برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء، انطلق أمس قارب «الأمل» في رحلته المطولة التي تستغرق 210 أيام، في زيارة لـ19 دولة عبر العالم، لإظهار الوجه الحضاري للكويت في الاهتمام بذوي الإعاقة الذهنية.

Ad

في حفل كبير حضره عدد من الشيوخ والوزراء والمحافظين، وكبار المسؤولين في الدولة، ودّع رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك فريق قارب "الأمل"، الذي انطلق في رحلته أمس من مرسى "المارينا كريسنت" بالسالمية، متوجها إلى مملكة البحرين الشقيقة في بداية جولة مطولة تستغرق 210 أيام، وتزور 19 دولة عبر العالم، لإظهار الوجه الحضاري للكويت في الاهتمام بذوي الإعاقة الذهنية.

وأكد المبارك، في تصريح صحافي عقب توديع القارب، أن "رعاية صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد لرحلة الأمل منذ بدء فكرتها تعزز مكانتها في العالم، وتساهم في تحقيق اهدافها الإنسانية"، مؤكدا حرص سموه الأمير على رعاية جميع أبنائه واحتضانهم.

وأعرب المبارك عن تقديره للجهود التي يبذلها القائمون على الرحلة، لما تحمله من رسالة حضارية وانسانية إلى العالم "بضرورة الاهتمام بذوي الاحتياجات من الفئات كافة، ورعايتهم وتذليل العقبات التي تعترض حياتهم"، مؤكدا اعتزاز الكويت بأبنائها من فئة المعاقين ذهنيا، الغالين على قلوبنا جميعا، فضلاً عن حرصها على توفير سبل الرعاية والعناية التي تحقق لهم الحياة الكريمة والاندماج في المجتمع.

الحاضر والماضي

من جانبه، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الامة الشيخ محمد العبدالله أن "هذه المناسبة السعيدة تربط بين حاضرنا المستنير وماضينا الذي يزخر بالانجازات"، لافتا إلى أن "هذه الانطلاقة تذكرني بما كان يعيشه اباؤنا واجدادنا أيام ما قبل اكتشاف النفط، أيام الغوص والرحلات البحرية الطويلة التي كانت تمتد بالأشهر".

وأضاف: "كما كان آباؤنا واجدادنا يرجعون إلى أرض الوطن سالمين غانمين، فأنا كلي ثقة بأن فريق (رحلة الأمل) سيعود بسلام إلى أرض الوطن العزيز، بعد إيصال رسالته السامية الى دول العالم أجمع".

بدوره، قال رئيس مجلس أمناء "رحلة الأمل" فيصل الحجي في كلمة خلال الحفل، إن "المشاعر تختلط والكلمات تتدافع للتعبير عن مقدار سعادتنا جميعا حين نلتقي في هذا البلد الطيب لنحتفي بهذا الحدث الذي يحلق بنا إلى آفاق رحبة من الاهتمام الانساني بفئة من البشر خلقها الله عاجزة عن بعض مما حبا أقرانها من كمال القدرات، ولكنه جلت قدرته وهب هذه الفئة نقاء ومواهب وعبقريات وإمكانات قل نظيرها لدى الآخرين".

التراحم والمودة

وأوضح الحجي أن "هذه الفئة هي جزء منا ونحن جزء منها، رعايتها واحتضانها واجبة علينا وليست منّة، وهي مسؤولية مستحقة وليست ترفا، وسيحاسبنا الله على عدم الوفاء بها"، مؤكدا أن صور التراحم والمودة هي واجب من واجبات الحياة، ومحل سؤال بعد أن نصبح جميعا بين يدي الخالق والرحمن الرحيم، لافتا إلى أن "تلك الفئة هي من ذوي الاعاقات الذهنية من متلازمة الداون والتوحد وبطيئي التعلم، وسواهم من ذوي الاعاقات الذهنية الاخرى الذين سعينا لأن تكون رحلة الأمل حاضنة لآمالهم وتطلعاتهم ومطالبهم".

وأضاف أن "المطالب تكمن في سعي المجتمع لدمجهم وصقل مواهبهم والاستفادة من قدراتهم وعدم عزلهم واهمالهم، وأن يسلط الضوء على انجازاتهم، وأن ينادى بالمزيد من رعايتهم تعليميا وصحيا واجتماعيا، مع توفير سبل العيش الكريم لهم".

ولفت إلى أن "رحلة الأمل" كانت حلما سكن عقل اثنين من أولياء امور لأبناء من متلازمة الداون هما جاسم الرشيد البدر، وبادي الدوسري، اللذان ودعا مع أسرهما ترف الحياة وملذاتها على مدى ما يتجاوز 10 سنوات ليكرسا جهدهما وعطاءهما لاحتضان وشحذ مواهب أبنائهما "مشعل وخالد"، ليقولا للعالم إن ابنيهما أفضل منهما قدرة وعطاء، وإن مشاركتهما في البطولات العالمية رفعت اسم وعلم الكويت عاليا، وحصدت الميداليات الذهبية والفضية خلال مسابقات السباحة في مختلف أرجاء العالم".

واشار الحجي الى ان الاحتضان والرعاية الابوية لهذا المشروع من والد الجميع سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد كانا المنطلق للاستعدادات وتهيئة الظروف لإنجاح المشروع، حيث تدافعت من بعده جهات عدة والمؤسسات الرسمية والشعبية مشكورة لدعم المشروع ومساندة جهود التحضير له، مواصلة الليل بالنهار طول السنوات الثلاث الماضية.

قارب «الأمل»

وقال الحجي إن "قارب الرحلة مصنوع محليا بسواعد كويتية حيث سيبحر طاقم الرحلة ويجوب الخليج العربي ثم بحر العرب فالبحر الاحمر فالبحر الابيض المتوسط عبر 19 دولة و39 ميناء، وسيقطع مسافة 26000 كيلو متر على مدى سبعة اشهر، وصولا الى واشنطن دي سي العاصمة الاميركية لتسليم الاولمبياد الخاص الدولي رسالة الكويت الحضارية المتعلقة بالعناية بذوي الاعاقات الذهنية، ثم ليعودوا الى الكويت في الاول من ديسمبر من العام الحالي بعد تنفيذ 20 احتفالية في دول المسار، رافعين علم الكويت بيد وقضايا المعاقين ذهنيا والدفاع عنها باليد الاخرى".

وشكر الجهات الراعية، رسمية كانت أو اهلية، التي لم تبخل بتقديم كل ما احتاجته وتحتاجه الرحلة من تسهيلات وعون، متقدما بالشكر الخاص إلى سمو امير البلاد، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء كافة.

مسيرة الرحلة

ومن جهته، شرح أمين سر مجلس امناء "رحلة الأمل" يوسف الجاسم مسيرة الرحلة قائلا: "لابد من الاشادة بدور القائمين على الرحلة وحضور رئيس مجلس الوزراء، كما أنه لابد من الاشارة الى الدعم الحكومي والاهلي للرحلة، لافتا إلى أن الطاقم المتواجد على متن القارب يتكون من 9 افراد من القوة البحرية، و7 اشخاص مدنيين منهم ذوي الاعاقة، مؤكدا أنه تمت الاستعانة بشركة اجنبية متخصصة لتصوير الرحلة منذ خروجها حتى عودتها، وسيتم الربط بمركز العمليات لتتم المتابعة على مدار الساعة.

وقال الجاسم: "نحن سعداء بتدشين رحلة الأمل التي حضرنا لها منذ 3 سنوات بعد الرعاية الكريمة من سمو الأمير، ودعم من مؤسسات الدولة، وعدد من المؤسسات الأهلية والشعبية".

بدوره، اعرب رئيس فريق الإبحار جاسم البدر عن امله أن يكون هذا الجمع بداية "فزعة" جديدة لفتح القلوب وتشريعها لذوي الإعاقات الذهنية، كما تقدم بالاعتذار إلى تلك الفئة عن المعاناة التي سببت لهم لفترات طويلة، مؤكدا انه "مهما عملنا فلن نستطيع أن نُرجّع ما ضاع من اعمارهم نتيجة اهمالنا وتقصيرنا معهم".

خطوة جريئة

من جانبه، قال مدير الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة د. جاسم التمار، إن "هذه الاحتفالية قام بها أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، من أصحاب الاعاقات الذهنية، وهذا العمل ليس بغريب عليهم، ويعتبر خطوة إجرائية جريئة للقيام بهذه الرحلة لتحقيق أهدافها الخاصة باسم الكويت، والتي ستمر عبر دول عدة، ونحن نفتخر بهذه المبادرة التي قام بها فريق العمل".

وأضاف أن "هيئة الإعاقة حريصة على تقديم اشكال الدعم كافة، سواء المادي او المعنوي او التنظيمي، ولن تتردد في عمل اي شيء يخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، وسنكون أول المبادرين، لاسيما أن الهيئة مسؤولة عن جميع المعاقين"، متمنياً التوفيق للرحلة في رفع اسم الكويت عاليا.

ومن جهتها، قالت رئيس جمعية أولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي، إن "المشاعر والعواطف مزيج بين الفرح والحزن، فالفرح لأن حلما اصبح حقيقة بعد سنوات من التعب والجهد، والحزن لأننا سنفارق أحباءنا لفترة نتمنى ألا تطول".