رغم أن العاصفة "أليكسا"، التي ضربت لبنان، كست مناطق عدة في البلاد الثوب الأبيض، إلا أن اللون الأسود لا يزال يحيط بالأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، والتي يترتب عليها تداعيات أمنية خطيرة، على خلفية الترابط بين لبنان وتطورات الأزمة السورية.
إلى ذلك، لا تزال "عاصفة" حكومة الأمر الواقع تعصف بتصريحات السياسيين، ولكنها تبدو كعاصفة في فنجان، إذ إن مراقبين يعتبرون الحديث عن نية رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام الإعلان عن حكومة أمر واقع تتجاوز الخلافات السياسية القائمة، هو مجرد جس نبض من قبل قوى سياسية لا علاقة لها بسليمان ولا بسلام. وفي وقت تلتزم قوى "14 آذار" الحذر تجاه إعلان حكومة أمر واقع، رغم أنها تدعم هذا التوجه، تبدو "قوى 8 آذار" مندفعة إلى رفض تشكيل حكومة قد يستثنى منها "حزب الله"، خصوصاً أن الحزب الذي يشارك في المعارك بسورية إلى جانب نظام الرئيس بشار لأسد، يضع أمر مشاركته في هذه الحكومة الجديدة في موقع مهم جداً، لأنه يَعتبر أن المشاركة ستمنح تدخله العسكري في سورية غطاء لبنانياً. وفي هذا السياق، حذر رئيس "حزب التوحيد العربي" وئام وهاب أمس، خلال استقباله سفير روسيا ألكسندر زاسبيكين، سليمان من تشكيل حكومة أمر واقع ، وتوجه إليه بالقول: "يا فخامة الرئيس، الحكومة المقبولة هي بصيغة 9+9+6 (9 وزراء لقوى 14 آذار، و9 لقوى 8 آذار و6 وزراء للقوى الوسطية ومنها رئيس الجمهورية) ، وأي حكومة تخالف هذا المبدأ ستكون لعباً بالنار، ولا نعتقد أنك تريد أو قادر على اللعب بالنار في ظل هذه الظروف، لأن اللعب بالنار يشعل حريقاً لا يعرف أحد نتائجه في لبنان، ولا نعتقد أنك ممن يريدون إشعال هذا النوع من الحرائق". وفي هذا "البازار" العبثي لايزال الحديث متواصلاً عن "تعويم" حكومة تصريف الأعمال، التي يرأسها نجيب ميقاتي، وعن توجه تدعمه دول أوروبية إلى تمديد جزئي لسليمان في رئاسة الجمهورية، في وقت تتزايد المخاطر الأمنية مع تزايد الحديث عن مخطط لاستهداف مناطق مسيحية بعمليات إرهابية خلال عيدَي الميلاد ورأس السنة. ووسط حالة الخطر الأمني والجمود السياسي، المخروقة من مناورات سياسية "لا طعم لها ولا لون"، برزت أمس زيارة رئيس الحكومة الإيطالية أنريكو ليتا إلى لبنان ولقاؤه سليمان وميقاتي، حيث أعلن أن روما ستضيف 50 مليون دولار من المساعدات إلى النازحين السوريين في لبنان، وذلك بعد زيارته مخيمات تضمهم، مشيراً إلى أن بلاده ستنظم اجتماعاً في روماً لدعم الجيش اللبناني. في سياق آخر، وبعد هجوم من رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، على السفير السوري لدى بيروت علي عبدالكريم علي، ووصفه إياه بـ"الرجل الغشاش"، وجّه عضو "الجبهة" النائب أكرم شهيب انتقادات لاذعة لعلي واصفاً إياه بـ"الشبيح الكبير". وكان السجال اندلع بين الطرفين عندما قال علي إن الكلام عن أن أبواب الرئيس السوري بشار الأسد مفتوحة أمام تيمور جنبلاط نجل وليد جنبلاط مجرد كلام صحف، ما دفع جنبلاط إلى القول بأنه ونجله لن يزورا دمشق إلا بعد تحريرها من "العصابة الحاكمة".
دوليات
لبنان: حكومة «أمر واقع»... عاصفة في فنجان؟
15-12-2013