي تنامى استخدام العربية. بل ان الأمر تعدى ذلك إلى رغبة البعض من غير الناطقين باللغة العربية إلى تعلمها وفهمها، كي يتمكنوا من متابعة ما يجري على ساحة شبكات التواصل الاجتماعية العربية.الإنسان العربي وبالرغم من كل النكبات والمصائب التي تطارده منذ مطلع القرن العشرين، فإنه يتصف بعزيمة غريبة، تأبى على اللين والخضوع والانكسار، وتتنفس الحرية والتمرد، وتنتهز أي فرصة للتعبير عن نفسها، وليس أدل على ذلك من الوقوف على نشاط المبدع العربي، كاتباً وفناناً تشكيلياً ومسرحياً وسينمائياً، وأنه لا يقل بأي حال من الأحوال عن نشاط المبدع الآخر، أيا كان مكانه وأيا كانت درجة الحرية التي يتمتع بها، وأيا كانت قدرته على التعبير عن نفسه.الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، باتت تكشف المزاج الشعبي العربي العام، بمختلف أطيافه، وغني عن القول بأن أحد أهم محركات الانتفاضة الشعبية المصرية العظيمة عام 2011 كان موقع «الفيسبوك» وتعليمات الشباب الذين أثاروا دهشة العالم بقدرتهم غير العادية على تحريك جموع مليونية، خرجت تنادي بالحرية بصدور مكشوفة. لذا فإن متابعة مواقع الفيس بوك والتويتر لم تعدّ لكثيرين جزءاً من تسلية ومتعة عابرة بقدر ما أصبحت دائرة عمل، ووصلا بالآخر، وأنها ضرورة من ضرورات الحياة، وأن هذا، أعاد شيئاً من بريق اللغة العربية، وحضورها الحديث، خاصة وأنها لغة غنية بمفرداتها وقادرة على كشف دواخل الإنسان.