إيران لا تزال على مفترق طرق بعد ربع قرن من وفاة الخميني
اقتصاد متعثر وعزلة سياسية... وخامنئي يحمل واشنطن مسؤولية فشل التجربة
بعد مرور ربع قرن على وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران روح الله الخميني لاتزال إيران عند مفترق طرق تواجه العقبات نفسها مع اقتصاد متعثر وعزلة سياسية ومعارك سياسية داخلية. ففي الرابع من يونيو من عام 1989 رحل المرشد الروحي والسياسي الإيراني عن عمر ناهز تسعة وثمانين عاما، لكن صورته مازالت حاضرة في كل مكان، مطبوعة على اوراق نقدية ومعلقة على كل مبنى اداري ومرسومة على جدران كثيرة في البلاد.
وقال خلفه المرشد الاعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي أمس امام آلاف المناصرين المحتشدين حول الضريح الفسيح المشيد تخليدا لذكرى الخميني في جنوب طهران، «علينا فهم العراقيل الموجودة على الطريق الذي رسمه الامام». وأضاف أن «سنوات من الفتن التي اثارتها الولايات المتحدة لم تهز بلاده» داعيا المسؤولين الايرانيين الى صون الوحدة الوطنية، مضيفا أن «التحدي الخارجي هو الفتن التي تزرعها الغطرسة العالمية»، مشيرا إلى الولايات المتحدة. وقطعت طهران وواشنطن علاقاتهما الدبلوماسية في خضم ثورة 1979، لكن جرى اتصال هاتفي بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والايراني حسن روحاني في سبتمبر 2013، الاول خلال اكثر من 30 عاما، مما أنعش الآمال في حدوث تقارب بين الدولتين مع انطلاق المفاوضات على حل سلمي للبرنامج النووي الإيراني. ولم يتحدث آية الله خامنئي الذي له الكلمة الفصل في الملفات الاستراتيجية، عن اي تقارب محتمل، بل على العكس حذر من المساعي الاميركية لـ «بث الشقاق بين الدول أو اثارة الانقلابات وثورات الالوان». واستبعد التهديد بتدخل عسكري، مؤكدا ان الاخير ليس أولوية بالنسبة للولايات المتحدة بعد «الخسائر» في أفغانستان والعراق. ودعا المرشد الايراني المسؤولين الايرانيين الى عدم تحويل انتباههم عن العدو الحقيقي من خلال التركيز على نزاعات داخلية تسيء الى الوحدة الوطنية. ويواجه الرئيس روحاني الذي يعتبر معتدلا انتقادات من اوساط المحافظين الذين يعتبرون اي تسوية بشأن الملف النووي تخليا عن حقوق ايران في الطاقة الذرية. وقد اضحت ايران قوة اقليمية في تسعينيات القرن الماضي بفضل نموها الاقتصادي وسياسة اعادة الاعمار التي انتهجها الرئيس اكبر هاشمي رفسنجاني بين عامَي 1989 و1997 ثم محمد خاتمي بين 1997 و2005. وترافق الانفتاح الاقتصادي بانفتاح ثقافي واجتماعي نسبي، لكن الامور عادت الى الصفر مع سياسة خلفهما المحافظ محمود احمدي نجاد المتهم بسوء الادارة والذي اعيد انتخابه لولاية ثانية بظروف ملتبسة مما اثار تظاهرات حاشدة انتهت بزج قادة الإصلاحيين في السجون. وحاليا يسيطر المحافظون واجنحتهم على السلطة في إيران وتم ابعاد الإصلاحيين بشكل تام عن السلطة حتى ان الرئيس الحالي الذي يوصف بأنه معتدل ليس محسوبا على الإصلاحيين بل على المحافظين المعتدلين. وبات الحرس الثوري يسيطر على مفاصل مهمة في الاقتصاد ويتحكم باللعبة السياسية. (طهران- أ ف ب)