نائب وزير الشؤون الإسلامية السعودي الدكتور توفيق السديري لـ الجريدة.:

نشر في 06-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 06-07-2014 | 00:02
No Image Caption
مواجهة لصوص الدين من أشباه العلماء ضرورة شرعية
«توحيد جهة الفتوى أصبح مطلباً مهماً لإنقاذ المسلمين من البلبلة»

حذر نائب وزير الشؤون الإسلامية السعودي، الدكتور توفيق السديري، من تفشي ظاهرة الإفتاء دون علم وإدخال السياسة إلى ميدان الدعوة، مؤكداً أن ظاهرة التكفير هي أحد تداعيات الخلط الخاطئ بين العمل السياسي والعمل الدعوي.
وطالب السديري في حواره مع "الجريدة" بضرورة أن تتعاون المؤسسات الدينية في كل الدول العربية والإسلامية لمحاصرة فوضى الإفتاء وما سماه انتشار لصوص الدين الذين يكفرون الناس بلا داع، وأشار إلى أن قضية المرأة السعودية شأن داخلي ليس من حق أحد الحديث فيه، ولابد أن يعي الجميع أن المرأة في السعودية مصونة وتنال حقوقها وفق أحكام الشريعة الإسلامية دون نقصان.
• بصفتك مسؤولاً عن المساجد في المملكة العربية السعودية كيف ترى دور المسجد في بناء الشخصية المسلمة في الوقت المعاصر؟

- للأسف فإن دور المسجد تراجع كثيراً في ظل تعدد أدوات اللهو التي سلطها علينا الغرب ليتحول المسجد لمكان لا يقصده المسلم إلا لدقائق قليلة يؤدي فيها صلاته لينصرف بأقصى سرعة تمكنه، وهو الأمر الذي يجعلنا نقول بلا أدنى مبالغة إن المساجد تواجه الآن مجموعة من العقبات في سبيل الدعوة، وقد تتابعت تلك العقبات على مدى السنين بتأثير من الغزو الثقافي الغربي وهجوم العولمة الترفيهية في أبشع صورها، بالإضافة إلى التشويه الإعلامي كل هذا كان له دور كبير في تراجع دور المساجد وانصراف كثير من الشباب عنه، واقتصرت المساجد على أماكن لإقامة الشعائر الدينية خصوصاً لكبار السن.

• وأين دور المؤسسات الإسلامية الرسمية في استعادة دور المسجد؟

- نحن من جانبنا نعمل على دعم المسجد وإمداده بالدعاة المؤهلين القادرين على اتباع أفضل فنون الاتصال بالشباب، حتى نجذبهم من جديد إلى المسجد، بحيث يستطيع الدعاة بث الأفكار الإيجابية، واجتثاث الأفكار السلبية من أذهان الشباب المسلم الذي سيخرج من المسجد بعد أن استمع للقرآن الكريم، وتهذب بخلق القرآن، ووقتئذ ستختفي من حياتنا كل الممارسات التي نرفضها جميعاً ويرفضها حتى الذين يقومون بها، ولكنهم بحكم العادة لا يستطيعون الإقلاع عنها إلا بحافز قوي، وليس هناك حافز أقوى من الدين ليلعب هذا الدور، ويجب أن نتذكر، ونحن نواجه هذه الظواهر غير الأخلاقية، أنها نوع من أنواع الفساد وانتشار الفساد جاء بسبب الناس أنفسهم، فالله تعالى يقول في كتابه الحكيم: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ". (الروم:41).

• وما رأيكم في الآراء التي تطالب بإدخال السياسة في خطبة الجمعة؟

- التسييس لا مكان له في الخطب، لكونه يؤدي إلى ويلات، ونحن في المملكة اتخذنا الكثير من الإجراءات لمنع الخطباء من الخوض في السياسات، إذ قامت الوزارة بعقد لقاءات وورش عمل ودورات للخطباء، خرجت منها بتوصيات انعكست بفاعلية على الخطب والخطباء، حتى أسهم ذلك في تطوير قدراتهم وتأهيلهم وتنمية أفكارهم، وخطبة الجمعة من شعائر الله التي يجب تعظيمها، وليست محلا للاجتهاد المفضي إلى النزاع والشحن، بل جاءت لتطييب النفوس وتهدئتها، أما الحديث في السياسة على المنابر فيجر إلى الخلاف الذي يهدد قدسية المسجد، ولنا في البلدان التي تعاني خلافات سياسية المثل والعبرة في ما يحدث داخل مساجدها، بسبب جر الإمام المعترك السياسي لخطبة الجمعة، والخطبة من شعائر الله التي يجب أن تؤدي أهدافها كتوعية الآخرين في مسائل دينهم، وليست لإثارة الناس أو للمهاترات، أو لتحويلها إلى منبر سياسي، فالمسجد هو مكان لجمع القلوب وللتوعية لا لنشر الضغائن والفتن والبلبلة بين أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم وأطيافهم.

• انتشرت ظاهرة تصدي كل من هبّ ودبّ للإفتاء في شؤون الدين فكيف نتصدى لتلك الآفة؟

- كلامك به جانب كبير من الصحة، وللأسف انتشرت ظاهرة أسميها أنا "لصوص دين" وأقصد بهم من يفتون بغير علم، وهؤلاء أخطر على المجتمع من لصوص الدنيا، وخطرهم أكبر لأنهم يخدعون الناس بأحب شيء لديهم، وتعريتهم لا يمكن أن يتصدى لها تيار واحد أو شخص أو مجموعة من الأشخاص، بل لابد من تضافر جهود أكثر من جهة ليكون العمل وفق منظومة متناغمة، ولابد من التصدي لهذه الظاهرة ومعالجة هذه القضية بجميع الدول العربية والإسلامية، إن الدعوة والفتوى شابهما خلال العقود السابقة دخول أناس غير مؤهلين لهم أجندات تخدم أهداف أعداء الأمتين العربية والإسلامية، وعلى الجميع أن يدرك حالياً مدى خطورة أمثال هؤلاء وضرورة إبعادهم عن مجال الفتوى والتوجيه، وهو ما أكدت عليه جلسات المؤتمر، مشدداً على ضرورة التطبيق العملي بتفعيل ما سيصدر عن المؤتمر من توصيات على أرض الواقع في كل بلد إسلامي لضبط الفتوى والتوجيه وقطاع الدعوة والإرشاد فيه.

• بصراحة لماذا لا تتم مواجهة ظاهرة تصدي غير المؤهلين للفتوى في المملكة السعودية؟

- نحن منذ فترة طويلة نعمل على ضبط عملية الفتوى، حيث وجه خادم الحرمين الشريفين قبل عدة سنوات بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء فقط، وهو ما كان له آثار إيجابية كبيرة، ما أعاد الحق إلى أهله وأصبحت المرجعية في الفتوى لهيئة كبار العلماء، ونحن نعمل على نشر تجربتنا في هذا المجال، وطالبنا كثيراً بميثاق عمل بين علماء الدول الإسلامية بإعادة الدور إلى مؤسسات الإفتاء بتلك الدول، لتتولى وحدها دون غيرها إصدار الفتاوى بعيداً عن المذهبية أو الأهواء السياسية، خصوصاً أن الفتوى اختطفت من أهلها الشرعيين وهم العلماء والمتخصصون في الكثير من المجتمعات الإسلامية لأغراض سياسية أو شخصية أو مذهبية وأولويات أخرى، مما أسهم في انتشار فوضى الفتاوى واستغلها أعداء الإسلام لإشاعة الفرقة بين المسلمين، فلابد من إعادة الدور الحقيقي لمؤسسات الفتوى بالدول الإسلامية واحترام التخصص لمحاربة التشدد والغلو والمتاجرة بالدين.

• توجه الكثير من المنظمات العالمية انتقادات للمملكة بسبب ما تسميه وضع المرأة السعودية غير الجيد، فكيف تردون على ذلك؟

- قضية المرأة هي محور صراع بين تيارات المجتمع السعودي، فالكل يعلق على شماعة المرأة، وفي موضوع المرأة السعودية يختلط كثيراً الديني بالاجتماعي، فهناك تفاصيل كثيرة مرتبطة بالعادات والتقاليد والأعراف أكثر من ارتباطها بالشرع والوحي، وهناك ثوابت شرعية تتعلق بالرجل والمرأة لا يختلف عليها، ونحن نود تأكيد أننا لم ولن نسمح لأي تيار أو أية جهة خارجية أو داخلية أن تعبث بقضية المرأة وتضرب على هذا الوتر بهدف بعيد كل البعد عن مصلحة المرأة السعودية، فالجميع في المملكة مقتنع بشرعية الدولة وهويتها الإسلامية، ومن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط، والله يميز الخبيث من الطيب، والمرأة في المملكة لها دور كبير يجب ألا يغفله أحد، فهي تستطيع أن تفرض صوتها على الصوت الذكوري، لاسيما أن توجه الدولة في جانبها ويدعمها، وها هي اليوم وصلت إلى وظائف قيادية عليا، ودخلت مجلس الشورى السعودي.

back to top