«لأنني أحبك» رواية للكاتب الفرنسي المشهور غيوم ميسو الذي تحقق رواياته أعلى مبيعات في فرنسا وتصل إلى ملايين النسخ باللغة الفرنسية، وملايين أخرى باللغات المترجمة، وعلى هذا فهو متصدر المبيعات الأعلى والأكثر في الرواية الفرنسية، ويعتبر غيوم ميسو ملك الرواية الشعبية التي تبيع ملايين النسخ، وإن كان هو غير راض عن لقب ملك الرواية الشعبية الذي وضعه النقاد الكبار في خانتها، وقد حاول مرارا وتكرارا أن يُخرج رواياته من صفة وخانة الرواية الشعبية إلا أنه لم يتمكن من ذلك، لكنه في النهاية رضخ لحكم النقاد وقبل به واكتفى بما تعود عليه من شهرة وأموال، وبكونها الأكثر بيعا لا تعني الأفضل بل الأدنى في مستويات القراءة التي تناسب الأغلبية الشعبية الأكبر من فئات القراء.

Ad

وخيراً فعل غيوم ميسو بقبوله ورضوخه لخانة تصنيفه هذه، فأغلبية الكتاب يرفضون مقام الرواية الشعبية ولا يقبلون بالتصنيف هذا ولا يعترفون به، لأنه ينزل مستوى رواياتهم إلى المستوى الشعبي ويبعدها عن المستوى النخبوي، وهو الأمر الصعب أن يُجمع ما بين الفئتين لاختلاف مستوى الإدراك والوعي في التلقي، والأفضل هو الرضا والرضوخ بمقام الرواية الشعبية التي تعكس مستوى العمل وتصنفه بمدى الإقبال والتهافت على شرائه، وهذا لا يسيء إلى الرواية الشعبية بالمطلق، فهناك روايات شعبية وصلت جودتها إلى كلاسيكيات الأدب العالمي العظيم.

مستويات القراءة هي التي تحدد صنف الكتابة وصنف قُرائها، وحين يعلو وينضج مستوى القراءة، تتضح مستويات الكتب وتصنيفاتها، فهناك كتب تُقرأ وتعاد قراءتها مرات كثيرة ولا يُفرط بها، وهناك كتب تُشترى لشهرتها بالصدفة أو لعدم المعرفة بمستواها لتُقرأ في القطارات والحافلات وصالات الانتظار ثم تُترك على المقاعد دون أسف عليها، ومن هذه الكتب رواية «لأنني أحبك» التي اشتريتها بترشيح بائع المركز الثقافي العربي لها، وبسبب جودة اختيارات الدار اشتريت كتابين لغيوم ميسو، قرأت أحدهما ولن أقرأ الاخر، ومصير الاثنين هو التخلص منهما، والتي قرأتها ستكون أول وآخر رواية أقرأها له.

الرواية الممتدة على عدد صفحات 315 لا تضيف قراءتها أي شيء لقارئها، لا علم لا معرفة لا متعة لا فائدة، رواية تثرثر وتعيد حياكة أحداث تحصل بشكل دائم في المجتمع الأميركي، منقولة نقلا حيا عن أبطالها وهم نماذج معروفة ومشهورة انتحل الكاتب شخصياتها ليعيد بثها في حياة أبطاله، ومنهم باريس هلتون ابنة مالك سلسلة فنادق الهلتون، ودكتور علم نفس مشهور تداولت طرق علاجه في الأفلام السينمائية، وشحاذي الشوارع الذين نقابلهم في العواصم الكبرى، هذه الشخصيات المعروفة تصرفاتها وأسلوب حياتها بشكل فاقع، جُمعت في رواية أعادت بث شريط حياتها في ثرثرة لتفاصيل معروفة وغير مهمة فقط لتزيد عدد صفحاتها دون استفادة عميقة من تحليل هذه التفاصيل التي نُقلت من خارج مشاهدها.

في النهاية أوجد الكاتب حلا سعيدا لكل أبطال روايته ولكل معاناتهم على طريقة الأفلام الهندية، ليعيش الجميع في سبات ونبات مخلفين الصبيان والبنات، وتوته توته خلصت الحدوتة، الساذجة في الطرح وفي التناول وحتى في شكل تقنياتها التي جاءت على طريقة أفلام الآكشن المستهلكة إثارتها التي لم تأت بشكل جديد ومغاير، فكل ما أتت به من تقنيات سبقته إليها أفلام سينمائية عديدة من قبلها، لكن الكاتب استفاد تماما من هذه التقنيات وأجاد توظيفها في تركيب أحداثها ضمن مشاهد أكشن سريعة ساعدت على بلع النص الطويل وشد القارئ إليها على الأقل حتى يصبح قادرا على إنهائها.

تبقى في النهاية أنها لم تضف لي أي مكسب معرفي كان، ولم تستطع أن تمنحني أي شكل من أشكال المتعة، فقط بقيت أهرول ببصري على صفحاتها بمرور سريع لا يستحق التوقف أو التريث عند سطورها.

هذا النوع من الروايات خُلق ليُترك على الكراسي أو في الأماكن التي نخلفها وراء ظهورنا من دون حتى أن نكلف أنفسنا بإلقاء نظرة أخيرة خلفنا.