الكراهية... والبطاقة... والقفص الزجاجي

نشر في 21-02-2014
آخر تحديث 21-02-2014 | 00:01
 د. محمد لطفـي    الكراهية إحساس وشعور إنساني لكنه عاطفة سلبية تنمو داخل النفس البشرية كخلية سرطانية لا يمكن معرفة سلوكها أو الحد من تكاثرها الذي يبدأ من القلب وينتهي عند العقل، وإذا سيطرت الكراهية على فكر الإنسان يتلاشى ويختفي ولا تصبح له قيمة أو فائدة، وقديما قالوا "يتلاشى الكاره قبل أن يختفي المكروه".

ولكي تنتشر الكراهية في مجتمع يجب إشعار أفراده بوقوع الظلم عليهم والتمييز بينهم؛ لذلك كان شعار "الأخونة" الذي رفعه إعلام الثورة المضادة هو حجر الزاوية الذي اعتمد عليه الانقلابيون، ورغم هلامية التعبير وضبابية الشعار فإن تكراره على مسامع المواطنين "الزن على الودان أقوى من السحر" أدى إلى سيطرة الكراهية بين أفراد الشعب المصري، وتناسى هؤلاء أن الكراهية لن تقف عند حدود "الإخوان" بل ستتسع لتشمل الجميع، فمن يتملكه شعور الكراهية يصعب عليه العودة مرة أخرى إلى إحساس الحب، ومن يزرع الحنظل فلن يجني العنب، فيا من زرعتم الكراهية والحقد بين المصريين انتظروا المزيد من الكره والغضب.

***

رغم قصر إجازتي في مصر كان هناك الكثير من المشاهد- كما ذكرت في مقالي السابق- التي تستحق التعليق وكان أبرز ما فيها "بطاقة السيسي" ومن أغرب ما سمعته ما قاله أحد مؤيدي السيسي "الإخوان هم اللي عملوا البطاقة ويروجون لها"! إلى هذه الدرجة نجح الإعلام الانقلابي في تغييب العقول وإلغاء الفكر، فأصبحت بطاقة كتب عليها "السيسي منقذ مصر" من إعداد "الإخوان"... هل يعقل هذا؟! أم أنه نتاج طبيعي لحال الكراهية التي زرعها الانقلابيون؟

***

القفص الزجاجي الذي يجلس فيه الرئيس مرسي أثناء محاكمته يثير الكثير من التعليقات بين المصريين أغربها خاصيته الفريدة- كما قال ممثل الشامخ- أنها تسمح بنفاذ الصوت في اتجاه واحد فيسمع المتهمون ما يدور في الجلسة "هكذا قال رداً على دفاع المتهمين"، ولا يسمع من في الجلسة صخب المتهمين "كي لا يعطلوا الجلسات"... لكن الحقيقة أن كل ذلك يتم من خلال مفاتيح يضغط عليها القاضي متى شاء ويحجبها عندما يريد... فهل يتفق هذا مع العدالة المنشودة والشموخ المزعوم؟

***

يبدو أن البعض بدأ يدرك أخيراً خطأ تأييده للانقلاب ومدى خطورة تدخل الجيش في الحياة السياسية في مصر وإن منعه الكبر والكره إعلان ذلك صراحة، فأخذ يلف ويدور في التعبير عن رأيه الجديد، وهذا ما قلناه منذ 3 يوليو... ولكن لا بأس فالعودة إلى الحق أفضل من التمادي في الباطل.

***

شاعر الحب والرومانسية نزار قباني له رأي في الكراهية يقول فيه:

كرهت عصفورك إذا زقزق...

ولعنت جفنك إذا أطبق...

بوادر الذبول قد بدت على الزنبق...

أبداً بعد اليوم لن أعشق...

هل يمكن ألا يحب إنسان زقزقة العصفور...

هذا ما تفعله الكراهية.

وإلى مقال آخر إن كان للحرية (والحب) متسع.

back to top